الهياكل البشرية تكشف عن أقدم إنسان على وجه الأرض

الهياكل البشرية تكشف عن أقدم إنسان على وجه الأرض
الهياكل البشرية تكشف عن أقدم إنسان على وجه الأرض

دراسة أثرية للدكتور خالد سعد مدير عام إدارة آثار ما قبل التاريخ بوزارة السياحة والآثار تحت عنوان «أدوات إنسان ما قبل التاريخ» تكشف عن عمر أقدم إنسان على وجه الأرض والذي يقدر بمليون ونصف عام. 

ويؤكد الدكتور خالد سعد أن العديد من العلوم المتصلة بالإنسان تركزت علي ثلاثة علوم وهى علم الجيولوجيا وهو علم طبقات الأرض الذي يرجع إلى 4000 مليون إلى 2 مليون عام وعلم الأنثربولوجيا وهو علم دراسة الإنسانيات من 2 مليون عام إلى 700 ألف عام وعلم الأركيولوجيا وهو علم دراسة إنتاج الإنسان القديم من 700 ألف عام وحتى الآن.

ويلقى خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بمناطق آثار جنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار الضوء على هذه الدراسة موضحًا أن  النظريات العلمية الحديثة تؤكد أنه لا صلة بين الإنسان والقردة بكل أنواعها كما جاء في نظرية داروين سواءً في السلوك أو الهيكل العظمى فالهياكل العظمية لجمجمة البشر تأكد أنها تختلف تمامًا عن مثيلاتها للقرود.

 ويوضح الدكتور ريحان أن العلماء اعتبروا أن أقدم إنسان على الأرض هو الإنسان المنتصب القامة ويُعتقد أنه إنسان ما قبل التاريخ الذي عاش منذ مليون ونصف إلى 300 ألف عام ويعتقد علماء علم الإنسان (الأنثروبولوجى) أن الإنسان المنتصب يشبه إنسان اليوم ولكن مخه كان أصغر وأسنانه أكبر وبلغ طول الإنسان المنتصب القامة 150سم وكان يسير معتدلاً وقد صنع الإنسان المنتصب بعض الأدوات الحجرية منها الفأس ويُحْتمل أن يكون هؤلاء الأشخاص القدامى من أوائل البشر الذين تحكّموا في استخدام النار، وقد ظهروا في إفريقيا وكانوا من أوائل الذين هاجروا من القارة وذهبوا إلى شمال آسيا وأوروبا.

ويشير الدكتور ريحان إلى العثور على بقايا الإنسان المنتصب كما جاء فى الدراسة حيث عثر يوجين دوبوا وهو طبيب هولندي على أول بقايا الإنسان المنتصب عام 1891 فى جزيرة جاوة بإندونيسيا وعثر أيضًا على بقايا آخرى لأفراد الإنسان المنتصب بالقرب من مدينة هايدلبرج بألمانيا وبالقرب من بكين بالصين وفى عام 1984 تم العثور على هيكلين شبه كاملين للإنسان المنتصب وقد تم اكتشاف أحدهما ببحيرة توركانا بكينيا بواسطة ريتشارد ليكى من كينيا وآلن ووكر من بريطانيا.

وتبين أن عمر العظام مليون وخمسمائة ألف عام وهى لأحد من أقدم أنواع الإنسان المنتصب القامة وقد خلت العـظام من الأسنان البالغة مما يدلّ على أن الشخص قد توفى وعمره حوالي 12 عام ويدل حجم عظمة الفخذ على أن طوله كان حوالي 168 سم ويعتبر هذا الهيكل الذي تنقصه بعض عظام الذراع والقدم أكثر الهياكل اكتمالًا من تلك التى تم العثور عليها لقدامى الأسلاف واكتشف الهيكل الآخر الذي عثر عليه عام 1984 بشمال شرق الصين ولكنه خلا من عظام الذراع والساق وعمره نحو 300 ألف عام وقد حققت هذه الاكتشافات للعلماء لأول مرة فرصة دراسة عظام صغار العمر من هذا النوع من الإنسان بالإضافة إلى دراسة عظام أخرى من جميع أجزاء الهيكل بدلًا من الاقتصار على الأسنان والجمجمة ويعتقد كثير من العلماء في الغرب أن الإنسان المنتصب هو تطور لإنسان ما قبل التاريخ والذي يُعْرف بالإنسان الماهر وأنه هو السلف لنوعنا الذي يُسَمَّى بالإنسان العاقل وتوجد من فصيلة هذا الإنسان العديد من الهياكل العظمية المنتمية إلي الإنسان منتصب القامة منها ( الهيمو هابيلياس ) ( الإنسان الصانع).

وينوه الدكتور ريحان إلى العثور على هياكل الإنسان المنتصب القامة أيضا بشمال أفريقيا والصحراء الكبرى تعود أقدمها إلى مليون سنة وهو إنسان سيدي عبد الرحمن الثاني بالمغرب كشف عنها عام 1996 ويليه في القدم إنسان تشاد واكتشفه الباحث الفرنسي إيف كوبنس 1961 في التكوينات الرسوبية لصحراء جوارب بالمغرب كما عثر على نماذج أخرى من هذا الإنسان فى الدار البيضاء والرباط وسلا بالمغرب وباليكاو بالجزائر وقد أطلق عليه اسم محلى هو.

الأطلانثروب وهناك احتمالية العثور على بقايا أيضاً بمصر وتونس  وليبيا وموريتانيا بالتنقيبات العلمية لآثار ما قبل التاريخ وقد أكد العلماء توفر الأدوات الحجرية التي استعملها هذا الإنسان والتي تغطى كل شمال أفريقيا والصحراء  مما دفع الباحثين  إلى القول بأن إنسان الأطلانسروب عاش في كل شمال أفريقيا والصحراء الغربية وليس فقط في المغرب والجزائر.

أمّا بخصوص الإنسان العاقل فيوضح الدكتور ريحان طبقًا لما جاء فى الدراسة أن الإنسان العاقل  )الهومو سابينس )  ظهر منذ حوالى  50000 عام ق.م. وهو الذي يعمر العالم اليوم  وإليه تنتمي  كل شعوب الأرض  ومع نهاية المرحلة الطويلة للعصر الحجري القديم بأقسامه الثلاثة ونهاية الأدوار الجليدية في أوروبا بدأ الجفاف في صحراء شمال أفريقيا وبدأت تنتشر بعض الموجات البشرية الجديدة جاء أغلبها من الصحراء الغربية واختلطت بالسكان الأصليين وامتزج فيهم وساهم معهم في تكوين التجمعات السكانية للمنطقة وعليه فالعنصر البشرى في شمال أفريقيا يكون قد التأم انطلاقًا من العناصر البشرية الأصلية التي عثر على بعض نماذج بقاياها في العديد من المواقع الأثرية بصحراء مصر الغربية إضافة إلى العناصر البشرية القادمة من صحراء شمال أفريقيا.

ويتابع بأن المرحلة الأخيرة هي مرحلة الإنسان المنتج (الحضاري) وهي ليست سلالة بشرية وإنما تطور واضح للإنسان العاقل انتشر في معظم بلاد العالم ومن أشهرها الصحراء الغربية وأسس تجمعات سكانية تاركًا رسومًا ونقوشًا صخريةً ومطورًا لأدوات الإنسان العاقل ومبدعًا فى استحداث أنماط كثيرة جدا لأدوات الصيد والزينة والحلي وقد عثر في مناطق متعددة من الصحراء الكبرى على مجموعات هامة من الرسوم والنقوش الصخرية التي تمثل مشاهد من الحياة اليومية لإنسان تلك المرحلة بجانب قطعان من الحيوانات المتنوعة  بعضها انقرض  وبعضها انتقل إلى مكان آخر والبعض الآخر لا يزال موجودًا وقد رسم هذا الإنسان الحيوانات المصاحبة لهذه الفترة الزمنية سواء كانت في محيط مناطق سكنه وإقامته أو أماكن رعيه كالكباش والماعز والأفيال والزراف والنعام أو حتى التي  استأنسها لاحقاً كالأبقار والأغنام وأنواع من الماشية البرية أو حتى كلاب الصيد.