باحث أثري يكشف مكان أول كسوة للكعبة ومراسم الاحتفال بها

كسوة الكعبة
كسوة الكعبة

قال الباحث الأثري أحمد عامر إن أول كسوة للكعبة الشريفة صُنعت في مصر، وكان ذلك في عهد الدولة العباسية، حيث كان يتم إختيار أفضل أنواع الحرير الموجودة في مدينة "تانيس"، وكانت من الحرير الإسود علي يد أمهر الصُناع، وكانت قرية "تونا" و"شطا" مشهورتان بحرفة التطريز، وفي عهد هارون الرشيد أمر بصنع الكسوة من طراز "تونة" عام 190هـ، وكانت الكعبة تُكسي مرتين، وفي عصر الخليفة المأمون فقد كسي الكعبة ثلاث مرات في السنه، أما بداية فكرة المحمل الذي ينتقل فيه الكسوة إلى أرض الحجاز فكان أول أمره في عهد شجرة الدر، حيث خرج أول محمل في عهد المماليك، أما الكسوة فكانت توضع في صناديق مغلقة وتحملها الجمال، ثم يتجه نحو أرض الحجاز، إلا أن الاحتفال بشكله المميز كان في عهد الظاهر بيبرس.


وأشار "عامر" إلي أن أول احتفال رسمي وشعبي كان في عهد الظاهر بيبرس وهو أول من أرسى الاحتفال بسفر المحمل من القاهرة إلى مكة، حيث كان يعرض كسوة الكعبة فى احتفالات شعبية فى شوارع القاهرة قبل سفرها بيوم، ومن أمام مسجد القاضي عبدالباسط حيث مصنع الكسوة المشرفة، كان يقام حفل رسمي، وكان المحمل يطوف القاهرة يصاحبه الطبل والزمر، والعديد من مظاهر الاحتفالات كتزيين المحلات التجارية والرقص بالخيول، وكان الوالي أو نائب عنه يحضر خروج المحمل بنفسه، وكان المحمل يطوف في القاهرة نحو ثلاثة أيام، ثم تخرج الكسوة في احتفال بهيج وتخرج وراءها الجموع إلى ميدان الرميلة قرب القلعة، هذا وقد إعتاد المصريون أن يدوروا بالمحمل في ربوع مصر بدءًا من أشهر رجل وخاصة في عهد أسرة محمد علي باشا.


وتابع "عامر" إلي أن الإحتفال كان غالباً ما يبدأ في الساعة التاسعة صباحا، وفي ميدان القلعة يصطف الجنود حاملين أسلحتهم، ويبدأ توافد المدعوين فيستقبلهم وكيل المحافظة ومندوبوها، ويجلس العلماء في الميمنة، خلفهم المندوب العثماني والنظار والأمراء والأميرات وكبار الأعيان والتجار، وفي الميسرة يجلس كبار موظفي الديوان الخديوي، خلفهم قادة الجيش والجميع بملابس التشريفة في انتظار "الجناب العالي" الذي يحضر في عربة تجرها أربعة جياد، وبجواره رئيس النظار، ثم عربات كبار رجال الياوران والمعية، يحيط بالجميع 148 من فرسان الحرس الخديوي، ويستعرض الخديو قوات رمزية من الجيش ومن سلاح الفرسان وحامية ركب الحج المصري، وعقب انتهاء الحفل يدور ركب المحمل في شارع محمد علي ثم شارع سوق السلاح فالدرب الأحمر إلى باب زويله ثم الغورية فالسكة الجديدة حتى يتخذ طريقه إلى المشهد الحسيني.


وإستطرد "عامر"  أن الخديو كان تؤدي له مراسم الاستقبال الرسمي باطلاق 21 طلقة مدفعية ثم السلام الخديوي، وبعد أن يحيي الجميع يجلس في مكانه المخصص وبعدها يأخذ "مأمور تشغيل الكسوة" بزمام جمل المحمل، ويدور به ثلاث مرات ثم يتوجه نحو الخديو الذي ينزل إلى أول درجة من المصطبة، فيتقدم إليه مأمور الكسوة بكيس "مفتاح الكعبة" مبسوطا على كفيه، فيتناوله سموه ويقبله ثم يتلوه قاضي القضاة، ثم يتلو "دعاء المحمل" وتقدم الهدايا إلى أربابها، وهذا الموكب كانت تصحبه الدفوف والاحتفالات والأناشيد.