يوميات الأخبار

قد الكف ويلهى مية وألف!

سارة الذهبى
سارة الذهبى

سارة الذهبى

انا عارفة ان الرسالة قاسية بس كلنا محتاجين نراجع نفسنا ونفوق..

تخيل لما حتة جهاز قد الكف قدر يقلب حياتنا فوقانى تحتاني!
سيطر علينا من كبيرنا لصغيرنا...
ارتبطنا بيه لدرجة الادمان والتوّحد معاه...
ياما لحس عقول ودّمر أسعد اللحظات..
تكنولوچيا سارقة للعمر والوقت والأحلام!
شاشة كإنها بتسحرلك أو بتنيمك مغناطيسى لحد ما تدمنها ومتبقاش قادر تعيش من غير ما تبص عليها!
مصيبتنا الكبرى بقت ( الموبايلات) والشاشات بكل مشتقاتها اللى اقتحمت حياتنا وفرضت وجودها بمنتهى الأريحية بمساعدتنا واستسلامنا التام كإن معمولنا غسيل مخ !!
تقدر تلاقيه قدام طفل رضيع بيزّن لسه معندوش المقدرة انه يمسك حاجة فا مامته عشان تعرف تكمّل شغل البيت أو حتى ترّيح شوية من زنه تعلقله الموبايل قدام سريره أو تثبته قدام عينه وتفتحله اليوتيوب عشان يشوف ڤيديو كرتون أو أغنية ويسكت، بس ياريتها بتيجى على قد ڤيديو واحد... تلاقى البيبى بقى يقعد بالساعات والأم سايباه عشان ملهى فى حاجة ومبسوطة ان مفيش دوشة ولا عياط، فأصبح الموبايل هو المنقذ والسلاح السحرى اللى بتطلعه الأم لما بتتزنق وساعات كتير بتطلعه على الفاضية والمليانة لحد ما الطفل ده يبطّل يطلعله حس من كتر ما هوّ مركز مع الموبايل ومبقاش قادر يعيش مراحل سنه عشان انفصل عن كل حاجة حوليه وتوّحد معاه..
بعد فترة بقى ممكن الأم تكتشف ان ابنها مش طالعلة صوت وبطّل يناغى أو ينتبه للمؤثرات الخارجية عشان ابنها جاله توّحد فاتأخر عن أقرانه فى الكلام وبقت عنده مشاكل فى التفاعل مع البيئة المحيطة بيه اللى الموبايل عزله عنها...
و فى أمهات بعد اكتشاف المشكلة بتفوق وتسحب الموبايل من ولادها وتندم على استسهالها وتقصيرها وفى أمهات تانى بتشترى دماغها وتقولك مسيره بكرة هيكبر ويتكلم ويندمج مع اللى حوليه وتكمل فى دوامة ادمان الموبايل لأجل غير مسمي..
هتلاقى الموبايل بالتبعية فى ايد كل الأطفال فى كل دول العالم بلا استنثناء بمختلف أعمارهم من أول حضانة وطالع...
كل طفل فى الأسرة أهله جايبينله موبايل أو تابلت عشان يبقى زى بقية أصحابه...
(ما هو لازم موبايل للواد.. علشان محدش يقول علينا حاجة) على رأى عبد المنعم مدبولى فى فيلم الحفيد..
الأطفال كلها بطلّت تلعب فى البيوت باللعب العادية مهما كانت قيّمة وفيها فكرة..
راح زمن لعب الكورة اللى بيرزع فى النجف والكوتشينة وبنك الحظ والمسدسات وعسكر وحرامية والعربيات البلاستيك والمطبخ والعرايس..
ده العيال فى الزمن ده هيفطسوا من الضحك لو قولتلهم يلا نلعب صيادين السمك أو المنديل أو استغماية أو خلاويص لسه..
كل واحد فيهم قاعد فى جنب لوحده..
يا هتلاقيه ساكت وأعصابه مشدودة من لعبة فيها أكشن..
يا ملامح وشه عنيفة وعصبى عشان بيلعب لعبة فيها قتل...
يا بيكلم نفسه عشان كسب أو خِسر..
يا بيتعصب عشان خسر بطولة..
يا بيكلم اللى بيلعبوا معاه نفس اللعبة...
يا بيعمل شات مع اصحابه على الواتس آب والماسنچر!!
فا بيضحك مع نفسه أو بيكشّر برضه مع نفسه!
يا هتلاقى بنتك جايبة فيديوهات زومبا على اليوتيوب على فيديوهات ميك آب توتوريال أو مسلسل تركى متابعاه أو مسحولة على الانستجرام بالساعات ومش طالعلها حس!
و هنعتبر ان لحد دلوقتى ربنا ساترها معانا ومحدش من الأطفال أو الأكبر سناً وقع فى ايدهم أى ڤيديو فيه محتوى غير لائق.... عشان ده موال تانى خالص ومصيبة محتاجالها مقالات لوحدها..
 وصدق الشاعر ابن التعاويذى لما قال ( اذا كان رب البيت بالدف ضارباً فشيمة أهل البيت كلهم الرقص )
اذا كان الأب والأم نفسهم مش بيسيبوا الموبايلات من ايدهم طول اليوم وحتى وقت الأكل بيكونوا قاعدين على ترابيزة السفرة يا وشهم هما الاتنين فى الموبايل، يا وش حد فيهم مبينزلش من عليه والباقى قاعد متنّح من غير كلام..تفتكروا العيال هيعملوا ايه ؟
و أحياناً بيكون وش العيلة كلها فى الموبايلات وقت الفطار والغدا والعشا ده ان اتجمّعوا على ترابيزة واحدة !!
منظر وحش صح؟؟
و يوجع القلب.. معاك حق
بس الأوحش فيه انه واقعى وبيحصل باختلاف درجاته جوه بيوتنا!!
ستات كتير بتشتكى ان جوزها مش بيسمعها خالص عشان ليل نهار وشه فى الموبايل...
مبيضحكش الا مع صحابه على جروب الواتس آب..
و مبيرودش الا على الماسنچر، بس يرد عليها هي.. لأ... ولا فى الدماغ..!!
مش بيسمعها مهما كانت أهمية اللى بتحكيه عشان مسحول مع الموبايل...
و رجالة كتير بتشتكى ان الستات ٢٤ ساعة مقطوعين لجروبات الفيس بوك والمسلسلات على اليوتيوب وسايبين البيت والعيال والزوج يضربوا يقلبوا!!!
تفتكروا الأطفال اللى بتنشأ وهى شايفة الأب والأم مدمنين للموبايل هيطلعوا بيلعبوا عادى وعايشين سنهم واللا هيدمنوا الأجهزة دى وبشراهة وينفصلوا عن العالم المحيط؟!
ده حتى فى السنين اللى فاتت فى تجمعات رمضان وأى تجمعات عائلية بقى منظر الأهل وهما متجمعين حاجة تقطّع القلب! برضه بسبب اللى ما يتسّمى الموبايل!
المشهد المتكرر فى كل تجمع انك هتشوف ناس ماسكة تليفوناتها ومترصصين على كنب!!
لا فى احساس باللمة ولا فى سلام ولا كلام!
مفيش حوار أصلاً..
لا حد بيعرف أخبار حد ولا حد فاكر أساساً مين جه ومين مجاش!!
مولد بينفض من غير أى لازمة..
لو شوفت صور الخروجة تفتكر ان كلها مشاعر ولو كنت معاهم هتعرف انها مجرد شو واستعراض !!
عايزة اقولكم ان الموبايلات بما ترتب عليها من استخدام ابلكيشنز التواصل الاجتماعى زى الفيس بوك والواتس آب والماسنچر خلوا علاقات الناس تقتصر على كومنت ولايك..
اللى عايز يعزّى بقى يكتب كومنت بدل ما يروح الدفنة أو (أضعف الايمان يكلم صاحب المصاب فى التليفون ويعزيه)!
العزا تحوّل لكومنت من سطر وبعدها sad face وشكراً على كده... وساعات من الزهق بيكتبوا RIP عشان مفيش وقت اللى هى Rest in peace ! حط نفسك مكانهم يا أخى هما لسه هيكتبوا انا لله وانا اليه راجعون والبقاء لله ! خلاص احنا بقينا فى عصر السرعة حتى فى الموت !!!
فين الوقفة وقت الشدة ؟ فين الجدعنة؟ فين الأصول؟؟ تقريباً كل دول اختفوا فى ظروف غامضة...
المرض بقى بيتكتب فيه كومنت محفوظ (الف سلامة وخلِصنا)... مش فارقة بقى نسأل هل المريض ده محتاج حاجة؟.. طب هل عايز حد جنبه! كل ده مش مهم... احنا عملنا اللى علينا وكتبنا كومنت أو بعتنا مسدج!!
اييييييه... هننهب ؟؟!
وفى الفرح أياً كانت المناسبة الناس بقت تكسل تبارك وبيكتفوا بلاڤ وساعات كتير بيعدّوا البوست ولا كإنهم شافوا حاجة عشان وجع الدماغ!!!!
 طيب محتاجين نعرف راحت فين انسانيتنا؟؟ والمعاملة الطيبة اللى كل الأديان بتطالب بيها..
والمشاعر النبيلة اللى اتربينا عليها من جدعنة ورجولة وتقدير للأشخاص وللمواقف؟؟ فين جو السند والضهر؟
ده حتى الناس لما بقت بتتخانق بقت تكسّل ترفع على بعض سماعة التليفون عشان يتعاتبوا أو يكلّفوا خاطرهم ويتقابلوا عشان يقرّبوا وجهات النظر...
الطبيعى دلوقتى هتلاقى الناس بتبطّل تعمل لايك وكومنت لبعض كنوع من لوى الدراع ودليل على الزعل والقمص ولو تفاقم الموضوع بتتحول لإلغاء الصداقة اللى غالباً بتوصل للبلوك المتين!! ومن بعدها بيتم اسدال الستار على عشرة السنين فى ثانية..
هتلاقى ناس كتير كانوا عِشرة عمر وكل ده راح عشان كومنت تافه فلان مردش عليه أو صورة حد نزلها وعمل crop وشال صاحبة من الصورة فا التانى اتقمص أو صحاب اتجمعوا ونزلوا صورتهم سوا ومقالوش لشخص معين فا لما شاف الصورة قاطعهم كلهم !!
الموبايلات مش بس بتنهش فى لحظات عمرنا اللى بننسى نعيشها واحنا لازقين وشنا فيه ومش بس بتضيّع مننا صداقات العمر بسبب بوست تافه أو لايك ولا يسوي..
دى بتدمر كيان عائلات..
بتخرب بيوت..
بتجيب لأطفال أمراض نفسية وعصبية.. ممكن تأثر على شخصياتهم طول العمر...
و بتجر شباب لسكك بطالة عشان مفيش رقابة من الأهل على محتوى أى حاجة بتتعرض من خلال البتاع ده اللى ملازمهم صبح وليل !!
الموبايلات عمالة تاكل وتنهش فى عدّاد عمرنا واحنا زى المضروبين على دماغهم ومسلوبين الإرادة وموافقين على ان حياتهم تضيع بالسيناريو الرخيص ده..
انا عارفة ان الرسالة قاسية بس كلنا محتاجين نراجع نفسنا ونفوق..