«النبذ» كالأجرب والإعدام حرقًا.. عقوبة التحرش والزنا في مصر القديمة

عقوبة التحرش والزنا في مصر القديمة
عقوبة التحرش والزنا في مصر القديمة

يعد التحرش الجنسي من أسوأ أنواع العنف، ويعني كلمات أو أفعال غير مرغوب بها تحمل الطابع الجنسي وتنتهك الجسد وخصوصية الشخص ومشاعره، ويشعر بسبب ذلك بالتهديد وعدم الأمان وقلة الاحترام والإهانة والترويع، ومن هذا المنطلق كانت الدراسة الأثرية للباحثة نجاة عصام زكي المعيدة بكلية الآداب جامعة عين شمس قسم التاريخ شعبة مصري قديم.

وتشير الباحثة نجاة عصام زكي، إلى العقوبة القاسية لجريمة التحرش في مصر، حيث أن المصري القديم اعتبر التحرش والزنا جريمة أخلاقية خطيرة تمس أمنه وسلمه الاجتماعي، لذلك اهتم منذ آلاف السنين بوضع القوانين والتشريعات لتنظيم أمنه.

وتتميز هذه التشريعات بأنها ذات أصل إلهي، فالمعبود "رع" كان يعد المشرع الأول، ولقد زاد هذا الأصل الديني للتشريعات من احترام الشعب لها، ومن تلك التشريعات والقوانين كان عاقبة المتحرش هو النبذ من المجتمع كالأجرب لا عائلة ترضى النسب منه، فكان هو من يخجل من فعلته وليست المرأة.

وكان المصري القديم يميز بين فعل الزنا والاغتصاب، إذ يقرر أن الزنا لو تم بالغصب أو بالعنف كان الجزاء يتمثل في قطع العضو التناسلي، أما لو تم بدون عنف فإن الرجل الزاني كان يجلد ألف جلدة والمرأة الزانية كانت تقطع أنفها.

ويلقي خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بمناطق آثار جنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار، الضوء على هذه الدراسة، موضحًا عقاب المخطئ من الرجل أو المرأة أحيانًا بهذه الجريمة بالإلقاء في النهر حتى تأكلهم التماسيح، وكان إذا خرج أو خرجت حية من النهر دون أذى فهذا قد تم تبرئته من قبل الإله.

وذكر العالم الفرنسي "كابار"، وهو أحد المتخصصين في دراسة القانون الجنائي عند المصري القديم، أن الإعدام في حالة الزنا، كان يتم حرقًا مما يؤكد على رغبة المجتمع المصري القديم في الحفاظ على جنسهم وسلالتهم، وكانت جرائم الاغتصاب والزنا عقوبتهما تصل إلى الإعدام، كما أن هذه الأحكام تستند إلى نقوش اَني، وبردية بولاق، وبردية لييد، حيث أن الزناة كانوا يكفرون عن خطاياهم بالإعدام في حالة الشروع إلى الزنا، كما أن التحرش كان يواجه نفس العقوبة في بعض الأحيان.

ويشير الدكتور ريحان، إلى أمثلة التحرش في مصر القديمة، من خلال الدراسة، فقد تم العثور على بردية يرجع تاريخها إلى حوالي 1200عام ق.م، وتحتوي على شكوى مكتوبة من قبل رجل يدعى "اميناخت"، موجهة إلى الوزير "هوري"، متحدثًا عن سلوك "بانيب" المشين، سواءً من فساده عن طريق تقديم رشوة من أجل الحصول على أحد المناصب، وتحرشه بالنساء أثناء عمله، وتم اتهام "بانيب" في البردية بأنه قام بتجريد امرأة تدعى "ييم واو"، وطرحها على الحائط والتحرش بها.

وذكرت بردية "سولت رقم 124"، أن رئيس العمال في منطقة دير المدينة في البر الغربي بالأقصر اتهم بالتحرش بإحدى العاملات، ووجهت له التهمة، لكن البردية لم تؤكد نوع العقاب الذي ناله، إلا أنه أعفى من منصبه لاحترام المجتمع للمرأة، وقد نسب للملك رمسيس الثالث تأسيس أول شرطة خاصة لمواجهة التحرش في الشوارع والحدائق، مما ساهم في اختلاط الجنسين، وكان دور الشرطة منع أي قول أو فعل لسيدة، نتيجة بعض الفوضى في عصره وكثرة الأجانب في مصر.