حكايات | الفراعنة «المنقبون».. اكتشفوا البترول في البحر الميت والشلاتين

ارشيفية
ارشيفية

كان للمصريين القدماء باع كبير في إنشاء المباني الشاهقة كالأهرامات والمسلات التي ترى حتى اليوم من مسافات الشاهقة حييث تعلوا عشرات الأمتار فوق الأرض، وفي نفس الوقت لم ينسوا ما تحت الأرض إذ نقبوا عن المعادن النفيسة، بل إن المفاجأة أنهم اكتشفوا البترول.

  

في بقاع مختلفة من البحر الميت، نقب المصريون القدماء عن البترول بحسب ما كشفته نتائج بحث علمي تم نشره مؤخرا بلندن؛ إذ قال إن المصريين القدماء تحصّلوا على البترول من (البحر الميت) بالأردن.

 

ويقول خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بمناطق آثار جنوب سيناء إن النتائج أظهرت توصل علماء الآثار والباحثون بالمتحف البريطاني، والتي نُشرت بـ«التقارير العلمية» بلندن منذ يومين؛ أن المصريين القدماء استخدموا مادة (القار) وهو شكل كثيف ولزج للغاية من البترول الموجود في الرواسب الطبيعية بمنطقة (عمارة غرب)، وتقع بين الشلالين الثاني والثالث في قلب النوبة، وكانت تلك المنطقة تتبع الإمبراطورية المصرية منذ حوالي (1548 إلى 1086 قبل الميلاد).

 

 ويضيف «ريحان» بأنه قد تم تحليل عينات من منطقة (عمارة غرب)، والتي تقع في السودان حاليا، وثبُت أن المصريين القدماء استخدموا مادة البيتومين (القار) وأنهم قد حصلوا عليها من منطقة (البحر الميت) خلال عصر الأسرتين التاسعة عشرة والعشرين (أي منذ حوالي 1250-1080 قبل الميلاد) وبالرغم من أن المصريين القدماء كانوا قد استخدموا (القار) في الطقوس الجنائزية وعملية التحنيط منذ زمن أقدم من ذلك بكثير؛ إلا أن هذا الاكتشاف الأخير بوسعه أن يساعدنا في فهم استخدام السوائل السوداء، حيث يوفر هذا البحث مثالًا على استخدام هذه الطقوس في منطقة بعيدة عن مركز العاصمة بمصر، فقد تم العثور على تلك العينات في مقبرة بالنوبة تضم عناصر مصرية ونوبية.

 

ويشير الدكتور ريحان إلى كشف مجموعة من البحوث الأثرية والعلمية عن استخدامين مختلفين للقار في (عمارة غرب) حيث تم العثور عليه في شكلين مختلفين، أحدهما مطحون ومخلوط مع اللثة لعمل طلاء أسود، والثاني في شكل سائل طقسي مصنوع من خليط من المنتجات العضوية كما تمكن العلماء والباحثون من التوصل لمعرفة مصدر هذا القار المستخدم بـ (عمارة غرب)، حيث أرجعوه إلى البحر الميت الذي يبعد عنه مسافة لا تقل عن 2500 كيلو متر.

 

ويتابع أنه لا يوجد أدلة كافية لتأكيد وجود تجارة (القار السائل) في وادي النيل فى عصر الدولة الحديثة إلا أن هذا الاكتشاف سيساهم مساهمة كبيرة في التأكيد على تجارة (القار الصلب) من البحر الميت إلى النوبة خلال عصر الأسرتين التاسعة عشر والعشرين (أي منذ 1290 إلى 1070 قبل الميلاد) وهو العصر الذي امتدت فيه الإمبراطورية المصرية إلى ما بعد السودان جنوبا، وما بعد سوريا شرقا، ولذا فقد كانت التجارة بداخل نطاق الإمبراطورية المصرية البحر الميت (بالأردن حاليا) وعمارة غرب (بالسودان حاليًا) أمرًا طبيعيًا.

 

ونوه إلى حفريات أجريت بالموقع من قبل المتحف البريطاني بين عامي (2008 و2019) بالتعاون مع المؤسسة الوطنية للآثار والمتاحف (السودان) وتم العثور على ثلاثة أمثلة على المواد السوداء؛ هي: طلاء أسود على شظايا مكسورة من أواني فخارية أعيد استخدامها كلوحات؛ وطلاء أسود على قطعة من تابوت جنائزي مطلية وملصقة؛ وكتل من مادة سوداء متفتته تم العثور عليها بداخل مقبرة و كان النوعان الأخيران عبارة عن خليط من القار والمنتجات العضوية الأخرى، بما في ذلك راتينج النبات وكانت المادة السوداء المتفتتة التي عثر عليها في القبر مرتبطة بقطع صغيرة من الكتان، مما أوحى للباحثين بأن هذا كان مثالًا عل أنه كان "سائلا أسود" يُصب على الجسد الملفوف أثناء عملية التحنيط.  

 

وتعتبر هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها توثيق هذه الممارسة في بلاد النوبة القديمة؛ وهي تتشابه مع مكونات المادة السائلة السوداء المستخدمة في التحنيط داخل مصر فهذا البحث يدل على استخدام هذه الطقوس بعيدًا عن مركز القوة في مصر، وفي مقبرة تضم عناصر مصرية ونوبية.

 

وهكذا أثبت البحث أن المكونات المستخدمة في صنع سائل التحنيط الأسود، كانت هي الدهون والشمع والراتنج الناتجة من أشجار الفستق أو الصنوبريات (المستوردة من شرق البحر الأبيض المتوسط)، وكذا القار الذي كان يُستورد من البحر الميت.