من النقش على الحجر للكتابة على البــــردي إبداعات المصري القديم

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

دراسة أثرية للباحث الآثارى رضا الشافعي باحث ماجستير في الآثار المصرية القديمة تؤكد أن صناعة البردي من إبداعات المصري القديم.
   
وأكد الباحث رضا الشافعي أن صناعة الورق من نبات البردي علامة بارزة علي طريق الحضارة المصرية القديم، وكانت نقلة كبيرة في حياة الإنسان فبدلًا من النقش علي الحجر وما يمثله من جهد ووقت ومال وصعوبة النقل واحتمالية الخطأ فقد ساعد ورق البردي على نقل الثقافة والعلم والأخبار من مكان إلي آخر داخل مصر  كما لعب دورًا كبيرا في تسهيل الاتصال بين مصر ودول العالم الخارجي.

ويشير خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بمناطق آثار جنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار إلى هذه الدراسة موضحًا أن مصر صدرت البردي لدرجة أن ميناء بيبيلوس (جبيل حاليا) في لبنان يحمل اسمًا محرفًا من الاسم المصري القديم واليوناني للبردي "با-بر-عا" و"بابيروس" ولابد أن هذا الميناء كان منفذ تصدير هذا الورق إلي دول حوض البحر المتوسط ولا نعجب أن كتب فيلسوف يوناني لزميله قائلا "لم نعد نستطيع أن نكتب لأن البردي لم يعد يصلنا من مصر".

ويضيف الدكتور ريحان من خلال الدراسة أن البردى نبات مائي ينمو في الأحراش والمستنقعات وينتمي للعائلة السعدية التي لم تعد تنموا في أحراش الدلتا  ولكنها لا تزال تنموا في السودان حاليًا، وهو نبات مثلث الساق يصل ارتفاعه إلي حوالي ستة أمتار والبردي إلي جانب استخدامه في صناعة البردي استخدم كذلك في صناعة القوارب النيلية والسلال وغيرها، ويتكون ساق البردي من جزأين قشرة خارجية رفيعة صلبة كقشرة القصب ولب داخلي هو الذي يستخدم في صناعة الورق.

وعن صناعة الورق من نبات البردي يشير الدكتور ريحان إلى أن المصري القديم لم يترك لنا نصًا يتحدث عن صناعة الورق من هذا النبات وإنما شرح لنا المؤرخ "بليني" بعض خطوات هذه الصناعة، حيث ذكر أن الساق تقطع إلي قطع صغيرة يستخرج منها شرائح ترص إلي جانب بعضها البعض ثم توضع فوقها متعامدة عليها مجموعة أخري من الشرائح ثم تبلل في ماء النيل وتجفف تحت أشعة الشمس.

ويتابع من خلال الدراسة أن شرائح البردي توضع في ماء نقي بعد تقشيرها ويوضع قماش أسفل وفوق الشرائح لامتصاص الماء ثم يدق علي الشرائح لحوالي ساعتين بمدق خشبي، ثم يوضع الورق في مكبس صغير لتحقيق التحام الشرائح وكان لورق البردي وجهان، الوجه الأول ذو الألياف العرضية (الأفقية)، وهو الذي يستخدم للكتابة،أما الوجه الآخر (خلفية البردية) ذو الألياف الطولية (الرأسية) وهو لا يستخدم إلا في حالات نادرة كاستكمال النص أو كتابة عنوان المرسل إليه بحيث يظهر من الخارج عندما تطوي البردية لتأخذ شكل اللفافة .

وينوه الدكتور ريحان إلى مسميات البردي في اللغة المصرية القديمة وكان أكثرها شيوعًا اسم "محيت" لذلك أطلقوا على الدلتا اسم "تا – محيت" أي أرض البردي وأطلق على ساق البردي "واج" أي الأخضر وقد عرف البردي في النصوص الإغريقية باسم "بيبلوس" أما كلمة البردى فى اللغة العربية فمشتقة من اللغة المصرية القديمة (بابر – عا) والتي تعنى المنتمى للقصر الملكي وقد أصبحت هذه الكلمة في اللغات الأوربية (babyrus)  ومنها اشتقت كلمة (baber) والتي تعني "ورق" في الانجليزية.

وقد سجل المصري القديم على البردي النصوص الدينية والأدبية المطولة ونصوص المعاملات الاجتماعية مثل عقود الزواج والطلاق وعقود البيع والشراء وقد عثر على أول بردية بدون كتابات في مقبرة المدعو (حم – كا )في منطقة سقارة من عهد الملك "جر" (الأسرة الأولي)، وهي محفوظة حاليًا بالمتحف المصري وأول بردية هيراطيقية مكتوبة عثر عليها في منطقة الجبلين وترجع لعهد الأسرة الرابعة.