يوميات الأخبار

رقصة الفيروس

جمال الشناوي
جمال الشناوي

بقلم/ جمال الشناوي

نحن طلقنا الدنيا.. وليتزوجها الغرب.. ثم جاء ليحكمنا.

 عشنا لحظة تاريخية بفعل زوال حدود وحواجز عصر المعلومات، فجأة توحدت مشاعر 7 مليارات انسان أو اكثر فى لحظة واحدة.. الخوف سكن قلوبا والقلق منع العقول عن التفكير وبات الهلع مهيمنا على قارات الدنيا ستا كانت ام سبعا، وربما لم تتوحد تلك المشاعر من قبل، وقد لاتتوحد مرة اخرى إلا عند الحرب العالمية الثالثة او حين تقوم الساعة.

وعندما تنضج -كما يقول الحكماء - ستبتعد عن الجدل حتى لو كنت متأكدا من رأيك،ستضحك وتبكى دونما اعتبار لمن يراقبونك،ولن يصبح لحكم الآخرين عليك اى معنى أو سلطة، هذا هو الواقع وتلك هى الحكمة التى نكتشفها فجأة فى العقد السادس من العمر.
 هل بالغنا فى خوفنا من الفيروس؟.. الإجابة القاطعة لايملكها أحد حتى العلماء المتضاربة ابحاثهم ولكن بالتأكيد هو خوف من المجهول، وأحيانا لا أثق بنظريات المؤامرة، نعم هو الخوف الذى يسكننا، ولا اصدق أنها حرب باردة باتت ساخنة بين الصين وامريكا، لضربات اقتصادية واستحواذات على شركات عابرة للقارات فى زمن السكون والبيات الفيروسى للاقتصاد العالمى.

بالتأكيد الفيروس خطر داهم، لكن لفت انتباهى هذا الأسبوع تقرير تم تسريبه، أعده خبراء واطباء فى الجامعات الألمانية لحساب وزارة الداخلية..التقرير المكون من 93 صفحة بعنوان» تحليل إدارة الأزمات» تمت صياغته من قبل لجنة علمية شكلتها الوزارة من عدة جامعات ألمانية، وبين ابرز نقاط التقرير.. أنه بخلاف المبالغة فى تقدير خطورة كورونا التى لا تتجاوز خطورتها المستوى الطبيعى لأى فيروس، فأولئك الأشخاص الذين يموتون بالفيروس وصلوا إلى نهاية حياتهم ولم تعد أجسامهم الضعيفة قادرة على التعامل مع اى ضغوط طبية من أكثر من 150 فيروسا (متداول حاليا) يهاجم الإنسان من بينها كورونا..

ويستند التقرير إلى احصاءات الوفاة، فيقول «فى ربع عام -3 شهور- مات 250 ألف شخص حول العالم، فى حين أن هناك مليونا ونصف المليون توفوا فى 2017 - 2018 من موجة إنفلونزا العادية ضربت العالم، وفقدت ألمانيا وحدها 25 الفا و100 شخص فى تلك الفترة.. بمعنى أن خطر كورونا ليس اكبر من الفيروسات الأخرى.ويتهم التقرير الحكومة الألمانية بأنها كانت مصدرا للأخبار الوهمية، وايضا اتخذت اجراءات وتدابير تسببت فى اضرار اكثر من أخطار الفيروس ذاته.فعدد ضحايا إجراءات كورونا الاحترازية التى تفرضها الدولة أكثر ممن يقتلون بسبب الفيروس.

ولفت التقرير إلى ضرورة الاصلاح الفورى لأخطاء النظام الصحى فى ألمانيا، الذى ترك علاج الأمراض الأخرى والجراحات المنقذة للحياة.

وأيا كان صحة التقرير أو كان كغيره من آلاف التقارير والأبحاث المتضاربة التى نطالعها كل صباح من عواصم البلدان المتقدمة، فإنه يستوجب علينا أن نواصل العمل، والحذر.. أن نعود إلى الحياة لا أن نتعجل الموت خوفا من الفيروس..فقط نتبع ارشادات الأطباء ونحن فى مواقع العمل نكمل بناء مصر الجديدة.

العريس
تابعت مع غيرى خبر القبض على عريس بسبب تجاوزه الإجراءات الاحترازية، وكنت سعيدا بالبدء فى تشكيل الوعى بفرض القانون، وايضا لفت انتباهى خبر اتخاذ الإجراءات القانونية بحق سبعة آلاف و140 سائقا للنقل الجماعى،خالفوا قرار رئيس الوزراء بارتداء الكمامة فى يوم واحد.
اثق دوما أن وعى الشعوب لا يصنعه سوى تراكم تطبيق القانون بصرامة، ولى اقتراح فبدلا من اضافة آلاف القضايا إلى قاعات المحاكم المزدحمة فلدى اقتراح، وهو نوع جديد علينا - قديم فى العالم - من العقوبات المدنية، المطبقة فى كثير من الدول الكبرى التى زارها بالتأكيد كل أعضاء البرلمان والحكومة، لماذا لا نبدأ فورا بتطبيق عقوبات تستهدف دعم الخدمة المدنية، فمثلا السائق الذى يخالف، يتم إلزامه بالعمل فى هيئة الإسعاف لمدة اسبوع مثلا..او المدة التى يحددها القانون الذى اتمناه..
مثلا طبيب شهير يكسر اشارة مرور، لماذا لا يتم تكليفه بالعمل فى المستشفيات، يقدم خبرته مجبرا بحكم القانون لمستشفيات الحكومة، ولا تسقط عنه الجريمة البسيطة إلا بعد تمام فترة العمل بالكامل التى سيحددها القانون الجديد..
فمثلا لو ظن صحفى معروف او سياسى شهير او غيرهم، أنه يستطيع تجاوز السرعة على الطرق،معتمدا على حصانة او علاقات تعفيه من دفع الغرامة او رد الرخصة إليه حال سحبها، فأتمنى أن نلزمه -بالقانون- أن ينضم إلى عمال النظافة فى أحد الأحياء.. «يكنس» الشارع ويزيل القمامة.

وهكذا كل مخالف للقانون يتم تأديبه وتهذيبه واصلاحه بالخدمة العامة للشعب، وتتولى سلطة انفاذ القانون مراقبته..فلو جرب سائق ممن يستهترون بالقانون، أن يعمل بسيارته فى خدمة مدرسة او مستشفى او ادارة محلية، لا أظنه سيقدم على ذات المخالفة مرة اخرى.. وهنا سيكون دور النيابة العامة او من تنتدبه فقط هو مراقبة التطبيق ومنح براءة ذمة من المخالفة.

وتلك ليست بدعة، بل هى مطبقة فى اغلب دول العالم التى زارها كل المسئولين فى بلادى.. وبالتالى سنخفف عبئا على السجون..وبما أننا فى حالة طوارئ الآن فأقترح على الدكتور مصطفى مدبولى أن يدرس الفكرة.

صناعة الخوف
أعتب على كثير من زملاء المهنة اسلوب التعاطى مع اخبار الفيروس القاتل، فبعضنا يسارع يوميا إلى اجترار تفاصيل وزارة الصحة، فهذا محافظ يصر على ابلاغ الصحفيين بأعداد المصابين فى محافظته، وآخر من البرلمان يبادر إلى الكاميرات ليعلن عدد المصابين فى دائرته.. وهكذا فتجد نفسك بعد بيان وزارة الصحة ايا كانت أعداد الإصابات، غارقا حتى صباح اليوم التالى فى دائرة مغلقة من اخبار الفيروس، وهنا الخطر ليس فقط على الصحة النفسية للمواطن، لكنها ايضا تصيب المجتمع بالخوف الجماعى، وتضرب فى اوصال الاقتصاد، وتشعر المستثمرين أن نهاية العالم تبدأ من مصر، رغم أننا ومهما زادت الأرقام فلسنا الولايات المتحدة او حتى بريطانيا وإيطاليا.. فرفقا بأوطانكم، وكنت اظن أن قادة الإعلام وخبراءه سيضعون قواعد للتغطية -دون رقابة- الحرة لكن التى لاتصيب الناس بالأذى والخوف والهلع، ولا تضر باقتصاد بلادنا، لابد من وضع «كود» للتغطيات الإعلامية فى اوقات الأزمات والكوارث والحروب، واذكر أننى سمعت فى احدى الورش التدريبية بإحدى المؤسسات الكبرى فى اوروبا، أنه فى وقت الحرب كان ضابط من الجيش يتواجد فى غرفة اخبار المؤسسة، له وحده سلطة تمرير اخبار الحرب.

كنت أتمنى من ابناء المهنة أن يعايشوا الفرق الطبية، والمغامرة بالمبيت معهم، لنقل اعمال البطولة التى يقوم بها الجيش الأبيض، حكايات المرضى الذين هزموا المرض اولى من تقارير الترويع كل مساء.

الحرورية
ازعجنى سلوك الإخوان الفيروسى أثناء الجائحة، وكنت أتحدث مع صديق عن مستقبل الإرهاب الإخوانى، قلت له بريطانيا وامريكا استخدموا الإخوان فى حربهم ضد الاتحاد السوفيتى، وحشدت الجماعة المارقة آلاف الشباب للسفر إلى افغانستان لقتال وهزيمة السوفيت، وأظن أن هناك تفكيرا فى أحد مراكز البحث فيما وراء البحار بإعادة استخدامهم ضد الصين، فى حرب بدت ملامحها فى الأفق،وبالطبع سيسبق استخدامه، خطوات غربية لدعمهم فى المنطقة ومصر، فهل يقدم الغرب على تكرار نفس اللعبة مرة اخرى؟.

قال صديقى إنهم مثل الحرورية - ولم أكن اعلم شيئا عن «الحرورية»- الذين قضى عليهم سيدنا على بن ابى طالب، وسايرته حتى اخلو إلى نفسى فأقرأ عن الحرورية..وهم باختصار حسب ما قرأت.. أشبه بالإخوان يرون أنفسهم فقط المسلمين، هى فرقة ظهرت فى بلدة حروراء فى الكوفة بالعراق، وكانت مركزا لهم ومنها خرجوا على سيدنا على بن ابى طالب، وقدرت الكتب عددهم بإثنى عشر ألفا.. وبعيدا عن الجدل الفكرى والخلافى فى قضايا التكفير لديهم.. وسب السيدة عائشة وغيرها من شاذ افكارهم، فلم يكن امام سيدنا على سوى قتالهم وقتلهم.. وأنا لا أطالب بقتل كل من هو اخوانى، لكن بات من الضرورى تطهير كل مؤسسات الدولة منهم..، وربما نجد فى تجربة السودان الشقيق مثلا ربما يفيدنا، فبعد ازاحة الشعب نظام الإخوان «الكيزان»، تم تشكيل لجان لإزالة التمكين الإخوانى فى كل وزارات الدولة السودانية.
اظن أن ما عشناه فى ازمة الفيروس يثبت لنا أن هناك كثيرين من صغار كبار الموظفين ممن ران على قلوبهم سواد الحقد، فهم لايتمنون خيرا لمصر إلا تحت حكمهم.. خاصة فى مجال التعليم، وعلى الدولة التنفيذ الفورى لتجديد الخطاب التعليمى، وتدريس قصص الشهداء وبطولات المصريين فى الحرب المقدسة دفاعا عن بلادنا..وأتمنى من وزير التعليم تدريس مناهج تضم ما قاله العقاد وطه حسين وغيرهما فى الحرب على الجماعة فى الأربعينيات والخمسينيات.. اتمنى ان نعلم اولادنا ما كشفته الوثائق البريطانية ذاتها، عن خدمة الجماعة لأهداف الامبراطورية التى غابت عنها الشمس، فهل يعرف شبابنا وتلاميذنا أن الجماعة الخائنة، ذهبت تعرض خدماتها على السفارة البريطانية لإفشال مفاوضات الجلاء عن مصر.هم وغيرهم دستورهم «نحن طلقنا الدنيا..وتزوجها الغرب وجاء ليحكمنا».

وإلا بماذا نفسر فعل أنبياء الله فى نوح عليه السلام كان ابنه كافرا ولم يقتله - وابراهيم عليه السلام والده كان كافرا ولم يقتله - ولوط عليه السلام كانت زوجته كافرة ولم يقتلها والرسول كان عمه كافرا ويؤذيه، ولم يقتله، أين الجماعات المارقة تلك من مقام الانبياء عند الله سبحانه، فكيف لنا القبول بأن يقتل اخيه المسلم بحجة تكفيره.. ياسادة الجنة ليست فوق جثث المسلمين.

يا سادة، أمريكا لم تهزم الشيوعية فى الداخل إلا بعد ان نجحت الماركثية فى تطهير الوزارات والهيئات الحكومية من الشيوعيين.

ختاماً
«الجاهلُ يظلم مَن خالطه، ويعتدى على مَن هو دونه، ويتَطاول على مَن هو فَوْقه، ويتَكلّم بغير تَمييز، وإن رَأَى كريمةً أعرض عنها، وإن عَرَضت فتْنة أرْدَتْه وتهوَّر فيها.
صدق رسول الله

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي