قضية ورأى

فخ منصات التواصل

د. حسام محمود  فهمى
د. حسام محمود فهمى

د. حسام محمود  فهمى

منصاتُ ‏التواصلِ الاجتماعى لغةُ عصرِ المعلوماتِ الشعبيةِ، غيرِ الرسميةِ، لا تحفظُ سرًا، ‏فى ثوانٍ ‏يطيرُ ما تنشره فى كلِ فضاءٍ ويحُطُ على كل هاتفٍ محمول وجهازِ حاسبٍ. ‏منصاتُ التواصل أصبحَت مخبرًا وصحفيًا وفنانًا وعالِمًا وسياسيًا وفيلسوفًا؛ ليس بالضرورةِ فى الواقعِ، مرتادو تلك المنصاتِ يتصورون أنفسَهم واحدًا من هؤلاء. دورُ المخبرِ فى منصاتِ التواصلِ كشفَ عن كثيرٍ من التجاوزاتِ ‏والأخطاء، للأفرادِ والحكوماتِ، ‏أظهرَ بسرعةٍ ما لا يُرى بسهولة وما لايُرادُ رسميًا.
منصاتُ التواصلِ سلاحٌ ذو حدين يرتدُ أيضًا على مستخدميه؛ جاءَت الأنباءُ بالقبضِ على فتياتِ التيك توك وغيرِهن من ‏مُروجى الأخبار. ‏سهولةُ ارتيادِ واستخدامُ تلك المنصاتِ أغرى ‏بالإستفادةِ منها والانتشارِ عبرَها، خاصة أنها مفتوحةٌ عالميًا على البحرى بمحتوىً واسعِ التنوعِ والتناولِ. مقابلُها المادى بالدولار مغرى عند تحويلِه للجنيه المصري، لم لا تكون إذن طريقًا للشهرةِ والمالِ.
‏مع تشديدِ العقوباتِ، وقعَ بعضُ الشبابِ من مرتادى منصاتِ التواصل ِفى بعضِ حفرٍ ونقرٍ لم يتحسبْ لها طموحُهم وأفكارُهم، فتَحَت لهم للسجنِ طريقًا. على هذه المنصاتِ من هم أخطر من هؤلاءِ الشبابِ، بلا مساءلةٍ ولا محاسبةٍ، هم عشاقُ الكراسى والظهورِ الذين يدَّعون بجلودِهم السميكةِ انجازاتٍ ويفبركون اِحصاءاتٍ ويُرَوِجون معلوماتٍ ملفقةٍ. أيضًا على قائمةِ تلك المنصاتِ مُرَوِجو السلعَ المغشوشةَ.
انتشارُ منصاتِ التواصلِ وتأثيرُها الهائلُ تجاوزَ توقعاتِ منشؤها، ما دفعَ فيسبوك لتشكيلِ مجلسِ الحكماءِ المثيرِ للجدلِ. عالمٌ خارجٌ عن السيطرةِ، يُشكِلُ الوعى العامَ، ويَضعُ صانعى السياسةِ تحت ضغطٍ، ويُنَحى الإعلامَ.
التعايشُ مع كورونا لازمٌ، وأيضًا مع مِنصاتِ التنفسِ الاجتماعي، مزاياها حيويةٌ، ولو بعيوبِها؛ ولتكن رحابةُ الصدرِ مع الشبابِ الطريقَ الأسرعَ.
< أستاذ هندسة الحاسبات - جامعة عين شمس