حكايات| محمد مشالي.. «طبيب البريزة» من غلابة الأرض لبساطة القبر

محمد مشالي.. «طبيب البريزة» من غلابة الأرض لبساطة القبر
محمد مشالي.. «طبيب البريزة» من غلابة الأرض لبساطة القبر

بجنيهات معدودة للبسطاء دخل بسرعة البرق إلى قلوب ملايين المصريين والعرب.. قدم الطبيب الراحل محمد مشالي نموذجًا رفيعًا في العطاء.

 

76 عاماً هي عمر الطبيب الراحل، الذي توقف قلبه عن النبض في الساعات الأولى ليوم 28 يوليو 2020، لكن سيرته لم تتوقف والدعاء له ينهمر كمياه النهر.

 

بعد 26 عاماً بالتمام والكمال، بدأ الطبيب الدكتور محمد المشالي رحلة العطاء بعد الانتقال من البحيرة إلى الغربية، ومن طنطا خطى أول خطوات صناعة الأمل من نوع مختلف، ما جعل الشيخ محمد بن راشد يغرد بكلمات خصيصة عنه: «50 عاماً من حياته لأجل علاج الفقراء.. نموذج للأطباء.. وقدوة للعظماء.. رحمه الله».

 

 

في عيادته البسيطة الشاملة، تحولت غرفته إلى مكتبة للصحف والكتب ومعملا بسيطًا للتحاليل للأطفال والكبار، بجانب سرير صغير يحمي آلاف الغلابة من نيران الغلاء في كبرى العيادات.

 

ما إن انهالت عليه أحاديث التلفزيون وراقبته عدسات القنوات حتى فتح خزينة أسراره ليكشف عن أن «المشي» هو سلاح المواصلات الخاص به، وساندوتش الفول والطعمية بعد الصيام «أحلى وجبة مفضلة» لديه.. سر الحياة بالنسبة للرجل الثمانيني في زهد كل شيء.

 

رحل طبيب الغلابة تاركًا خلفه آية لأطباء العالم أنه مهما علا شأنه وذاع صيته فإن البساطة هي أيضًا عنوانه في قبره، وبين جدران من أمتار محدودة دُفن الرجل عقب جنازة كبيرة.

 

 

رجل خير واهب نفسه للغلابة ولأهل الخير.. كلمات أطلقها أحد أبناء قريته في إيتاي البارود حين جلس تحت إحدى الأشجار منتظرًا وصول جثمانه ليواري الثرى.

 

بجوار السيد البدوي في طنطا اطمأن قلب مشالي إلى مقر عيادته حتى صارت قبلة يحج إليها المرضى من طنطا وكفر الدوار إليها كل يوم بمقابل مالي لا يتجاوز الجنيهات الخمس لكن الأهم: «من أول علاج كان ربنا بيجيب الشفا».

 

 

عشرات السنوات قضاها الطبيب الراحل في الغربية لكنها لم تقطعه عن أهله في البحيرة فكان يزور أهله باستمرار ويطمئن عليهم في المناسبات.. «له إيجار أرض هنا كان بياخد الفلوس يوزعها على الغلابة.. أول ما بدأ كان الكشف ببريزة (10 قروش)».

 

ما بين «أحلى راجل والكشف مجانا لكل أبناء قريته».. «وشوفته مرة واحدة رجل خير».. لم يكن هناك أفضل من تلك الكلمات في وداع أبناء قريته لجثمانه.