حكايات| «طهارقة».. فرعون أسمر انحاز للفن وحمى «أورشليم»

«طهارقة» .. فرعون أسمر انحاز للفن وحمى «أورشليم»
«طهارقة» .. فرعون أسمر انحاز للفن وحمى «أورشليم»

يبدو أن أي حاكم مصري أسمر، كان مميزا وصاحب تذوق فمثلما أطلق الرئيس محمد أنور السادات عيد الفن، فكان الملك طهارقة النوبي منحازا للفنون والعمارة، وازدهر أصحابها واعمالهم في عهده.

الفن لتدعيم الحكم

تعود قصة طهارقة للعام 690 ق.م، حيث توج ملكًا، وكان يعم السلام أول سنين حكم، ويقول خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بمناطق آثار جنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار، أن الملك الأسمر ينتمي إلى أسرة نوبية حكمت مصر زهاء مائة عام وساهمت في إحياء الدين والفن والعمارة لعصور ازدهارها وقد أصبح ملوك كوش فراعنة الأسرة الخامسة والعشرين في مصر لنحو قرن من الزمن، حتى هزمتهم الإمبراطورية الآشورية الحديثة تحت حكم أشوربانيبال، وطردهم من مصر الفرعون إبسماتيك الأول.

عمد طهارقة لبناء العديد من المعالم المصرية، وذلك لتعضيد حكمه، فهو على سبيل المثال باني الأعمدة التي نُصبت في الساحة الكبيرة لمعبد آمون العظيم بالكرنك، وللأسف لم يتبق منه إلا عامودا واحدا، كما أن ساهم في معبد الكرنك، إذ أنشأ منحدرا ملكيا في منتصف المعبر الثاني للمعبد ليقسمه إلى ثلاثة أقسام بعد تشييد هذا المنحدر.

أهرامات نوري

ويشير الدكتور ريحان إلى أن طهارقة كان حاكمًا مهمًا، حيث مثل عهده عصرًا ذهبيًا لمملكته الجديدة. على الرغم من أنه لم يكن من أصل مصري، إلا أنه حافظ على عبادة الإله المصري آمون، وبنى أهرامًا ومعابد بالأسلوب المصري، وكان مسؤولوه يكتبون بالهيروغليفية المصرية وقد بلغت قوة الأسرة الخامسة والعشرين ذروتها في عهد طهارقة، وكانت إمبراطورية نهر النيل كبيرة كما كانت في عهد المملكة الحديثة. وأدى هذا الازدهار الجديد إلى إحياء الثقافة المصرية وأعيد الدين والفن والعمارة، إلى أشكالها المزدهرة القديمة والمتوسطة والحديثة. كما تم بناء أو استعادة بعض المعابد والمعالم في جميع أنحاء وادي النيل بما في ذلك منف، الكرنك، الكوة، وجبل البركل. وخلال عهد الأسرة الخامسة والعشرين شهد وادي النيل إحياءً كبيرًا لبناء الأهرامات لأول مرة منذ عصر المملكة الوسطى حيث بنيت الأهرامات فى "نورى" تقع على الضفة الغربية لنهر النيل بالنوبة العليا

حكم الذاتي

أعطى الحكام المحليين قدر كبير من الحكم الذاتي بسبب التنافس مع الآشوريين، ودعم طهارقة تمردات فى المدن الفينيقية والتي كانت تسعى للاستقلال، إلا أنها أخمدت من قبل الملك الآشوري آسرحدون وفي عام 674 ق.م. حاول آسرحدون غزو مصر إلا أنه هُزم، فحاول مجددًا بعد ثلاث سنوات، وتمكن من هَزيمة طهارقة، الذي هرب من منف تاركًا عائلته الملكية التي أُسرت وأُرسلت إلى آشور مع ثروة كبيرة من منف.

وأطلق اسم كوش من قديم الزمان على المنطقة جنوب الشلال الأول والواوات على شماله في بلاد النوبة العليا والسفلى، حيث قامت حضارة وادي النيل النوبية الكوشية، وبحسب بعض المراجع فإن «طهارقة» ورد ذكره في الكاب المقدسس على أنه حامي أورشليم من هجمات الآشوريين.

الدكتور ريحان يضيف أن الآشوريون لم تمتد سيطرتهم إلى مصر العليا جنوبي منف. وتمكن طهارقة بعد سنة من إعادة السيطرة على الدلتا، مما استدعى عودة آسرحدون لمصر مجددًا إلا أنه مات في الطريق فتولى بعد ذلك ابنه آشوربانيبال والذي غزا مصر وتمكن من هزم طهارقة للمرة الثانية، والذي تراجع إلى "نبتة" (موقعها الآن كريمة بالسودان) بعد عودة آشوربانيبال إلى "نينوى" (تقع بشمال العراق)، وتحالف الحكام المحليون في مصر مع طهارقة لمشاركته الحكم، حيث على الأغلب رأوا أنه أقل غرورًا وتدخلًا في الشؤون المحلية، إلا أن المؤامرة اكتشفت وتم إعدام المتآمرين، وتوفي طهارقة بعد ذلك بوقت قصير.

 

 

 

 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي