وحى القلم

هنا القاهرة

صالح الصالحي
صالح الصالحي

المبادرة المصرية التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى بحضور المشير خليفة حفتر قائد الجيش وعقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبى لوقف إطلاق النار وسحب الأسلحة من جميع الميليشيات داخل ليبيا. امتدادا لاتفاقية برلين التى أكدت على وقف منح الأسلحة للأطراف المتصارعة فى ليبيا.. هذه المبادرة وقبلها جهود مصرية عديدة من أجل لم الشمل الليبى وحقن الدماء.. ونزع فتيل الأزمة الذى تشعله التدخلات الأجنبية داخل الأراضى الليبية.. التى تعمل على تحويل ليبيا إلى سوريا أخرى.

وعلى الرغم من التفاؤل الذى حظى به الملف الليبى لاختلافه عن الملف السورى لعدم وجود طوائف متناحرة  داخل ليبيا.. إلا أن الأمر غدا صعبا بتسلم الإخوان المسلمين الإرهابيين الأوضاع فى ليبيا بعد رحيل القذافى.
وتراخى الجانب الجزائرى والتونسى عن دعم الملف الليبى.

وأصبحت الحروب بالوكالة فى ليبيا امتدادا للحروب بالوكالة فى سوريا عن طريق جلب الميلشيات التى كانت تحارب فى سوريا لتطبيق المهارات التى اكتسبتها خلال ما يقرب من عقد من الحروب هناك. هذا فى نفس الوقت الذى تعتبر فيه ليبيا غنيمة كبرى لامتلاكها للنفط والغاز الذى تطمع فيه تركيا واتفاقها مع حكومة السراج لتحقيق هذا الغرض وإتاحة التواجد التركى غير الشرعى فى ليبيا.

يشتعل الملف الليبى بأطراف أخرى أوروبية على اعتبار أن ليبيا تعد أمنا قوميا لهذه الدول فى جنوب المتوسط.. وبذلك ينتقل الصراع الدولى بأطرافه من سوريا إلى الأراضى الليبية بنفس الموقف المتأرجح من الرئيس الأمريكى ترامب ما بين ضربه لبعض الإرهابيين وعدم إدانته للتصرفات التركية فى ليبيا وتحذيره للجانب الروسى بضرورة رفع يده عن التواجد فى الشرق الأوسط. هو نفس سيناريو، صراع الكبار على غنيمة النفط والغاز بدعم الولايات المتحدة لتركيا كى تقوم بالحرب بالوكالة فى ليبيا بعدما انتهى أمرها فى سوريا. فالطموح الاردوغانى فى حقول الغاز فى المتوسط بلا حدود والثأر من الجانب المصرى الذى حطم مشروعه العثمانى الاحتلالى  فى المنطقة لا يزال هو المسيطر عليه.

لكن مصر العاقلة لا تنجر أبداً لحرب مهما كانت الاستفزازات.. فالشأن الليبى يخصه وحده.. أما ما يخص مصر فهو حماية أمنها القومى المباشر والإقليمى والدولى.. فمصر ليست لها أى مطامع فى أى دولة ولا تتدخل فى أى شأن داخلى.. لكنها مع المصالحة الليبية لاستقرار الشقيقة ليبيا، هذا الاستقرار الذى يمس فى الأساس الأمن القومى المصرى.

مصر لديها جيش من أقوى جيوش العالم.. لكنه ليس جيشا معتديا.. عقيدته أمنه القومى والحفاظ على سيادة أرضه وحماية شعبه.. فالجيش المصرى جيش وطنى وليس حفنة من المرتزقة. وإن أراد كما يزعمون مساعدة المشير حفتر لانتهت الحرب فى ليبيا فى دقائق معدودة، ولكنها حكمة وعقلانية القيادة السياسية التى تعمل على لم الشمل العربى والحفاظ على الأمن القومى والسيادة المصرية.

وهى المعادلة الصعبة التى فرضتها العقيدة العسكرية المصرية على مدار التاريخ.

هى مصر التى علمت العالم.. وأحبطت كل محاولات التغيير الإخوانية فى المنطقة فى 3 يوليو.
حمى الله مصر.