محمد البهنساوي يكتب: رسائل قوية من المنطقة الغربية

محمد البهنساوي
محمد البهنساوي

- قوة جيشنا وحداثة تسليحه ووقفة لإعادة ترسيم حدود المطامع وشهوة التوسع

- قواتنا قادرة منذ زمن على وقف المطامع بليبيا لكنها رفضت حرصا على الأشقاء

- الآن .. وبعد رسائل اليوم.. هل فهم السائلون مغزى إعلان القاهرة وأهدافه؟!

- أثيوبيا والسد والموقف المصري بين القدرة والثوابت


اليوم السبت الموافق 20 يونيو 2020.. لم يكن يوما عاديا.. ولن يكن يوما عابرا على الإطلاق بمصر ومنطقتنا العربية.. ومن المفترض أن يتوقف عنده كل ذي عقل أو من يملك ذرة من فكر وحكمة وبصيرة.. فما شهدته المنطقة الغربية العسكرية اليوم أعتبره إعادة ترسيم حدود.. ومواقف.. لا أقصد بالطبع الحدود الملموسة بين الدول.. إنما حدود للأطماع وشهوة الأحلام التوسعية.. حدود في الفهم الصحيح لقيمة الدول وقوتها ومكانتها .. لقد وقف الرئيس السيسي وبهدوءه المعهود يبعث برسائل قوية ومزلزلة للجميع .. من هي مصر .. ولماذا صبرها وطول بالها .. كيف تثق مصر في نفسها وجيشها .. وكيف بلغت بها القوة منحاً بعيدا يجعلها تكبح جماح غضبها .. وتحبس أنفاسها قبل أن تطلقها – بكل سهولة - نارا تحرق كل متجاوز ومتطاول في حقها .. فمصر كبيرة وكل هذا شيم الكبار .. بعيدا عن صفاقة الصغار ورعونة المغامرين .. وتجاوز الطامعين

ولعل أهم تلك الرسائل جاءت في الاتجاه الغربي .. ليبيا الشقيقة وما يحدث فيها ومحاولة البعض تحويلها إلى مسرح لمرتزقة الإرهاب والسياسة.. وبلطجية الدول أصحاب المطامع التي لا تقوم إلا على أوهام من الماضي.. ولعل مجرد زيارة الرئيس السيسي لقاعدة سيدي براني اليوم.. وما استعرضه من قوات ومعدات وأبطال لجيشنا العظيم في حده ذاته ودون أي حديث هو رسالة ردع قوية لكل من تسول له نفسه أن يعبث مع مصر ويقترب بأذى من حدودها .. ورغم ذلك بعث الرئيس السيسي بعدة رسائل أخرى غاية في القوة والوضوح .. ووضع حدا للكثير من التساؤلات سواء لدي المصريين أو الأشقاء العرب أو حتى العالم أجمع .. ما الذي حدث ويحدث في ليبيا ..وكيف صمتت مصر حتى تصل الأمور لتلك الدرجة ؟ .. وما المغزى والفائدة من إعلان القاهرة والميلشيات لا تعيره اهتماما وتلوح بالتوسع شرقا في اتجاه مصر وحدودها ؟

وجاء الرد واضحا جليا .. انه الشرف .. المبدأ الذي يتوه في دهاليز السياسة ويغيب ويتواري في حسابات الدول والسياسيين .. لكنه يظل راسخا في أذهان مصر وقادتها وجيشها .. فمصر التي كانت تستطيع أن تتدخل لتوقف الكثير مما يحدث في مصر .. أثرت الصبر حتى لا تزلزل بلدا شقيقا وتقطع أوصاله .. آما الآن وقد بلغ الخطر مداه علي الأشقاء في ليبيا واعمي الطمع عيون زائغة لتتيه عن مصر وقوتها وبسالة وجيشها .. كانت الرسالة المهم اليوم .. للمصريين وجيشهم .. اليوم اكتملت لكم أسبابكم للتدخل الفوري .. من شرعية قانونية دفاعا عن النفس .. وشرعية دولية استجابة للأشقاء بليبيا .. وكانت الرسالة واضحة .. ما وصل إليه الجميع هناك يقفوا عنده خاصة خط " سرت - الجفرة " .. خط أحمر وإلا تحركت تلك الجحافل التي شاهدها العالم بأثره اليوم .. وليدرك الآن السائلون عن إعلان القاهرة "أسبابه وجدواه" إجابتهم.

ولعل قواتنا قادرة على هذا التدخل وتحقيق أهدافه من حماية وتأمين حدودنا الغربية بعمقها الاستراتيجي من تهديدات المليشيات الإرهابية والمرتزقة .. بجانب دعم استعادة الأمن والاستقرار على الساحة الليبية وباعتباره جزءا لا يتجزأ من أمن واستقرار مصر والأمن القومي العربي، وكل هذا يتوقف الآن على إطلاق مفاوضات عملية تسوية سياسية شاملة تحت رعاية الأمم المتحدة.

والرسالة الثانية المهمة في هذا الشأن كانت للشعب الليبي وشيوخ القبائل هناك .. فمصر لن تتأخر لحظة عن الاستجابة لطلبهم لحماية مكتساباتهم .. وسيأتي تدخل تلك القوت كما قال الرئيس نصا لشيوخ القبائل "وأنتم متواجدين فوق منها.. وشيوخ القبائل الليبية على رأسها" ولأن مصر العظيمة لا مطامع لها فستعود تلك القوات فورا بعد انتهاء مهمتها

**

نأتي إلي رسالة مهم للغاية.. أهميتها في أنها موجهة للعالم كله من رئيس مصر.. ملخصها كما قالها الرئيس "يخطئ من يظن أو يعتقد إن حلمنا ضعف.. ويخطئ من يفسر أو يظن أن صبرنا تردد .. فصبرنا من أجل استجلاء المواقف وإيضاح الحقائق لكن ليس أبدا ضعفا أو تردد".. فمصر "الشريفة" لا تتدخل في شئون الدول.. ومصر الكبيرة لا ترد على سخافات وتجاوزات الصغار.. ومصر العريقة لا تلتفت لتلميحات التافهين السطحيين بطلجية السياسة.. لكن أن يفهم الجهلاء صبر مصر وعظمتها خطأ ويعتقدوا أنهم يستطيعون بقوة السلاح النيل منها.. فهنا جاء الرد علي لسان الرئيس السيسي "أقول له لن تمر شرقا ولا غربا".. وكما قلت فتلك الرسالة ليس لما يحدث بليبيا فقط إنما بكل ما يتعلق بمص شمالا وجنوبا وشرقا وغربا.

ولقد توقفت كثيرا عند الجملة التي اختتم بها الرئيس السيسي كلمته التاريخية التي أشار فيها لما يواجه الأمن العربي في ليبيا من سيطرة الجماعات الإجرامية والمرتزقة المدعومة من القوى المعادية التي تسعى لاستعادة نفوذ مضى زمانه ولا ترغب لأمتنا الخير والأمن والاستقرار لأمتنا " .. وحتى ولو لم يقلها الرئيس صراحة مستمرا في دبلوماسيته المهذبة في مواجهة طفح سياسي لقادة آخرين .. لكن هل يجهل أحد أي قوي تلك التي تسعي لاستعادة نفوذ مضي زمانه .. ولن ينجحوا في ذلك مهما بلغت بهم أحلام يقظتهم.
 

**

ورغم أهمية الحدث.. وأهمية الرسائل التي تم توجيهها غربا لتسلك منه سلكا فجاجا بكل بقاع العالم.. خاصة تلك المتربصة بمصر والمتآمرة عليها .. لكن لم يكن لتمر تلك المناسبة إلا بالإشارة لحديث حتى ولو كان عابرا .. لكنه كان مطمئنا .. عن سد النهضة .. وكالعادة جاءت الكلمات القليلة للرئيس السيسي عن هذه المشكلة التي تؤرق الكثير من المصريين مؤكدة علي الثوابت المصرية في هذا الشأن ولعل أهمها حرص مصر من البداية على حل تلك المشكلة دون آن تهدم العلاقات مع أثيوبيا.. ولا أن تمنعها من سعيها للتنمية.. لكن في مقابل أن نحفظ للشعب الأثيوبي حقه في التنمية .. أن يحفظ لنا قادته حقنا في الحياة.. ولعلها رسالة لا تحتاج إلى توضيح.. فمصر القوية والقادرة تحرص أولا أن تسلك طريق السلم والدبلوماسية لأخره ..وتراهن على أن يفهم الجميع صبرها بصورته الحقيقية ولعلهم يفقهون !