رحلة المجد (3)| ليلة بكى فيها رونالدو.. معجزة اليونان الخالدة مع الملك ريهاجل

صورة مجمعة
صورة مجمعة

انتهى الجزء الثاني من رحلة المجد باحتفالات غير مسبوقة شهدتها اليونان بمختلف المدن وحتى الجزر بالتأهل إلى نهائيات كأس الأمم الأوروبية "يورو 2004" واحتلال قمة مجموعة كان مرشحها الأول المنتخب الإسباني الذي حل ثانيًا خلف أحفاد الإغريق، ولكن ما حدث بعد ذلك لم يكن يتوقعه أحد.

أوقعت القرعة منتخب اليونان في المجموعة الأولى مع منتخبات البرتغال وروسيا وإسبانيا، وكل المؤشرات تقود إلى خروج مبكر للمنتخب اليوناني في ظل وجوده مع منظم البطولة صاحب الأرض والجمهور منتخب البرتغال، وكذلك الثأر الإسباني بعد الإطاحة بالماتادور في التصفيات، وكذلك وجود المنتخب الروسي الذي لم يكن سيئًا.

أوتو ريهاجل كان يعرف ما الذي يجب فعله، فاستعد للبطولة بست مباريات ودية قوية حقق الفوز في 3 على منتخبات سويسرا وبلغاريا وليشتنشتاين، وتعادل مع البرتغال، لكنه خسر أقوى مباراتين أمام هولندا بالأربعة وبولندا بهدف نظيف. نحن هنا فجر المنتخب اليوناني أولى مفاجآت البطولة ليقول نحن هنا بالفوز على البرتغال صاحب الأرض في المباراة الافتتاحية بهدفين لهدف سجلهما جورجيوس كاراجونيس وأنجيلوس باسيناس، فيما سجل كريستيانو رونالدو هدف منتخب بلاده الوحيد.

وتعادل منتخب اليونان في المباراة الثانية أمام نظيره الإسباني بهدف نظيف بعدما سجل أنجيلوس خارستياس هدف أحفاد الإغريق، فيما سجل موريانتس هدف الماتادور، لتأتي مباراة روسيا المضمونة، لكنها حملت الخسارة للمنتخب اليوناني بهدفين لهدف. خسر منتخب إسبانيا أمام نظيره البرتغالي ليلعب القدر لعبته وينصف أحفاد الإغريق ويعطي إشارة بأن شيء ما عجيب سيحدث في هذه البطولة، عندما تأهل أحفاد الإغريق بأفضلية تسجيل الأهداف على حساب الإسبان ولكل في رصيده 4 نقاط. عودة الأساطير ما حدث بعد ذلك بدءًا من الدور ربع النهائي يضاف إلى تراث الأساطير اليونانية الخالدة، فعلى الهامش كان زين الدين زيدان يقود فرنسا لتأهل ملحمي بفوز في الدقيقة 90 على حساب إنجلترا بقلب النتيجة من الخسارة بهدف نظيف إلى فوز بهدفين نظيفين من كرة ثابتة وضربة جزاء. ولكن اصطدم المنتخب الفرنسي بأحفاد الإغريق، وكانت المفاجأة الثانية حين أقصت كتيبة ريهاجل منتخب فرنسا في ربع النهائي بهدف وحيد سجله خارستياس، وجاءت مواجهة نصف النهائي أمام أحد الأجيال التاريخية للتشيك.

ولأن ما قدمه أحفاد الإغريق كان استثنائيًا، فالفوز أيضًا على التشيك لم يكن عاديًا، وجاء بالهدف الفضي الذي سجله ترايانوس ديلاس في الوقت الإضافي لينتهي به اللقاء ويتأهل المنتخب اليوناني إلى المباراة النهائية وسط دهشة عالمية. مفاجأة عالمية وبطولة يونانية تاريخية في مثل هذا اليوم 4 يوليو 2004، قبل ستة عشر عامًا، كان النهائي المنتظر بين المنتخب البرتغالي صاحب الأرض والجمهور، والمنتخب اليوناني الذي أبهر العالم بما قدمه وبتفوقه على كبار اللعبة في القارة العجوز، وظن الجميع أنها ليلة الثأر في لشبونة بعد خسارة مباراة الافتتاح.

دخل ريهاجل غرفة تبديل الملابس قبل اللقاء، وطالب اللاعبين بـ"المعجزة من أجل الشعب اليوناني"، وأصر على طريقته الدفاعية المملة لعشاق المنتخبات الأخرى، لكنها كانت ليلة دخول التاريخ عندما جاءت الدقيقة 57، وسجل خارستياس هدف الفوز.

ومع صافرة الحكم الألماني دكتور ماركوس ميرك، بكى كريستيانو رونالدو على ضياع البطولة وسط جماهير البرتغال، وبكت جماهير اليونان في كل الشوارع والميادين فرحًا ورقصت حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي بتحقيق إنجاز تاريخي يصعب تكراره مقارنة بتاريخ كرة القدم اليونانية. حقق منتخب اليونان واحدة من أعظم معجزات كرة القدم على مر تاريخها ليثبت أنها الساحرة المستديرة التي لا يمكن أن تتوقع أبدًا نتائجها، ولا تعترف سوى بالجهد والعرق والكفاح على العشب الأخضر، لا قيمة للأسماء أمام العمل الجماعي والحب والإخلاص.