يوميات الأخبار

يا بنتى لا تكونى استثنائية مثل أمينة خليل !

هشام مبارك
هشام مبارك

كنت من المؤمنين دائما بأن من يمسك بالريموت كنترول فى يده لن يستطيع أحد أن يفرض عليه عملا بعينه ليشاهده.

( إللى قادرة )
الخميس:

أقلعت والحمد لله منذ فترة ليست قصيرة عن المشاهدة المتعمدة لمسلسلات التليفزيون. أقصد بالمشاهدة المتعمدة أى تلك المشاهدة التى أكون قد خططت لها من قبل بأن استهدف مسلسلا معينا وأظل أنتظر موعده على أحر من الجمر مهما كنت مرتبطاً بأية مواعيد أخرى. مؤخرا تحولت بفعل أشياء كثيرة إلى المشاهدة العشوائية، وأقصد بها تلك التى تحدث صدفة أثناء ممارسة أى عمل أخر. ربما تكون أثناء تناول الطعام مثلا أو فى جلسة استراحة أمام التليفزيون ممسكا بالريموت كنترول لأقوم بجولة بين القنوات فتستوقفنى حلقة فى مسلسل أو مشهد مميز وهكذا. ولا أخفيكم القول أننى كنت من المؤمنين دائما بأن من يمسك بالريموت كنترول فى يده لن يستطيع أحد أن يفرض عليه عملا بعينه ليشاهده ويستطيع على الفور تغيير القناة فى لمح البصر لكن عندما تكون هناك أسرة تضم سبعة أشخاص ولا يحتكر الريموت فيها شخص بعينه وجدت أنه لزاما على أن أنتظر وأدقق فيما يشاهده البنات. لا لأفرض عليهن رأيا ولكن على الأقل لأقوم بدورى كأب فى التوجيه وعرض رأيى دون فرضه على أحد.
حدث منذ أيام أن وجدت بناتى ينتظرن بشغف شديد مسلسلا كان قد تم التنويه عنه خلال شهر رمضان. المسلسل بعنوان "وليه لأ ؟" وقد شدهن فى التنويه أن المسلسل يتناول قصة بنت تهرب من عريسها ليلة عرسها وقبيل كتب الكتاب بلحظات قليلة وسط دهشة أهلها والحاضرين طبعا. والأكثر إثارة كانت كلمات الأغنية الرائعة المصاحبة للإعلان للشاعر نادر عبد الله والملحن خالد عز والتى جاءت بصوت المتميزة أمال ماهر، وتقول بعض كلماتها ( إللى قادرة ع التحدى وع المواجهة، واللى قادرة فى خوفها تعلن احتجاجها، تبقى دى هى الأحق إنها تقول ألف لأ لو لقيت أيامها مش ماشية بمزاجها)
جميل جدا، نحن إذن كما تبشرنا تلك الكلمات أمام بنت غير عادية قررت التحدى وعدم الاستسلام لأنها حتما كانت مغصوبة على تلك الزيجة. ربما تكون مثل أفلام زمان قد تم خطبتها له وهما فى اللفة أو لعلها تم تقديمها كقربان لإنقاذ العائلة من الإفلاس فتم خطبتها لرجل ثري، هكذا تشعر وأنت تشاهد إعلان المسلسل مع لحظات الهروب مع تلك الكلمات المعبرة. لكن المفاجأة عندما بدأ عرض المسلسل أننا اكتشفنا أن البطلة عالية أو أمينة خليل لم تكن مغصوبة على هذا الاارتباط بأى شكل من الأشكال لكنها تقريبا "طقت فى دماغها" تفركش هذا الارتباط ، ورغم أنه كان أمامها مليون فرصة قبل ذلك لإنهائه لكنها اختارت لحظة كتب الكتاب لتعلن أنها قررت التحدى والهرب !. لم يقدم العمل أى مبرر درامى يجعل البطلة تقدم على هذه الفعلة الغريبة على مجتمعنا. والأغرب أنه إمعانا فى التحدى قررت البطلة وبجملة تمردها على واقعها أن تهرب مرة أخرى لتعيش بمعزل عن أسرتها. هل مثلا لأن أسرتها تهينها أو تضطهدها أو تكلفها ما لا طاقة لها به لا سمح الله؟ أبدا أهو كده وخلاص فالبطلة قررت أن تبحث عن ذاتها بعيدا عن أسرتها ولم يتعاطف معها فى هذا القرار سوى خالتها التى شجعتها باختراع مسابقة تشترط على كل متقدمة لها أن تعيش بعيدا عن أسرتها! فى دعوة غريبة جدا لا تمت لمجمتعاتنا بأية صلة.
الكارثة فى كل ما سبق أن صناع المسلسل أعلنوا فى مقدمته أنهم يقدمون عملا ينتصر لحقوق المرأة فجاءت كل الأحداث تؤكد عكس ذلك. وتحت عنوان براق مثل حقوق المرأة يريدون إقناعنا بأن هذا التصرف غير الأخلاقى سواء بفركشة الخطبة قبيل كتب الكتاب أو فى هجر الأسرة والسكن بعيدا عنها دون مبرر حقيقى هو التميز الذى من المفروض أن تتميز به المرأة المصرية الحديثة والتى وصفها المسلسل بأنها فتاة استثنائية. هل تدرون لماذا؟ لأنها وباختصار شديد عندما تركت أهلها دارت على حل شعرها تقابل من تريد من الشباب والبنات وتستقبل أصدقاءها عادى فى شقتها لأى وقت وتسهر على راحتها بره البيت تحت حجة أنها مش بتعمل حاجة غلط وكأن الغلط فقط من وجهة نظر صناع العمل عدم ممارسة الجنس المحرم. حتى عندما كانت تحكى لصاحبها أنها تربت فى بيت لم يكن مسموحا للبنات فيه بالـتأخر بره البيت بعد العاشرة مساء استنكر صاحبها هذا التصرف العدوانى من جانب الأسرة قائلا: ليه تكونيش كنتى عايشة فى سجن؟!
هل حقوق المرأة معناها أن تقوم البطلة عالية بمشاركة صاحبها فى خيمة فى الصحراء وتستلقى على حجره وهو يداعب خصلات شعرها دون أن يكون هناك أى ارتباط رسمى بينهما. نسيت أن أقول لكم إن هذه الفتاة الاستثنائية من وجهة نظر صناع المسلسل عندما سألها صديقها عن أول قبلة تلقتها فى حياتها قالت إنها كانت فى أولى إعدادى !
المثير كذلك فى الأمر أن بطلتنا عالية أو أمينة خليل اعتبرت نفسها نجحت فى الاستقلال بحياتها بدليل أنه تعلمت كيف تمارس هوايتها فى التصوير كما تعلمت كيف تطبخ المعكرونة وكيف تكنس البيت وتمسح البلاط !!..طيب هل منعك أحد عندما كنت تعيشين مع أسرتك من القيام بهذه المهام؟ وهل هذه هى حقوق المرأة التى بشرنا صناع المسلسل أنهم سيتناولونها فى عملهم. لو كان الأمر كذلك فأود أن أبشرهم أن مسلسلهم جاء بنتائج عكسة تماما حيث سفه تماما من حقوق هذه المرأة، وجعلها تبدو تافهة سطحية لأبعد حد. قارن ذلك بمسلسل قديم مثلا للكاتبة فتحية العسال عنوانه "هى والمستحيل" بطولة صفاء أبو السعود وكيف قدم لنا فعلا نموذجا للمرأة المكافحة التى تحدت كل الظروف الصعبة التى كانت تعيشها للتحول من إنسانة أمية لا تقرأ ولا تكتب وتتعرض لكل أنواع الانتهاكات إلى امرأة متعلمة كافحت لتصبح رقما مهما فى حياتها وحياة كل من حولها.
لحن الأغنية وصوت آمال ماهر وكلمات الشاعر نادر عبد الله المتميزة من اقوى عناصر المسلسل بالذات الجزء التى يقول فيه على لسان البطلة (عافية ذوق طول مانا صاحبة حقوق مش هابان مكسوة ولا هابان يوم ضعيفة..عافية ذوق شايفة أنى مكانى فوق وإللى عاشت ملكة مش حاتعيش وصيفة ) والكلمات تؤكد ما قلناه أن البطلة كانت ملكة فى بيتها ولم يظهر لنا السيناريو أى سلبيات فى العريس قد يجعل هذه الملكة تعيش وصيفة فى بيته. لكن الأحداث تؤكد أن هذه الملكة التى كانت معززة مكرمة فى بيت أسرتها اختارت أن تكون وصيفة لأفكارها الغريبة التى دفعتها لاعتزال أسرتها والهرب من المنزل ضاربة عرض الحائط بأية تقاليد أو أخلاق أو تعاليم دينية. وقد هالنى ما قرأته على لسان الفنانة أمينة خليل خلال الأحاديث التى أدلت بها عقب المسلسل أنها نجحت بمسلسلها فى تحطيم الثوابت! كما وصفت قصة العمل بأنه دعوة للجرأة وللبحث عن الذات بينما ما رأيته كمشاهد من أحداث يؤكد أنه دعوة للبحث عن قلة الأدب وفارق كبير بين الجرأة وقلة الأدب !
إننى أكتب هذه الرسالة لبناتى الخمس وقد رأيت تعلقهن الشديد بالمسلسل الذى جاء تحت عنوان ليه لأ؟ وأقول لهم لأ وألف لأ وعندى مليون مبرر. لأ لأن حقوق المرأة التى أفهمها ليست لها علاقة بالحقوق التى كانت تبحث عنها البطلة.لأ لأنه لا يجوز للبنت أن تعيش بعيدا عن أسرتها قبل الزواج فهذه ليست من تعاليم ديننا ولا من ثوابت أخلاقنا. لأ لأن الحرية ليست معناها الصرمحة والسهر خارج البيت دون ضابط أو رابط وأخيرا أقول لكل بناتى ولكل بنت فى مصر: من فضلك كونى كما تربيتى عليه من قيم ومثل وأخلاق، كونى بنت عادية ولا تكونى بنت استثنائية مثل أمينة خليل.
(ورك ولا صدر ؟)
الجمعة:

يحلو لى أن أتابع من حين لأخر بعض الجروبات المننتشرة على السوشيال ميديا والتى يتكون معظم أعضائها من الجيل الجديد. أود دائما أن أكون على مقربة من هذا الجيل الذى ينتمى له بناتى حتى أعرف القضايا التى تشغلهن والتى يناقشنها فى هذه الجروبات. وقد تابعت مؤخرا مشكلة عويصة عرضتها عضوة من العضوات قالت فيها إن ما يقض مضجعها ويقلق منامها ويجعلها تعيش حزينة رغم أنها عروسة جديدة أنها قد اكتشفت أن زوجها يحب أن يحتكر ورك الفرخة ولا يحب الصدر ولا يطيقه وأنها هى أيضا تحب الورك ولا تحب الصدر ومع ذلك يأبى العريس أن يتنازل لها عن الورك ولو مرة مثلا كما رفض أى محاولات منها تجعله يتنازل عن موقفه الذى لا يرضى عن الورك بديلاً. العروس عرضت مشكلتها وطلبت اقتراحات الأصدقاء لحلها. وقد دارت معظم الحلول حول فكرة المناصفة خاصة أنه ولله الحمد للفرخة وركان وليس وركا واحدا فتستطيع أن تحصل هى على ورك وعريسها على الثانى لكنها ردت على هذا الاقتراح بأن العريس يستأثر بالوركين ويرفض حتى أن يقاسمها فيهما. فاقترح أخر نظام الدور بمعنى أن تتناول هى الورك مرة وهو مرة لكنه يرفض ذلك تماما مؤكدا لها أنها من المفروض أنه حتى لو أكل الأكل كله وحده فالمفروض أن تشعر هى بالشبع!. فقال قائل:محلولة ببساطة، لماذا لا تشترى أوراكا فقط؟ فقالت العروس باشمئزاز: ياى إيه القرف ده؟ الفرخة لازم تكون صحيحة بالكامل. طيب بلاها فراخ وكلوا لحمة فقالت: لا طبعا لابد من التغيير حيث إن أكل اللحمة فقط يبعث على الملل. وهكذا ظلت العروس ترفض كل الحلول التى اقترحها عليها الأصدقاء من أعضاء وعضوات الجروب ولا تزال المشكلة قائمة وتنذر باللجوء لمجس الأمن لعله يجد لنا حلا فى فض الاشتباك فى هذه القضية المهمة ويصدر قرارات حاسمة ملزمة لجميع الأطراف المطالبين حاليا بضبط النفس حتى لا يحدث ما لا يحمد عقباه، ومن ناحيتى أطالب الطرفين بالتفكير ملياً فى العقبات التى صادفتهما حتى قاما بتأسيس عش الزوجية السعيد لعلهما يدركان تفاهة قضيتهما التى تهدد بالانفصال. ليتك يا عروستنا الجميلة تضعى عقلك فى رأسك ويا سيدتى تعالى على نفسك وتحملى أكل الصدر لأن خراب البيوت تكلفته كبيرة جدا. وليتك يا عريسنا الحمش تجرب أكل الصدر لأن تجارب الحياة تخبرنا أن المرأة إذا أرادت شيئا فلن تهدأ حتى تحققه فأرجوك اعملها بجميلة لأنك حتاكله يعنى حتاكله!
(الخلاصة)
لم أعد انزعج عندما أقرأ خبرا عن ضبط أحد الجزارين يبيع لحمة حمير. بالعكس فهذا يفسر لى سبب أعراض كثيرة بدأت أعانى منها مؤخرا ولم أكن أدرى لها سببا!