إنهــا مصـــــــر

كرم جبر يكتب| مطمئنون

كــــــــــــرم جبــــــــــــر
كــــــــــــرم جبــــــــــــر

 لا قلق على مصر، لأن رئيس مصر وجيشها هم الذين استردوها من الضياع والفناء وأعادوها للحياة، وأنقذوها من طيور الظلام الذين أطبقوا على رقبتها وكادوا أن يخنقوها، وهذا هو الإنجاز الأهم لرئيس مصر، رغم عظمة وروعة الإنجازات الاقتصادية، التى جعلت البلاد تقف على أرض صلبة.. لكن الطمأنينة هى الأهم.

اغمضت عيناى قليلا وتخيلت ان مرسى وجماعته ما زالوا يحكمون مصر، وان الشاطر والبلتاجى والعريان وصفوت حجازى وأبوبركة وغيرهم، هم سادة برامج التوك شو، يصولون ويجولون ويضغطون على اجهزتنا العصبية حتى الانفجار، وتخيلت كم مذيعاً شهيراً أطلق لحيته، وكم مذيعة لجأت إلى الحجاب والنقاب، وتخيلت البؤس المقيم عندما يتحفنا الموتورون بخطاباتهم الهيستيرية، مهددين ومتوعدين متآمرى «الزنقة زنقة»، وعصابات «الخمسة ستة اتنين تلاتة أربعة».

تخيلت أشياء كثيرة افزعتى ككابوس مزعج.. القرضاوى يعتلى من جديد منبر الأزهر، وأمامه الملتحون مفتولو العضلات، نفس المنبر الذى وقف عليه عبدالناصر فى حرب السويس سنة 56 يصرخ «لن نسلم أبداً، بنبنى بلدنا.. بنبنى تاريخنا.. بنبنى مستقبلنا»، يعتليه شيطان الإخوان القطرى، محرضا شباب الإرهاب وأنصارهم على النزول فى الميادين والشوارع ضد النظام الحالي، وإحداث حالة من الفوضى والعنف وترويع المواطنين.
وتخليت المحكمة الدستورية العليا، وعلى منبرها ملتحون بالجلباب والعباية، يدهسون الدستور بأقدامهم ويوظفون الشريعة لصالحهم.. والنائب العام الملاكى يستكمل مذبحته ضد رجال النيابة الشرفاء.. وتنفيذ اكبر مجزرة فى تاريخ القضاء، بتسريح ثلث القضاة واستبدالهم بمحامين إخوان.. ووزير العدل الإخوانى يهوى بمطرقة الأخونة، ويفتش فى سجلات التنظيم بحثا عن الكوادر الإخوانية لتنصيبهم فوق منصات المحاكم.. وفى الواجهة حاكم ضعيف يجلس على كرسى الرئيس، وتحركه أصابع المرشد والشاطر فى المقطم، فيصدر فرمانات جائرة فوق الدستور والقانون.

وتخيلت ان السيدة المسيحية التى جردوها من ملابسها فى المنيا، كانت فى فترة حكم مرسى والإخوان، والمتطرفون يستكملون تجريسها فى حوارى القرية، ويقيمون عليها الحد رجما حتى الموت، وهم يصيحون وينتشون، ثم يستكملون عملية تطهير القرية من النصارى وتهجيرهم فى بلاد الله، بعد نهب ممتلكاتهم وحرق منازلهم، ففى عام واحد حكموا فيه البلاد، تعرض الأقباط وكنائسهم وممتلكاتهم، لاعتداءات لم تشهدها البلاد فى تاريخها، والأخطر من العدوان تواطؤ دولة الإخوان.

وتخيلت مدينة الإنتاج الإعلامى، بعد الإطاحة بالمذيعين العلمانيين والمذيعات العلمانيات، ويحل محلهم مذيعون تكره الكاميرات صورتهم وأصواتهم، على غرار أبوإسلام وأبوالأعلى وأبوحذيقة وخالد عبدالله، وأم الصابرين وأم أيمن وأم القيروان، وتحولت الشاشات إلى لحى ونقاب، واعتلى البلتاجى مقعد رئيس مدينة الانتاج الاعلامى، واستكمل صلاح عبد المقصود اخونة ماسبيرو، وفرض الحجاب والنقاب على المذيعات، واصبحنا لا نختلف عن تليفزيون طلبان وإيران، وهرول المنافقون والمتحولون اليهم قبل ان يفوتهم القطار.

وتخيلت احتفالات 6 أكتوبر، وخليفة مرسى لن يكتفى بركوب سيارة السادات، ويطوف بها بين جنبات الاستاد، بل يرتدى البدلة العسكرية للقائد الأعلى، مزدانة بالنياشين، وتحت إبطه عصا المارشالية، زاعماً انه قائد النصر وان جماعته هى التى عبرت قناة السويس، واقتحمت خط بارليف وسدت خزانات النابالم، ويوزع الأوسمة على قتلة السادات، وشباب الإخوان يهتفون فى المدرجات «حرية وعدالة، مرسى وراه رجاله».

وتخيلت ان محمد فؤاد وآمال ماهر وهانى شاكر، مازالوا يبكون فى حفل جامعة المستقبل، ويقولون له «خلى بالك من مصر يا فندم» ويرد عليهم «الجيش المصرى هيفضل لمصر، وهيفضل وطنى وشريف وصلب أمام أى شئ عايز يمسه، وصلابته ده جايه من شرفه وأنا مش عايز حد فيكم أو فى مصر كلها، يقلق على مصر».

معك نحن مطمئنون.

لن نقلق على مصر، لن نخاف على مستقبلنا، معك عبرنا الصعب، ونستكمل المشوار.