صور| حكاية أسرار «بئر مدين» حين التقى نبي الله موسى ببنات العبد الصالح شعيب

بئر مدين
بئر مدين

أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بمناطق آثار جنوب سيناء أن دير سانت كاترين يضم عدة آبار داخل أسوار الدير ومنها البئر الذي يطلق عليها بئر موسى التي تقع شمال كنيسة التجلي وهى بئر قديمة مطوية بالحجر، قيل هي أقدم من الدير وأنها البئر الذي سقى منها نبي الله موسى أغنام بنات الرجل الصالح شعيب المذكور في التوراة باسم يثرون .

 ولم يذكر اسمه في القرآن الكريم بل ذكرت المنطقة وهى أرض مدين وبجوار البئر حجر يقال هو الذي رفعه نبي الله موسى، وبئر العليقة بجانب العليقة الملتهبة  وهى بئر عميقة مطوية بالحجر، قيل أيضا أنها أقدم من الدير، وبئر اسطفانوس جنوب غرب كنيسة التجلي وجنوب كنيسة اسطفانوس وماؤها عذب فهي التي يشرب منها الرهبان، وفى تقاليدهم هي البئر التي حفرها اسطفانوس مهندس الدير وبجانبها شجرة سرو، كما يوجد ثلاثة آبار وثلاثة عيون بالحديقة خارج أسوار الدير.

وعن طبيعة البئر الذي سقى عنده نبي الله موسى أغنام بنات العبد الصالح شعيب يشير الدكتور ريحان إلى أنها بئر لسقى الدواب بنص القرآن "يسقون" ولا يشربون أي يسقون الدواب }وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ{ وأن البئر الموجود داخل دير سانت كاترين حاليا ويطلق عليه بئر موسى هي تسمية خاطئة لأن مياهه عذبة وصالحة للآدميين، أما بئر نبي الله موسى فهو صالح للحيوانات فقط وهناك آبار كثيرة في سيناء حتى الآن منها آبار صالحة للآدميين وآبار للحيوانات فقط تستسيغها الحيوانات وهى غير ضارة.

ويتابع الدكتور ريحان بأن أحد الرحالة الذين زاروا سيناء عام 1837 شاهد بمنطقة شرم البير بشرم الشيخ آبارًا محمية بمظلات خفيفة وبها مياه غير صالحة للشرب ولكن الجمال تأتى لتشرب منها ووجد فتاة آتية لترعى غنمها فاستحضر قصة نبي الله موسى وبئر مدين وربط بين الماضي والحاضر وأورد ما ذكرته التوراة عن هذه القصة بعد أن رأى أن هذه المنطقة مرعى خصب وتوجد به آبار كافية لسقى الأغنام وآبار للمياه العذبة أيضًا.

ويؤكد د. ريحان بالفعل أن منطقة مدين الذي رأى بها نبي الله موسى عند البئر تقع ما بين شرم الشيخ ودهب وحين قام الدكتور ريحان بأعمال حفائر في دهب عام 1989 بمنطقة يطلق عليها تل المشربة بمدينة دهب سأل أهل المنطقة عن سبب هذه التسمية قالوا له أن الجمال كانت تأتى عند هذه المنطقة وتشرب من مياه قرب خليج العقبة المالح واكتشفوا وجود آبار مياه صالحة لشرب الدواب قرب شاطئ البحر ومن هنا بدأ يفكر ويبحث في ماهية وجود مدين نبي الله موسى ما بين شرم الشيخ ودهب.

 ويشير الدكتور ريحان إلى أن نبى الله موسى حين وصوله إلى مدين تحدث مع بنات العبد الصالح شعيب كما فى الآية الكريمة فى سورة القصص }وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا  قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ{  ومعنى هذا أنهم كانوا يتحدثون بلغة يفهمها ويعرفها نبي الله موسى والذي كان يعرف لغة أهله وبيئته، ويعرف المصرية القديمة الذي يتحدث بها كل أهل مصر لأنه تربى في بلاط فرعون، ولأن نبي الله موسى لم يكن يعرف أهل مدين قبل ذلك وقد تعرف عليهم حين قابل بنات العبد الصالح شعيب، وبالتالي فهم ليسوا من العبرانيين، وهم بذلك في منطقة داخل حدود دولة مصر القديمة يتحدثون بلغتها لكنها بعيدة عن السلطة المركزية والأنشطة الرئيسية للدولة، وبالتالي فقد تيسّر استضافتهم  لنبي الله موسى مدة العشر سنوات الذي قضاها هناك.

وينوه الدكتور ريحان إلى أن المنطقة بين شرم الشيخ ودهب كانت بعيدة تمامًا عن سيطرة المصريين القدماء ولم تكتشف بها أى آثار مصرية قديمة، وأن الآثار المصرية القديمة بجنوب سيناء تركزت فى طريق التعدين القديم من القلزم (السويس) حتى معبد سرابيت الخادم والمنطقة حوله، أمَا الشام وفلسطين فكانت مغرمًا لحملات المصريين القدماء المستمرة وكانوا يحتلون هذه البلاد من وقت لآخر، وهناك آثار مصرية قديمة مكتشفة فى منطقة تمنة بالنقب بفلسطين، ولو ذهب نبى الله موسى إلى هذه المنطقة التى حددها المفسرون لموقع مدين بالشام فإنه سيكون غير آمن على نفسه وأهله وقد عاش فيها مدة ليست بالقليلة ما بين ثمان إلى عشر سنوات، كما أن موقع مدين يجب أن يكون قريبًا وفى نفس اتجاه موقع شجرة العليقة المقدسةإلى مصر الموجودة حاليًا داخل دير سانت كاترين لأنه عاد إلى مصر بعد قضاء المدة بمدين متجهًا من الجنوب إلى الشمال الغربى ليدخل بعدها وادى النيل عن طريق الصحراء الشرقية.