حكايات| معهد أسيوط الديني.. عندما نقل الصعايدة «الأندلس» إلى جنوب مصر

معهد أسيوط الديني.. عندما نقل الصعايدة «الأندلس» إلى أسيوط
معهد أسيوط الديني.. عندما نقل الصعايدة «الأندلس» إلى أسيوط

تحفة معمارية أثرية أندلسية منارة علمية ودينية في قلب الصعيد أضيئت بنورالعلم والدين.. هنا يقف معهد أسيوط الديني مجسداً روعة العمارة والفن الإسلامي.

 

معهد مصمم على الطراز الهندسي الأندلسي؛ حيث مبانيه الثلاثة المخصصة للدراسة، ويتكون من طابقين يضم كل منها فصولا للدراسة ومكاتب إدارية، وقاعة عرض للأفلام العلمية، ومعمل لعلوم الأحياء والكيمياء والفيزياء، ويتوسط فناؤه حديقة مستطيلة الشكل في قلبها نافورة رخامية بديعة التصميم.

 

 

أما المبنى الثاني فيتكون من ثلاث طوابق يضم ثلاثة عنابر مدينة سكنية كاملة مجهزة بستة قاعات لإقامة، وإعاشة الطلاب، الوافدين من محافظات الصعيد المجاورة، وبه مكتبة علمية ودينية كبري تضم آلاف الكتب والمخطوطات، العلمية، والدينية، والجرائد التي صدرت قبل الخمسينات من القرن الماضي، والمبنى الثالث مسجد استخدم لتعليم الطلاب الخطابة وبه أيضاً مئذنة شاهقة الارتفاع اكتمل بناؤه سنة 1939.

 

تعود ذكرى إنشاء المعهد إلى زيارة قام بها الملك فؤاد ملك مصر والسودان إلى أسيوط، حيث كانت وقتها مديرية أسيوط عاصمة الصعيد، وطلب مشايخ الأزهر من الملك إنشاء معهد ديني أزهري بدلاً من سفر الطلاب، للمرحلتين الدراستين للحصول على الابتدائية، والثانوية، بدلاً من السفر لمحافظات أخرى على غرار المعاهد التي كانت تبنى في القاهرة آنذاك.

 

 

مشايخ الأزهر أرفقوا طلبهم بالحديث عن ازدحام مسجدي اليوسفي والأموي بالوافدين من طلاب العلم من مديريات الصعيد المجاورة، فاختار الملك فؤاد الأول الموقع الحالي بمنطقة الحمراء بأسيوط، وأصدر بذلك مرسوما ملكيا بتخصص قطعة الأرض الكائنة بمنطقة الحمراء على النيل مدينة أسيوط ومساحتها 4 أفدنة، و8 قراريط وسهمين، لإنشاء معهد ديني أزهري وقام الملك فؤاد وقتها بوضع حجر الأساس للمعهد سنة 1930، واستغرق بناؤه أربع سنوات واستخدم للدراسة سنة 1934 وشيدت مبانيه على الطراز الإسلامي الأندلسي.

 

الدكتور أحمد عوض وكيل وزارة السياحة والآثار بأسيوط يرى أن معهد فؤاد الأول واحد من أهم الآثار الإسلامية فهو الأول على مستوى الصعيد وثاني معهد بعد الزقازيق على مستوى الجمهورية من حيث المساحة والأهمية، لافتًا إلى أن المعهد به قسمين للدراسة والإعاشة وقد تم بناؤه على الطراز الإسلامي.

 

 

عوض أكد كذلك أن فكرة إنشاء المعهد تعود إلى عام 1915 عندما اجتمع أهالي أسيوط وفكروا في بناء معهد ديني، وبدلا من إرسال أولادهم للدراسة بالأزهر الشريف بالقاهرة اتفقوا فيما بينهم، وقاموا بجمع مبلغ من المال، وعندما بلغ ذلك السلطان حسين كامل اقتنع بالأمر وأصدر أمرا بإنشاء معهد ديني للتدريس العلوم الدينية والشرعية، وتم اختيار مسجد اليوسفي ليكون مقرا للمعهد.

 

ومع انطلاقته الأولى تقدم للدراسة بالمعهد نحو 200 طالب وبعدما كثر الطلاب ضاق بهم المكان فتم ترميم المسجد الأموي القريب منه وتبرع الأهالى وقتها بنحو 9 آلاف جنيه ليستمر المعهد في أداء رسالته، وبعدما نفدت الأموال وفي أثناء زيارة الملك فؤاد الأول لأسيوط عام 1923 علم بأن العمل بالمعهد قد توقف فأصدر قرارا بجعل نفقة البناء والترميم على الأوقاف وتكلف وقتها نحو 18 ألف جنيه.

 

 

وفي نهاية عام 1923 بادل معهد أسيوط بمنطقة مكان الحميات، وفي سنة 1924 بدأ تحديد معهد فؤاد الأول بمكانه الحالى، ويأتى عام 1930 ليضع الملك فؤاد الأول حجر الأساس لبناء المعهد.

 

وقد اكتمل بناء المعهد في عام 1934 وأراد الملك فؤاد أن يحضر افتتاحه ولكن حال مرضه دون ذلك فتولى افتتاحه الملك فاروق الذي اجتمع بعلماء وشيوخ المعهد، ليواصل المعهد أداء مهمته حتى الآن ليس لأبناء أسيوط وحدهم وإنما لأبناء الصعيد وبعد التوسع فى بناء المعاهد الأزهرية، وأصبح المعهد يخدم الآن كلا من المنيا والوادي الجديد حيث وجود شعبة الدراسات الإسلامية.

 

 

تغير اسمه بعد عام 1954 ليصبح معهد أسيوط الديني الأزهري بأسيوط، وفي عام 1987 صدر قرار رئيس مجلس الوزراء باعتبار مبنى المعهد وملحقاته أثر تاريخي يخضع لإشراف الآثار، ومازال معهد أسيوط الديني حتى الآن معلما أثريا ومزارا ثقافياً.

 

 

 

 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي