«عندى رأى»

«المرأة التى أسكنها»

عمر يوسف
عمر يوسف

عمر يوسف

امرأة فائقة الجمال.. يشع قلبها نورًا يشعر به كل من يقابلها..تملك كلماتها سحراً أخَّاذاً يجبرك على تصديقها حتى وإن كان عكس ما تعتقد.. إذا كان كاهلك مثقلاً بالهموم والأحزان يكفى أن تجلس أمامها لدقيقة واحدة حتى تنسى الدنيا وما عليها.. تلك المرأة هى أمى.
 خير مثل لى فى هذه الحياة، لم تعلمنى بنصائحها وتوجيهاتها وإنما بأفعالها التى رسخت فى عقلى واستقرت فى وجدانى.. المعنى الحقيقى للعطاء دون مقابل..اعتادت أن تساعد غيرها بكل ما فى جيبها..جعلتنى أتمنى أن ينعتنى الناس بـ»الساذج» فضلاً عن نعتى بالمراوغ أو المنافق.
استيقظت فى أحد الأيام قبل ساعات من الفجر وعبرت على غرفتها لأطمئن على نومها، وجدتها غارقة فى صلاتها، وبمجرد أن لامست جبهتها الأرض فى السجود انفرجت فى الدعاء لنا ودموعها تقطع كلامها، تفضل سعادتنا على سعادتها.. تقدم إلى ربها وعوداً كبيرة من الصلاة والصيام مقابل نجاحنا وتوفيقنا.
تعلم ما فى نفسى واعلم ما فى نفسها، تشعر بكل ما يدور فى قلبى وعقلى حتى دون أن أحادثها، وكذلك عندما أنظر فى عينيها أعلم بكل ما يدور فى خُلدها.. ما يربطنا ليست علاقة أم وابن فقط، بل علاقة روحية خالصة لا يفهمها سوى كلينا.
 تعلم بكل ما يحدث لى رغم طول المسافات بيننا.. كلما مرت بى مشكلة أو ضائقة أجد هاتفى يناجى باسمها لتسألنى عن حالى وما إذا كنت سعيداً أم هناك مكروه.. حتى أصبحت أنتظر اتصالها كلما وقعت فى مشكلة ولم تخب ظنى من قبل..كانت تشجعنى على العمل منذ صغرى حتى يشتد عودى ويَصلب كيانى.
عاملتنى كرجل منذ أن كنت فى العاشرة من عمرى وألقت بى فى بحر الحياة لأتعلم السباحة بمفردى حتى أكون سباحاً ماهراً.
 تحادثنى عن الزواج وأن أقصى أمانيها أن تشاهد أحفادها، فأخبرها أننى لم أقابل تلك المرأة التى تنتزع مكانها فى قلبى وتشاركها حبى، أُخبرها أنها سكنى ومسكنى، هديى وهُداى..لقد اكتفيت بأمى فى هذه الحياة وأعيش فقط لأجل إسعادها ولمس البسمة والفرحة تزين وجهها.
«أسأل الله ألا أرى فى أمى مكروها»