خطيب المسجد النبوي: غنى العبد في اضطراره إلى ربه

 الشيخ الدكتور علي بن عبدالرحمن الحذيفي
الشيخ الدكتور علي بن عبدالرحمن الحذيفي

قال الشيخ الدكتور علي بن عبدالرحمن الحذيفي، إمام وخطيب المسجد النبوي، إن غنى العبد وسعادته في اضطراره إلى ربه ويقينه بذلك.
واستشهد «الحذيفي» خلال خطبة الجمعة اليوم بالمسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة، بما قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِۖ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ } الآية 15 من سورة فاطر، منوهًا بأن خذلان العبد وخسارته وهلاكه في ظنه أنه غني عن ربه، وغروره بنفسه وبما آتاه الله ، فقال -صلى الله عليه وسلم- : «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ ».
وأوضح أنه قد خلق الله هذا الكون ليتم فيه أمره، ولتنفذ فيه مشيئته ، وليحكم فيه بحكمه لا معقب لحكمه ، وليدبره بتدبيره المحكم بعلمه وحكمته ورحمته وقدرته ، فالخلق يتحولون من حال إلى حال فهم بين فضله ورحمته وبين عدله وحكمته ، فما أصاب الخلق من سراء وخير فبمحض فضله ورحمته .

وتابع: فالنعم مبتداها من الرب جل وعلا ومنتهاها إليه، لا يستحق أحد عليه نعمة ، ومن رحمة الله بعباده أن أمر العباد بشكر النعم لتبقى وتزيد، وحذر من عدم شكرها لئلا تزول وتحيد، وشكر النعم بالقيام بالفرائض وعدم ارتكاب الفواحش والمنكرات، وتسخير النعم فيما يرضي الله تعالى وتعظيم المنعم جل وعلا.

وأضاف: تذكر أيها المسلم نعم الله عليك وتفكر في ابتداء ربك هذه النعم عليك وأنت لا تستحقها عليه ، وأثني بها على الرب سبحانه كما أثنى النبي صلى الله عليه وسلم، وتذكر النعم وتعظيمها يورث محبة الله والحياء منه ، إذ كيف يكون من العاقل أن يقابل المحسن بالإساءة.

ونبه إلى أن هذا من تدبير الله ومنه بالخيرات والبركات والحسنات على العباد ، ولا يقدر أحد أن يوافي نعم الله بالطاعات، فالفضل كله لله ولكن الله يعفو ويرحم ويتفضل ويرضى بالقليل من العمل الصالح مع الإخلاص وإصابة السنة، وكما أن الخير والنعماء والسراء بقضاء الله وقدره وفضله ورحمته فكذلك المصائب والشرور والعقوبات بقضاء الله وقدره وعدله ورحمته.

وأشار إلى أن الله عز وجل خلق الأسباب وخلق ما بعد الأسباب ، فالرب سبحانه يخلق بسبب ويخلق بغير سبب، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، يبتلي بالخير ويبتلي بالشر، فيثيب الله الطائعين الشاكرين ، ويعاقب العصاة الجاحدين، فالكون يجري على سنن الله التي أراد وبينها الله في كتابه.