قصة «التعميد فى المسيحية» والحياة المتجددة للكنيسة

قصة «التعميد فى المسيحية» والحياة المتجددة للكنيسة
قصة «التعميد فى المسيحية» والحياة المتجددة للكنيسة

 
أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بمناطق آثار جنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار أن اليونانيون أطلقوا على المعمدانية فوتوستيريون من الإسم فوتيسما وتعنى تنوير والمقصود به المكان الذى يثقّف فيه الشخص أو ينّور والمعمدانية تبنى كحمام فيه يولد الشخص مرة أخرى بالماء والروح كما تسمى باليونانية كوليمفثرا وتعنى حوض أو جرن المعمودية .

وأضاف الدكتور ريحان أن كلمة عمّد تعنى غسل بماء المعمودية والمعمودية هى المبنى الذى تجرى فيه عملية التعميد، وطقس العماد هو الطقس الذى سبق اليهـود فيه المسيحيين، والتعميد هو إشارة للحياة المتجددة وهى من سمات الكنيسة منذ نشئتها حيث أن السيد المسيح تم تعميده واقفًا فى نهر الأردن، ويتم التعميد فى مياه جارية وإذ لم توجد ففى أى مياه أخرى، وحين البرودة فى مياه دافئة .

وأوضح الدكتو ريحان أن  مدة أربعين يومًا حددت كآخر حدود السن المقرر لتعميد الأطفال الذكور وثمانين يومًا للإناث والتعميد هو أحد الطقوس المسيحية الغرض منه كما يعتقد هو تعميد أو تنصير الأطفال بعد ولادتهم وذلك بتغطيسهم فى الماء الموضوع فى جرن المعمودية ويقوم الكاهن بوشم الطفل وتدشينه ثلاث مرات الأولى حتى منتصف جسمه باسم الأب والثانية حتى منبت رقبته باسم الإبن والثالثة يغطس فيها الطفل كاملًا حتى آخر أطراف شعره باسم الروح القدس ويردد الكاهن أثناء عملية العماد تراتيل كنيسة معينة  حينئذ سوف يقفز من الماء التى تهب له الحياة كطفلا جديدًا من رحم أمه الجديدة أى الكنيسة.
 
وتابع الدكتور ريحان أن عمليات العماد كانت تتم إبان العصور المسيحية الأولى فى الأنهار والبحار والينابيع وكان التعميد يتم فى المنازل فى فترات التعذيب ويتمثل فى وجود فسقية فى الفناء أو مكان يجاور الحمام وكانت هذه الأماكن غير عميقة لتغطيس الشخص «فهى تشبه ما يسمى اليوم حمام قدم» يقف فيه الشخص المراد تعميده ويصب عليه الماء فوق رأسه، واستمر هذا حتى بعد نهاية التعذيب ثم تطور ليصبح مبنى ملحق بالكنيسة حيث أن هناك حجرة خارجية بالكنيسة يجتمع فيها الأشخاص المراد تعميدهم لينبذوا الأعمال الشيطانية ويعترفوا بالعقيدة المسيحية فى الثالوث ثم يمروا لغرفة داخلية و يخلعوا ملابسهم ثم يدهنوا بالزيت المقدس و يتوجهوا للحوض المقدس بالمعمودية حيث يهبطوا ثلاثة مرات إحياءً لذكرى إقامة الثلاثة أيام للسيد المسيح فى القبر ثم يدهنوا بالزيت مرة أخرى و يرتدوا الحلة البيضاء .

ونوه الدكتور ريحان إلى أن أجران المعموديات لها أشكال مختلفة فمنها أجران مستديرة مبنية أسفل مستوى الأرضية ولا توجد بها درجات، و أجران مستديرة تؤدى إليها درجات سلم، وشكل مستدير يحوى درجات من كل جانب ويحاط الحوض أحيانًا بصف من الأعمدة به ستائر لتؤكد الخصوصية والحشمة أثناء عملية التغطيس وفى كل مدينة مسيحية مبكرة كان يوجد مبنى مثمن مسقوف بقبة ويشعل مصباح تحت القبة وتظل الأبواب مفتوحة طول اليوم، وبه حمام عريض عليه تماثيل حيوانات تتدفق من أفواهها المياه، وينزل للحمام بدرجات من الرخام وأرضية الحمام مغطاة بالموزايك وبه طغراء السيد المسيح وأسماك.
 
 وأشار الدكتور ريحان الى أن المعمدانية أصبحت شائعة فى مناطق الإمبراطورية البيزنطية فى القرن الرابع والخامس الميلادى واختفت بعد القرن السادس الميلادى وأصبحت داخل الكنيسة وليست بناء مستقل، وأقدم معموديات بمصر يعود تاريخها من القرن الخامس حتى التاسع الميلادى ووجدت فى الجزء الشمالى الغربى أو الجنوبى الشرقى من الكنيسة وينتظر الشخص المراد تعميده سبعة أسابيع على الأقل للإستعداد، والأشخاص المؤهلين للتعميد وهم الذين طلبوا التعميد يتلقون مجموعة من التعليمات ويرتدى المتعمد رداء أبيض جديد يرمز للسيد المسيح ويقف بأقدام مكشوفة على جلد حيوان والذى يرمز إلى ماضيه الوثنى، وفى ليلة البعث فى الفسقية يموت فيها ثم ينهض للحياة مرة أخرى شعره مكشوف تمامًا لذلك يجب أن يهبط عبر أستار المظلة التى تظلل الحمام لينزل عبر الدرجات إلى حوض التعميد ويمسك المطران بكتف الشخص ثلاثة مرات تحت الماء المصبوب عليه ويعمده .

وعندما يتم تعميد الجميع الرجال أولاً ثم النساء يقوم الشماسين الكبار بتقديم المساعدة، حيث يرتدى الجميع أثوابهم البيضاء كقطيع جديد فى سرب الراعى، ويتم استقبالهم فى البازيليكا المجاورة فى زينتهم لإنشاد المزامير فى عاطفة ومتعة بمشاركة الأعضاء الأكبر سنًا حيث يقفون فى مكان الشرف بجوار المذبح ، وسوف يروا لأول مرة الأسرار المقدسة للعشاء الربانى وهذا كله جزء من عيد الفصح أو عيد القيامة .