العادات والتقاليد لـ«أهل النوبة»| أسرار رقم 7 «سبع حبات» .. «سبع شمعات».. «سبع بلاحات»

التراث الشعبى فى ثقافة أهل النوبة
التراث الشعبى فى ثقافة أهل النوبة

دراسة فى التراث الشعبى للباحث الأكاديمى في مجال الدراسات الشعبية محمد أبو شنب تتناول "أسرار رقم 7 فى ثقافة أهل النوبة ففى اليوم السابق على سبوع المولود كانت تقوم أم الطفل أو إحدى قريباتها بوضع سبع حبات من القمح والفول والذرة واللوبيا والشامي والبازلاء والكشرنجيه في طبق ملئ بالماء مع إيقاد سبع شمعات.

ويوضح الباحث محمد أبو شنب أن هذا الطبق يوضع عند رأس المولود اعتبارًا من اليوم السادس للمولود حتى عصر اليوم التالي (يوم السبوع) ثم يتم أخذ كمية من هذا الفول مع بعض الحبوب والبقوليات الأخرى التى تعرف بالمصطلح الشعبي بـ (السبع حبوب أو الحبوب السبعة) لربطها مع بعضها البعض ثم يرتديها المولود وأمه.

 فقديماً كان يتم جلب هذه الحبوب السبعة من الجيران، أي من كل بيت حبة واحدة، بحيث تأخذ أم الواضعة حبة من كل سيدة متزوجة، بشرط أن لا يكون زوجها ليس لديه امرأة أخرى، ثم توضع هذه الحبوب مع ثمرة من ثمار الباذنجان داخل الصينية لتوضع بعد ذلك بجوار الواضعة ووليدها الرضيع في غرفتها لتجنب اصابتها أو اصابته بالمشاهرة أى الحسد.

ويلقى خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بمناطق آثار جنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار الضوء على هذه الدراسة موضحًا أن طقسة اليوم السابع للمولود وقت الغروب بوضع هذه الصينية وما تحتويه من مواد في الصالة أو في المكان الذى يتم فيه الاحتفال بالسبوع، وأثناء هذا الاحتفال يتم تقديم هدايا السبوع التى تم تحضيرها وتجهيزها منذ أيام وتوزيعها لجميع الحاضرين والزائرين، وبعد تقديمها تقوم الأم (أم الواضعة) بأخذ كمية من الحبوب السبعة ورشها على الأرض في جميع أركان غرف البيت، ولا يتم تنظيفها إلا في اليوم التالي من هذا الاحتفال.

 

ثم تقوم الواضعة بحمل وليدها في زفة جميع الحاضرين من الأطفال الصغار والنساء والفتيات والسير في كل غرفة من غرف البيت أما قديمًا فكان يتم كنس غرفة الوالدة بجريدة خضراء جديدة تعلق بعد عملية الكنس على جدار الغرفة بهدف تشتيت الانتباه كنوع من أنواع الوقاية من الحسد والعين، ثم يرش من هذا الماء المنقوع فيه السبع حبات أو الحبوب السبعة على فراش الوالدة وعند باب الغرفة (غرفة الوالدة).

 

ثم تعقد هذه الحبوب وتشبك بدبوس لتوضع على صدر المولود أو توضع تحت وسادته، ثم تخرج الوالدة حاملة مولودها إلي خارج باب البيت، حيث توقد لها السيدات نارًا يلقى فيها قليل من الملح، ثم تخطو عليها سبع مرات، وبعد ذلك تقوم بغسل وجهها ووجه مولودها بماء تطفئ به النار، ثم تعود إلي غرفتها مرة أخرى، وأثناء هذه الاحتفالية تعد النسوة في البيت كمية من مسلوق الحبوب السبعة يقال له بالنوبية "آرجيه"، يأكل منه الحاضرون من نساء وأطفال، كما يرسل منه أيضًا إلي كبيرات السن والمقعدات في بيوتهن".

ويتابع الدكتور ريحان بأنه أثناء عملية رضاعة المولود، كان يوضع بجوار المرأة الواضعة طبق نحاسي يعرف بـ "آنجر" طوال الأربعين يومًا، حيث يوضع به سبع بلحات وحبات من الحبوب السبعة وبعض البخور والكحل، وعندما تقوم الأم برضاعة المولود كانت تدق عليه بالمكحلة، فيحدث رنين تنصرف على أثره الزائرات وتبقى الأم والأخوات فقط، بحيث تتم عملية الرضاعة في هدوء تام، وإذا رفض المولود الرضاعة الطبيعية من امه، كانوا يعتقدون في هذه الحالة بإنه اصيب بالمشاهرة.

 

 وهنا تقوم الأم بحمله والدوران حول الزير الموجود بالمنزل سبع مرات بعد المغرب، اعتقادًا بالقوة السحرية لماء النيل المختزن في الزير، وأن هذه الممارسة قد تساعد بشكل أو بآخر على فك مشاهرة الطفل، كما كان يسود الاعتقاد أن العين الحاسدة قد تصيب الأم أيضًا نتيجة النظر إليها أثناء رضاعه طفلها في حضور الزائرات، وهنا يتم إيقاد النار بجوار فراشها وإلقاء بعض الأنواع من البخور كبخور التيمان، بالإضافة إلى قليل من تراب سبع خطوات من أمام باب البيت، كما تقوم كل امرأة حاضرة بوضع خصلة من شعر رأسها ثم يتم قص ورقة على شكل عروسة، بحيث تؤخز عينى تلك العروسة الورقية بإبرة، وهى تقول "من عين فلانة الفلانية وتذكر أسماء الحاضرات من النساء.

 

ثم تختم بالقول "من عين اللى شافتها وما صلتشى على النبى"، ثم تلقى بالعروسة في النار، فيتصاعد منها دخان أبيض، فتتنابذ الحاضرات شكل الحاسد، ثم يتم قص فتلة من جلباب كل من أشاروا إليها لإلقائها في النار، وبعدها يتم تبخير المولود.


وهنا نجد أن أي ممارسة ثقافية تمارس في هذا اليوم (يوم السبوع) يكون عددها الرقمي سبعة، كالحبوب السبعة، التخطى فوق النار أو المولود سبع مرات، أو حمل المولود في مواجهة الشمس سبع مرات، أو إيقاد سبع شمعات داخل "كونيته" الذى يوضع فيه المولود، أو وضع سبع عقد في يد كلاً من الأم والمولود بغرض الوقاية من الحسد والعين، غسل وجه الأم والمولود ثلاث أو سبع مرات بماء النيل أو بأي إناء آخر في حالة بعدها عن مكان النهر، وهكذا.