مهرجان نيويورك.. صفعة على وجه العنصرية فى الهواء الطلق

مهرجان نيويورك
مهرجان نيويورك

يأتى مهرجان نيويورك هذا العام برغبة قوية فى تضميد الجروح التى شهدتها أمريكا مؤخرا وتحديدا جرح العنصرية بعد مقتل جورج فلويد،  وهو الأمر الذى تسبب فى ردة أفعال قوية، ويحاول المهرجان توجيه صفعة للعنصرية، وفى الوقت نفسه تحدى وباء كورونا.

 

قد فكر القائمون على المهرجان خارج الصندوق. فبالرغم من الوباء سينعقد المهرجان حضوريا فى الهواء الطلق من خلال عروض السيارات حيث يتم عرض الأفلام على الشاشات الكبيرة فيما يشاهد الجمهور الأفلام وهم جالسون فى سياراتهم بالإضافة طبعا إلى أنه ستكون هناك بعض الندوات والعروض عبر تقنية الواقع الإفتراضى وبسبب هذه النظام ستمتد فترة المهرجان إلى أكثر من ثلاثة أسابيع فستنعقد هذه الدورة الثامنة والخمسين من مهرجان نيويورك السينمائى فى الفترة من 17 سبتمبر وحتى ١١ أكتوبر.


والحقيقة أن أجمل ما فى هذه الدورة الاستثنائية هو أنها ستعرض دفعة واحدة ثلاثة أفلام حديثة للمخرج البريطانى الكبير ستيف ماكوين صاحب فيلم « 12 عاما من العبودية».


وكان المخرج ستيف ماكوين قد أعلن فى السابق أنه سيهدى خمسة أفلام إلى روح جورج فلويد لتكون هذه الأفلام عن أصحاب البشرة السمراء وقال « أهدى هذه الأفلام إلى روح جورج فلويد وإلى كل الذين تم اغتيالهم من أصحاب البشرة السمراء بسبب لونهم سواء فى أمريكا أو بريطانيا أو أى مكان آخر فإذا كانت العنصرية هى الشجرة الكبيرة فنحن سنكون الفأس الصغيرة لأن حياة أصحاب البشرة السمراء مهمة».


وإلى الآن قد انتهى ستيف ماكوين من ثلاثة أفلام ستعرض كلها فى نيويورك السينمائى أولى هذه الأفلام الثلاثة هو فيلم افتتاح المهرجان Lovers rock أو « صخرة المحبون « وهو فيلم رومانسي غنائى تدور أحداثه فى حقبة الثمانينات حول قصة حب بين شاب وفتاة يحدوهم الأمل بأن يبقيا بجانب بعضهم إلى الأبد ويعرض الفيلم الحب الحقيقى والمشاعر المبهجة فى حياة أصحاب البشرة السمراء. أما ثانى الأفلام فهو Mangrove وهو فيلم مستوحى من أحداث حقيقية وقعت فى بريطانيا وتدور أحداثه فى أوائل السبعينيات حيث اشتبكت الشرطة مع مظاهرات لأصحاب البشرة السمراء وكانت المرة الأولى التى يعترف فيها القضاء البريطانى بأن عنف الشرطة تجاه المتظاهرين كانت وراءه العنصرية فى المقام الأول.


بينما ثالث الأفلام فهو Red،white and blue أو «أحمر وأبيض وأزرق» وهو مبنى أيضا على أحداث حقيقية حول فتى أسمر يشاهد اثنين من رجال الشرطة وهما يوجهان الإهانة لوالده كبير السن تعبيرا عن عنصريتهم تجاه لونه الأسمر.


وبحانب أفلام ستيف ماكوين يعرض المهرجان أيضا فيلم المخرجة الكبيرة كلوى تشاو Nomadland أو «أرض الرحالة».


والملاحظ أن هناك حالة كبيرة من الاحتفاء بهذا الفيلم الأمريكى فهو تقريبا حاضر فى كل المهرجانات السينمائية الكبيرة هذا العام وعلى رأسها فينيسيا وتورنتو والفيلم درامى يصور صعوبات بعض العمال فى أمريكا والذين يعملون رحالة ويواجهون ظروفا طبيعية قاسية ويعيشون أوقاتا صعبة يناضلون فيها للبقاء على قيد الحياة والفيلم بطولة نجمة الأوسكار الشهيرة فرانسيس مكدورماند التى عرفت بدورها العبقرى فى فيلم « ثلاث لوحات إعلانية خارج ايبيننغ ميسورى « للمخرج مارتن ماكدونا.


كما يعرض فى هذه الدورة أيضا فيلم المخرج الفرنسي فيليب لاكوت « Night of the kings» أو « ليلة الملوك « وتدور أحداثه حول سجين شاب أسمر البشرة يتم إرساله إلى سجن ذا طبيعة خاصة فى أبيدجان يقع فى منتصف غابة وهو سجن يحكمه السجناء أنفسهم وعليه أن يخبرهم بقصته حتى يستطيع الحياة وسطهم.


وتعرض فى هذه الدورة حوالى 25 فيلما من 19 دولة مختلفة فبجانب المخرجين المشهورين يقدم المهرجان أفلاما لمخرجين جدد يقدمون أولى تجاربهم للعالم.


ويشهد المهرجان عرض مجموعة قوية من الأفلام الوثائقية منها Notturno وهو فيلم للمخرج جيانفرنكو روزى والفيلم بشكل أساسي يقدم صورة حقيقية معاناة الناس العميقة فى المناطق الحدودية التى دمرتها الحروب فى كل من العراق وسوريا.


وكذلك فيلم المخرج فريدريك وايزمان «city hall» وهو فيلم وثائقى عن الكواليس الحكومية فى بوسطن حيث يتم التلاعب فى القضايا يحيث يتم تغيير لوائح الاتهام فى قضايا العنصرية بحيث يتغير مجرى العدالة والفيلم بصفة عامة يلقى نظرة حزينة على ماضى وحاضر أمريكا العنصري.


وتنضم إلى هذه القائمة القوية من الأفلام الوثائقية فيلم «the calming» أو « التهدئة « وهو فيلم للمخرجة سونج فانج وتدور أحداثه الحقيقية حول مخرجة أفلام تقرر القيام برحلة حول العالم بعد انهيارها العاطفى إثر انفصال حبيبها عنها لتصحب المشاهد فى رحلة من المشاعر الأنثوية التى تبدأ بالانهيار وتنتهى بالسلام الداخلى.


وكذلك فيلم I carry you with me وتدور أحداثه حول رحلة مهاجرين من إسبانيا إلى أمريكا والصعوبات التى تعرضوا لها.


وبالرغم من محاولات إدارة المهرجان الجادة فى إقامة هذه الدورة بشكل شبه طبيعى برغم ظروف وباء كورونا إلا أنه بقى للوباء تأثير على هذه الدورة بشكل أو بآخر فقد قال دينيس ليم ، مدير برمجة المهرجان إنه كانت هناك حالة من الارتباك وعدم اليقين طوال هذا العام دفعتنا إلى التفكير فى مبادئنا الأساسية وهدفنا الجماعى من إقامة المهرجان وقد بدأنا من البداية وأجبنا عن سؤالين لماذا نصنع الأفلام؟ ومالذى نريد تجاوزه فى حاضرنا المضطرب ؟ وبعد الإجابة عن هذه الأسئلة اخترنا الأفلام التى تردد صداها مع الإجابات والتى شعرنا أن الجمهور سيكون متحمسا فعلا لرؤيتها واستكشافها ومناقشتها مع صناعها.