عاجل

احم احم !

«تأشيرة سفر» تتحدى كورونا !

هشام مبارك
هشام مبارك

حلمت بالسفر إلى كل دول العالم فأغلقت المطارات أبوابها وامتنعت السفارات عن إصدار التأشيرات. حلمت أن استيقظ يوما لأجد لى جناحا طائرا يستطيع أن يحلق فى كل سماء الدنيا فإذا بالعزل الإجبارى هو الخيار الوحيد أمامى ليصبح مجرد حتى التنقل بين غرفة واخرى داخل الشقة مسألة فى غاية الحساسية والخطورة.تمنيت أن يكون لى نصيب فى نسمة هواء اتنفسها فى كل بلاد العالم فإذا بى اتنفس بالكاد من وراء كمامة خانقة. أغمضت عينى مفكراً:كيف ضاقت الأرض فجأة بما رحبت؟ وهل سأعود يوما لأحلامى فى السفر والطيران بجناحى طائر يجوب الدنيا كلها بدون قيود،وهل سأتمكن مرة اخرى من التنقل بين غرفتى والصالة بدون حسابات معقدة وتعقيمات متنوعة؟.سرحت فى تلك الأفكار فامتدت يدى إلى كتاب على مكتبى وفتحت دون أن أقرأ عنوانه احدى صفحاته فوجدت المؤلف قد كتب فى مقدمته هذه العبارة:»لم أقع يوما فى فخ النقمة على حالنا،كل شيء قابل للتغير للأفضل، فقط تتولد الرغبة لدى الناس، ويكون لديها الرغبة والقدرة على التغيير.
كان الكتاب قد وصلنى منذ عدة أيام فى مظروف أنيق مكتوب عليه اسمى ولكن تلاحق الأحداث حال بينى وبين حتى أن أعرف اسمه أو من أين جاء.عدت للغلاف لأكتشف من عنوانه أنه الكتاب الذى جاء فى توقيته تماماً بالنسبة لى. كيف لا واسمه تأشيرة سفر.وفيه يتحدث مؤلفه الصديق والكاتب الكبير علاء عبد الهادى عن رحلاته إلى بلاد الدنيا والتى شملت قارات العالم بالكرة الأرضية باستثناء استراليا حتى الآن.إذن توقيت الكتاب كان بمثابة رسالة من السماء تقول لى بكل وضوح إنه فى الوقت الذى بدأ حلمى فى السفر لجميع بلاد الدنيا يتلاشى بسبب انتشار فيروس كورونا جاءتنى تلك البلاد بنفسها وهنا على مكتبى. الطريف كما يروى علاء أنه عاش النصف الأول من حياته ولديه شبه يقين أن الله لم يقسم له أن يكون من هؤلاء الذين يسافرون إلى بلاد العالم رغم أنه صحفى وبحكم المهنة فقد يسافر فى مهمة هنا أو هناك مثل بقية الزملاء.وفى اللحظات التى أوشك فيها علاء على اليأس من أن يحصل على فرصة للسفر كان دور الزوجة المخلصة الوفية وهى بالمناسبة زميلتنا العزيزة هدى الخولى الكاتبة الصحفية بمجلة آخر ساعة حيث يقول عنها علاء:كانت زوجتى تبشرنى دائما بأن رزقى لم يأت موعده بعد وأن الله سوف يعوضنى»حتسافر وتزهق من السفر»وكنت دائما أرد عليها بالتهكم اعتقادا منى أنها تسخر من قلة حظى.وقد تحقق يقين الزوجة وفتحت مطارات العالم أحضانها لاستقبال علاء لدرجة انه فى بعض الأحيان كان يفاضل بين الأسفار بل ويعتذر عن الكثير منها ويرشح بعض الزملاء للسفر بدلا منه.نعم لهذه الدرجة.
لا تقتصر متعة الترحال بصحبة علاء عبد الهادى فى كتابه تأشيرة سفر فقط على العواصم الكبرى التى زارها ولكن الأهم من وجهة نظرى كقاريء هو تلك المدن غير الشهيرة التى زارها علاء وسجل وقائع زيارته لها فأضاف للقاريء كمية كبيرة من المعلومات عن مدن ربما يسمع عنها لأول مرة مثل بلنجهام فى بريطانيا وكذلك مدينة وتبى فى بريطانيا أيضا التى يقال أن بها بقايا قصر دراكولا مصاص الدماء.وقرية اسبلتيه احدى قرى الجنوب الفرنسى على الحدود الاسبانية ومدينة فالنسيان شمال فرنسا ومدينة كورتونا فى اقليم توسكانى الإيطالى. الاسم ليس له علاقة طبعا بفيروس كورونا الذى كانت إيطاليا من أكثر الدول تأثرا منه. ناهيك طبعا عن براعة السرد التى تميز بها اسلوب علاء وهو يحكى لنا بعض تفاصيل زياراته لعواصم الدنيا ومدنها الكبرى مثل واشنطن ونيويورك وطوكيو وباريس وروما وجنيف وبغداد والنجف وموسكو وموناكو وبكين واوسلو واسطنبول وبرلين واليونان والدانمارك وغيرها.شكرا جزيلا ياعلاء على هذه الجولة السياحية الرائعة التى جعلتنى بقراءتها أتحدى هذا الوباء اللعين الذى يريد أن يقف حائلا بيننا وبين أحلامنا فى السفر ومليون تحية لسطورك الرائعة وهى فعلا كما وصفتها بقلمك:دعوة للعودة إلى زمن الجمال ودعوة لعودة مصر التى كانت جميلة قوية بأهم سلاح وهو قوتها الثقافية الناعمة.ويقينى أن ذلك سيحدث يوما ما رغما عن أنف تلك الكورونا.