يوميات الأخبار

حكمة الرئيس.. وطبول الحرب

نوال مصطفى
نوال مصطفى

«سندخل ليبيا بطلب منكم وسنخرج منها بأمر منكم».

لاحت ارهاصات هذا الموقف فى الأفق ونحن نجلس أمام شاشات التليفزيون ونشهد اجتماع الرئيس عبدالفتاح السيسى صباح الخميس الماضى بمشايخ وأعيان القبائل الممثلة لأطياف الشعب الليبى بكافة ربوع البلاد.
جلس الرئيس عبدالفتاح السيسى بهدوء ووقار يستمع إلى مشايخ وأعيان القبائل وهم يشرحون الوضع فى ليبيا، تحت لافتات شعار «مصر وليبيا.. شعب واحد ومصير واحد» فى إشارة واضحة إلى أن الشعب الليبى يطلب من الرئيس السيسى والجيش المصرى أن يتدخلا لحماية ليبيا.
رد الرئيس السيسى على مشايخ القبائل الليبية بحكمة حاسبا لكل كلمة حسابها: «سندخل ليبيا بطلب منكم وسنخرج منها بأمر منكم». هكذا يفعل الرئيس فى كل موقف من المواقف الصعبة والكبيرة التى شاء القدر أن تواجهها مصر. قال : مصر مستعدة لاتخاذ كل الإجراءات لتحقيق المصالح المصرية الليبية المشتركة، لكن الليبيين هم الأساس، ودعا القبائل الليبية إلى ضرورة التماسك وأكد على أهمية ذلك فى حفظ الأمن والاستقرار فى ليبيا.
دراسة الرئيس للموقف فى ليبيا، خاصة مع ازدياد التواجد الأجنبي، وتوقيع حكومة الوفاق لاتفاق مع تركيا يتيح لها إقامة قواعد بحرية وجوية فى ليبيا، ونقل المرتزقة لدعم حكومة الوفاق للسيطرة على النفط الليبى وتهديد أمن دول الجوار. كل هذا دفعه إلى الاجتماع بأعضاء مجلس الدفاع الوطنى لبحث كيفية التدخل لحماية أمن مصر القومى، ومساندة ودعم مصر للشقيقة ليبيا ومساعدة شعبها للعبور ببلادهم إلى بر الأمان.
ركز الرئيس على أن الملف الليبى يعتبر إحدى الأولويات القصوى للسياسة الخارجية المصرية، آخذاً فى الاعتبار أن الأمن الليبى يشكل جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومى المصرى والعربي. وهو بالنسبة إلينا خط أحمر لا يمكن لأحد تجاوزه. لذلك اتخذ الرئيس خطوة دستورية وطلب من مجلس النواب تفويضا له بالتدخل العسكرى لحماية ليبيا والأمن القومى المصرى.
وبناء على طلب الرئيس، عقد مجلس النواب جلسة سرية الاثنين الماضى لمناقشة هذا الموضوع المهم، دعا إليها رئيس المجلس الدكتور على عبد العال، عقب الانتهاء من الجلسة العامة، وقال إنه يحق للمجلس عقد جلسة سرية بناء على طلب رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أو رئيس المجلس أو وفقًا لطلب مقدم من 20 نائبًا. وأضاف أنه لا يجوز حضور هذه الجلسة إلا لأعضاء المجلس ورئيسه، ومن يرخص لهم بالحضور، ولا يجوز حضور أى من العاملين بالمجلس، عدا الأمين العام.
وعقدت الجلسة السرية لاتخاذ قرار بشأن منح تفويض للرئيس عبدالفتاح السيسى لإرسال قوات عسكرية مصرية إلى ليبيا. وانتهت بموافقة المجلس بالإجماع من 510 نواب حضروا الجلسة، على إرسال عناصر من القوات المسلحة فى مهام قتالية خارج حدود الدولة، فى الاتجاه الاستراتيجى الغربي، ضد أعمال الميليشيات الأجنبية.
وحول التصويت على قرار التفويض، قال المستشار محمد فوزى الأمين العام لمجلس النواب: «فى هذه المواقف لا يوجد أغلبية أو معارضة، كلنا صوت واحد لدعم دولتنا المصرية فى مواجهة هذه المخاطر، وهذا ما حدث اليوم عندما رأينا الأعضاء جميعا يقفون عندما طلب رئيس المجلس أن يقف من يوافق على القرار، وللتأكيد أعاد الطلب لمن لا يوافق أن يتفضل بالوقوف، فلم يقف أحد وهذا لإعادة التأكيد. نحن دولة مؤسسات محترمة، تحترم دائما القواعد الأساسية للحفاظ على الدستور».
لم يكن التفويض لرئيس الجمهورية معمولا به من قَبل، لأن الدستور المصرى قبل 2014 لم يتضمن المادة 152، التى تنص على أن «رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، لكن لا يحق له إعلان الحرب، ولا ارسال القوات المسلحة فى مهمة قتالية إلى خارج حدود الدولة، إلا بعد أخذ رأى مجلس الدفاع الوطنى، وموافقة مجلس النواب بأغلبية ثلثى الأعضاء. فإذا كان مجلس النواب غير قائم، يجب أخذ رأى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وموافقة كل من مجلس الوزراء ومجلس الدفاع الوطنى».
هذا الأمر الذى لم نشهده من قبل فى التاريخ المصرى الحديث، ففى معظم الحروب التى شهدتها مصر، كان إرسال القوات المسلحة لأى أغراض قتالية قرارا يصدُر من رئيس الجمهورية مباشرةً. قلوبنا معك سيادة الرئيس ومع جيش مصر العظيم.
أبو السجناء فى العالم
احتفل العالم يوم 18 يوليو بذكرى ميلاد الزعيم الأفريقى الكبير نيلسون مانديلا، الذى يوافق ميلاده نفس اليوم من عام 1918، ويعد مانديلا أشهر سجين سياسى فى العالم، حصل على جائزة نوبل للسلام عام 1993. فقد قضى 27 عاما من عمره دفاعا عن القضية التى آمن بها ودفع ثمنا باهظا من حريته ليحقق أهدافه وتنتهى التفرقة العنصرية بين البيض والسود فى جنوب إفريقيا. مانديلا صاحب قصة ملهمة ومبهرة فى آن واحد.
أسعدنى جدا احتفال غادة والى بهذه المناسبة من خلال موقعها الدولى المهم كوكيل الأمين العام للأمم المتحدة والمدير التنفيذى لمكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة ومدير مقر المنظمة الدولية (UNODC) فى فيينا حالياً.
نشرت غادة على حسابها على الفيسبوك باللغتين الإنجليزية والعربية نبذة عن تفاصيل الاحتفال فقالت : « يوم 18 يوليو احتفلنا بذكرى غالية وملهمة، هى ذكرى ميلاد مانديلا المناضل العظيم وأشهر سجين فى العالم ونحييها سنويا فى الأمم المتحدة مع جماعة أصدقاء نيلسون مانديلا لكوننا فى UNODC المنظمة المسئولة عن تطبيق قواعد إدارة السجون المعروفة بقواعد نيلسون مانديلا.
على مدى الثلاثة شهور الماضية عملنا فى ٥٠ دولة على تحسين أوضاع السجناء وجدير بالذكر أنه يوجد ١١ مليون سجين حول العالم وأن بعض الدول تعانى من زيادة عدد السجناء لنسب تصل إلى ١٥٠٪ بل و٣٠٠٪ مما دفعنا لإطلاق مبادرة للإفراج عن السجناء المسنين ومن قضوا معظم العقوبة ومن لا يمثلون خطرا على المجتمع.
وقد تم الإفراج فعلا عن ٦٠٠ ألف سجين فى هذه الدول لحماية السجناء من وباء كورونا كما قمنا بإتاحة الملابس والمعدات والكمامات الواقية من العدوى وقمنا بتدريب القائمين على إدارة السجون لحماية السجناء وحماية أنفسهم وحماية المجتمع وقد اخترنا هذا العام للاحتفاء بالقائمين على إدارة وحراسة السجون لأهميه دورهم.
و تنص قواعد مانديلا على المعاملة الإنسانية ودمج السجناء ودراسة سبل العقاب البديل وإتاحة العلاج الملائم للمرضى منهم.»
هذا ما صرحت به سفيرتنا المشرفة غادة والى من موقعها المهم. وكم أسعدنى هذا الكلام وتلك المبادرة العظيمة، فقد وضعت تلك الأهداف نصب عينى طوال رحلتى الطويلة فى عالم السجون، وطالبت كثيرا من خلال حملاتى الصحفية وجمعيتى التى أشرف بكونى مؤسستها جمعية رعاية أطفال السجينات بضرورة فرز ومراجعة السجناء فى سجون مصر المختلفة، والافراج عن هؤلاء الضعفاء والمرضى والمسنين الذين لن يفيد وجودهم فى السجن أحدا، وكذلك لا يشكلون أى خطر على الأمن العام. كذلك طالبت بعقوبات بديلة للتهم البسيطة والجنح وإيصالات الأمانة بمبالغ قليلة واستبدالها بالعقوبات البديلة كالخدمة العامة.
لذلك فرحت، وملأ الأمل قلبى بتصريحات سفيرتنا فوق العادة غادة والى فى أن تتبنى مع جمعيتى العريقة فى هذا المجال والتى تملك الدراسات الميدانية والعلمية العميقة حول هذا الموضوع وكذلك وزارة الداخلية ممثلة بقطاع حقوق الإنسان ومصلحة السجون ووزارة التضامن فى وضع آلية وطنية لتنفيذ وتفعيل تلك المبادرة الدولية، وأن تكون مصر من أوائل الدول التى تنجح فى دعم ومساندة حقوق السجناء كما أقرها ووثقها أبو السجناء فى العالم :نيلسون مانديلا.
للتحرش وجوه عديدة
موجة عالية جدا ارتفعت لمناهضة التحرش فى مصر، بدأت بواقعة واحدة تم الإبلاغ عنها، لتتابع البلاغات والوقائع التى هزت الرأى العام المصرى بقوة. تحركت أجهزة الدولة على اختلاف سلطاتها، بداية من النائب العام الذى استدعى على الفور المتهمين ليبدأ التحقيقات معهم، كذلك تحرك المجلس القومى للمرأة والجمعيات الحقوقية التى تحمى وتساند حقوق المرأة. ما حدث فى رأيى شيء إيجابى جدا، فقد تم كسر الصمت تجاه قضية مسكوت عنها، وتحطيم حاجز الخوف والقلق والتردد خوفا من الفضيحة عند الفتيات والسيدات وكذلك الآباء والأمهات الذين يصدمون بوقائع تعرضت لها بناتهم أو زوجاتهم.
هذه الموجة بدأت فى الولايات المتحدة قبل ثلاث سنوات، وبالتحديد عام 2017 من خلال حملة Me_too»» التى فجرت فضائح مدوية لشخصيات إعلامية وسياسية شهيرة أدت إلى ضياع وخسارة رهيبة نالت تلك الشخصيات جراء تلك الفضائح.
الآن وصلت الموجة إلى مصر ومن المؤكد سيتأثر بها العديد من الدول العربية الشقيقة، ربما لهذا السبب أقامت منظمة «النساء فى الأخبار» العالمية من خلال مكتبها الإقليمى فى مصر والشرق الأوسط ندوة عنوانها «مناهضة التحرش فى غرف الأخبار» عبر موقع زووم وشارك فيها 31 صحفية من مصر ولبنان والأردن وفلسطين يوم الأحد الماضى.
أثارت الندوة والمشاركات عدة نقاط مهمة وقدمت المديرة الإقليمية للمنظمة فاطمة فراج من مصر رؤية شاملة لأهمية تدريب الصحفيات فى المؤسسات الصحفية والإعلامية على آليات مواجهة التحرش، وكذلك فتحت الباب لمبادرات الزميلات للتقدم بأفكار ومبادرات عملية يمكن أن تتبناها منظمة «النساء فى الأخبار». كذلك قدمت ميرا عبد الله من لبنان مديرة المشروعات والتدريب عرضا تقديميا يلخص المحاور الرئيسية والأوجه العديدة للقضية وكيفية الخروج بمدونة موثقة تعتمدها المؤسسات الإعلامية، لتصبح لها قوة القانون فى ردع المرضى الذين يمارسون تلك التصرفات المشينة سواء كان تحرشا لفظيا، أو جسديا، أو إعتداء جسديا.
الموضوع شائك، ومهم، لكن الخوف من أن يغفل القانون أو المدونة الأخلاقية حقوق المدعى عليه الذى قد يكون بريئا، أو أن يكون البلاغ ضده كيديا، بدافع الانتقام. فى رأيى أن مواجهة التحرش تتطلب القانون العادل الذى يحمى ويحفظ حقوق الطرفين، كذلك الوعى المجتمعى وتدريب النساء على مواجهة هؤلاء المرضى بقوة وشجاعة، من خلال بناء ثقة الفتاة فى نفسها، وتدريبها على التصدى لمن يحاول التجاوز فى حقها سواء لفظيا أو جسديا.

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي