عين على الحدث

هيروشيما وناجازاكى.. ذكرى تأبى النسيان

آمال المغربى
آمال المغربى

رغم مرور 75 عاما على كارثة القاء الولايات المتحدة قنبلتين ذريتين على مدينتى هيروشيما وناجازاكى فى اليابان، فإنه لا أحد ينسى هذه المأساة فهناك اكثر من 130 الف ناجٍ من الكارثة يواصلون سعيهم لإبقاء اثر المأساة حيا ونقله إلى الأجيال الجديدة حتى لا يتكرر الأمر.
الناجون من القصف الذين يعرفون فى اليابان بعبارة «هيباكوشا» وهم الذين عانوا من تداعيات مدمرة فى المدينتين؛ كان من بينها التسمم الإشعاعى والصدمات النفسية.. متوسط أعمارهم الان يزيد على 83 عاما، ومنذ عقود يعتبرون قضيتهم هى الدعوة للتخلى عن السلاح النووى وكان العديد منهم أطفالا رضعا أو لم يولدوا بعد.
بعد ان استسلمت ألمانيا لقوات الحلفاء فى مايو عام 1945 كانت الحرب مستمرة فى آسيا واليابان، واعتقدت الولايات المتحدة أن إلقاء قنبلة نووية من شأنه أن يفرض استسلاما سريعا دون المخاطرة بخسائر أمريكية على الأرض.. وفى السادس من أغسطس أسقطت الولايات المتحدة القنبلة الأولى - التى سميت بـ»الولد الصغير» - على هيروشيما.
فى ذلك اليوم احترق كل شيء فى المدينة.. الناس، الطيور، الحشرات، الحشائش والأشجار وكل شيء. مات الكثير من الناس ممن دخلوا المدينة بعد القصف من أجل المشاركة فى جهود الإنقاذ أو البحث عن أقاربهم وأصدقائهم، بينما عانى الناجون من أمراض.
بعدها بثلاثة أيام فى 9 اغسطس أسقطت الولايات المتحدة قنبلة أخرى، أطلق عليها اسم»الرجل البدين» فوق مدينة ناجازاكي قالت تقديرات إن نحو 140 ألفا من سكان هيروشيما قد قتلوا، وأن نحو 74 ألفا آخرين على الأقل لقوا حتفهم فى ناجازاكي وأدى الهجوم النووى إلى نهاية مفاجئة للحرب فى آسيا، إذ استسلمت اليابان للحلفاء فى 14 أغسطس غير أن البعض يرى أن اليابان كانت على أى حال على شفا الاستسلام.
تيرومى تاناكا (88 عاما) احد الناجين من القنبلة الذرية كان فى الثالثة عشرة من العمر حين القى الأمريكيون القنبلة الذرية على مدينته ناجازاكي، حيث شهد مقتل عشرات الاف.. منهم من ماتوا على الفور ومن مات فى الاشهر اللاحقة.. وقضى تاناكا القسم الأكبر من حياته يروى تجربته على أمل أن يتم حظر الاسلحة النووية فى العالم وهو يقول: «يجب ألا تتكرر هذه المأساة، ومن أجل ذلك يجب أن يستمع الناس إلى الوقائع».
 ومن الناجين ايضا جيرو هاماسومى 74 عاما، وهو من أصغرهم سنا إذ كانت والدته حاملا به عند انفجار القنبلة فى هيروشيما وكان محظوظا حيث ولد فى فبراير 1946 ولم يعان من الآثار التى ظهرت على العديد من الأطفال نتيجة تعرضهم للإشعاعات فى ارحام امهاتهم.. وقيل له إن والده قتل على الفور عقب القاء القنبلة على هيروشيما.. ما يعرفه عن القصف رواه له أشقاؤه.. فقد كان والده يعمل على مسافة قريبة من نقطة سقوط القنبلة وبعد بحث مُضنٍ عن والده عثروا على «شيء يشبه جسده» وحلقة حزام ومفتاح وبقايا محفظة.
 ولان الناجين من القصف يعرفون ان الموت سوف يغيب جميع من شهدوا هذه المأساة إن آجلا أو عاجلا فقد قرروا نقل إرثهم من ذكريات القصف المريرة على شكل أرشيف للمأساة.. بما فى ذلك ما كتبوه بأنفسهم ليكون متاحا للاجيال من خلال ناشطين شباب ينحدر العديد منهم من هيروشيما وناجازاكى نشأوا على ذكريات الذين نجوا من القصف ليحذروا العالم من اخطار السلاح النووى على البشر والحجر.. فهل يستمع اليهم احد؟!