حوار| أيمن بهجت قمر: «فلانتينو» شهادة تخرجي من مدرسة «الزعيم»

أيمن بهجت قمر
أيمن بهجت قمر

-    عادل إمام لم يتوقع نجاحي .. ولهذا السبب أطلق علي في طفولتي لقب "كارلوس" ! 
-    الزعيم أستاذ في "الأصول".. وبلاتوه المسلسل كان نموذجًا في الانضباط
-    كل ماتردد حول صحة الزعيم شائعات .. وعدلت في السيناريو لأسباب أخرى

يمتلك الكاتب والشاعر أيمن بهجت قمر قدرة مدهشة على التسلسل تحت جلد البشر ، يمسك دائمًا بذائقة المصريين في قلمه ، ويجيد ترجمة أفكار ومزاج الشارع المصري في أعماله سواء ككاتب سيناريو أو شاعر غنائي مخضرم ، ورغم المشوار الطويل في الدراما والسينما والأغنية ، تظل تجربته مع الزعيم عادل إمام في مسلسل "فلانتينو" هي الأهم بالنسبة له ، أو كما قال لنا " هي شهادة التخرج التي نالها من مدرسة الزعيم " .

"فلانتينو" كوميديا اجتماعية تخاطب الأسرة المصرية دخل من خلالها أيمن فهجت قمر مدرسة الزعيم عادل إمام بعد محاولات عديدة في سنوات ماضية .. ملحق الفنون يفتش معه في تفاصيل هذا التعاون في حوار بدأ بحكاية عمرها ستين سنة ، وانتهى في رمضان 2020 .

•    بداية .. التعاون مع عادل إمام لابد أن يكون وراءه قصة .. كيف ومتى بدأت حكاية "فلانتينو" ؟
علاقتي بالأستاذ عادل امام ممتدة من قبل ما أتولد ، وتحديدًا منذ الستينات مع بداية صداقة والدي بالأستاذ عادل، فلا يخفى على أحد أن أول مسرحية كتبها والدي كانت "أنا فين وانتي فين" شارك في بطولتها الزعيم وهو في بداية طريقة، وأنا شخصيا فتحت عيني على الحياة فوجدت الأستاذ عادل في بيتنا، وتربيت في كواليس مسرحه، وأذكر أنه أطلق علي في طفولتي لقب "كارلوس" على اسم ارهابي دولي !
كنت بالنسبة له الطفل "التخين" إبن صديقهم الكاتب بهجت قمر الذي يعيش معهم في كواليس المسرح ويراقبهم دائمًأ ، لهذا لن أنسى تصريح له في ندوة بمجلة الشباب ، كان ذلك في مطلع الألفينات وسألوه وقتها : "من الذي لم تتوقع له هذا النجاح في حياته ؟
فقال: "أيمن بهجت قمر لم أتوقع له كل هذا فقد كان طفلًا غريبًا يراقبنا في المسرح بشكل مريب".

وبالفعل الزعيم لم يكن متخيلًا أن أقطع هذه الخطوات في مجال الشعر والكتابة، حتى سمع لي تيتر مسلسل "إمام الدعاة" ففوجئت منه بأجمل اتصال تليفوني تلقيته في حياتي، حيث أثنى علي كشاعر ومن هنا رجعت العلاقة وبدأ يسمع التيترات والأغاني التي أكتبها وأثنى على تيترات "عباس الابيض" و " يتربى في عزه" ، وأصبح متابعا جيدًا لمشواري .

•    قبل هذا التعاون كان هناك محاولات عديدة ولكن لم تكتمل.. هل تتذكرها ؟
بالطبع ، عندما بدأت اكتب للسينما عرضت على الزعيم فيلم "ابن القنصل" مع المخرج عمرو عرفة ولكنه وقتها كان مشغولا بمشاريع أخرى ومحصلش نصيب ، وبعدها عرضت عليه فيلم "سمير ابو النيل" ولم يستهويه وقتها، ولهذا كان هدف من أهدافي أن أعمل مع عادل إمام لأنني اعتبر هذا التعاون شهادة تخرجي في الكتابة ، لقد تعاونت مع أجيال مختلفة من النجوم مثل حلمي والسقا ومكي وهنيدي ورمضان ومحمود حميدة وخالد صالح رحمة الله عليه ، وظل حلم العمل مع عادل إمام بالنسبة لي شهادة تخرجي كسيناريست .
وفي "فلانتينو" تلقيت اتصالا من المخرج عمرو عرفه والمونتير ماجد مجدي ، وقالا لي أن رامي امام يبحث عن موضوع مسلسل للأستاذ عادل ، فجهزت موضوعين عرضتهما على رامي الذي اعتبره مرآة الأستاذ ، وبالفعل أعجب بقصة "فلانتينو" وبدأنا العمل وكتبت خمس حلقات وقرأهم وأشاد بهم وبدأنا العمل .

•    بالتأكيد العمل مع الزعيم مختلف عن أي نجم آخر .. ما هي أوجه هذا الاختلاف ؟
عادل إمام هو استاذ الأصول في المهنة ، هو أكثر نجم يفهم في الأصول ويعرف دور كل عنصر من عناصر العمل ، يقدر الجميع ويعلمنا في كل مرة درسًا في كيفية التعامل مع الزملاء ،  أي ملاحظات على العمل والحلقات يتم الاتفاق عليها قبل التصوير، ولكن بمجرد الوقوف أمام الكاميرا كل شيء يدور بانضباط شديد والتزام وهدوء، الأستاذ عادل لا يغير في مشاهده طالما اتفقنا عليها قبل التصوير، ورغم ذلك كان يمنح الممثلين الآخرين مساحات من الحرية ليظهروا ابداعاتهم او اضافاتهم .

•    ماهي أكثر الصعوبات التي واجهتك خلال الكتابة ، خاصة وانه تردد الكثير من الأنباء عن صحة الزعيم وكذلك التوقفات التي واجهت العمل ؟
مبدأيا كل ماقيل عن صحة الاستاذ عادل كان مجرد شائعات ولم يوجد أي سبب صحي منع الأستاذ عادل من التصوير أو العمل ، الحمد لله الاستاذ عادل كان حاضرا دائمًا وحريص على مليء البلاتوه بالبهجة والسعادة واحتواء الجميع الصغير قبل الكبير، ولكن التأجيلات التي حدثت كانت أسبابها معروفة للجميع وخارجة عن ارادتنا ، بالطبع أجرينا تعديلات لأسباب أخرى منها مثلا أزمة الممثل بطرس غالي والذي صور معنا حلقة وبعدها حدث ما حدث فقمنا بالغاء دوره بالكامل ، والاستاذ ابراهيم فرح توفاه الله ، والاستاذ هادي الجيار دخل المستشفى في فترة ، كل هذه أمور كانت تنعكس على عملي ككاتب ولكن الحمد لله كل الأمور سارت على خير .

•    فلانتينو أعاد للاذهان كوميديا الموقف .. هل تعمدت أن تقدم هذا اللون مع عادل امام ؟
اعتقد أن المسلسل جديد تماما ولا يشبه الكوميديا القديمة كما يروج البعض، الموضوع يدور حول رجل يعيش حياة زوجية تعيسة مع زوجة متسلطة وحياته الأسرية شبه متفككه وعلاقته بأبنائه هشه ، فاضطر للزواج من فتاة صغيره لمجرد أنها خاطبت مشاعره واحتياجاته، هذه فكرة لم تطرح من قبل في الدراما المصرية الكوميدية ، ولهذا أرى انني كمؤلف قدمت عالمًا جديدًا وفكرة مختلفة قائمة على كوميديا الموقف وليس الإفيه، ربما هذا مختلف عن السائد الأن على الساحة بعد أن اصبح الإفيه هو عصب الكوميديا ، ولكن تظل كوميديا الموقف هي الأساس وأصعب في الكتابة .

•    المسلسل مليء بالخطوط الدرامية والقصص الفرعية وعلى العكس لا تتصدره حدوتة فلانتينو الذي يجسده عادل إمام .. كيف تم بناء كل هذه الشخوص ، ولماذا لم يتم الاعتماد على قصة فلانتينو الرئيسية كمحور دائم لكل الاحداث ؟
الشخصيات التي قدمتها في المسلسل هي إبنة خبرات وتأملات في الشخصيات والوجوه والنماذج الاجتماعية المختلفة التي أراها في حياتي اليومية ، وهذا ساعدنا على خلق قصة كوميدية مناسبة للأسرة المصرية ، خاصة وأن المسلسل يتناول بالأساس فكرة غياب دور الأب والأم في وجودهما ، وهذه قضية اجتماعية مهمة جدًا يترتب عليها عشرات القضايا الأخرى التي نقرأ عنها ونشاهدها في حياتنا اليومية ، كما أن المسلسل يطرح نماذج عديدة منها الكوميدي ومنها المأساوي مثل المهندس مدحت الذي اصطحب اطفاله ليعيشوا في المدرسة لأنهم بلا مأوى ، والآباء الذين يتنصلون عن مسئوليتهم ويهجرون زوجاتهم وابنائهم ، الأم المتسلطة مثل شخصية دلال عبد العزيز التي اثرت على شخصية ابنائها سلبيا وتسببت في هجر زوجها لها ، شخصية السائق الذي حول منزله الى سايبر وزرع في نفس ابنه ان يتخلى عن التعليم ويركز في جمع المال فقط ولو عن طريق العاب الفيديو جيم ، الصراع بين البنت الجامعية والشاب التافه والدكتور الذي يحبها ، الشاب الذي يعيش على قفا خاله ، رجل الاعمال الذي يؤسس مدرسة خيرية كي تساعده في تخفيض الضرائب فقط وهذا جانب نناقش فيه أزمة التعليم والفساد في بعض المؤسسات التعليمية الخاصة ، وشخصية الاعلامي الافاق المزواج الذي يقول عكس افعاله ،حتى كل ممثل تم تسكينه في شخصية مختلفة وجديدة عليه ، فالدور الذي تجسده داليا البحيري مختلف تماما عنها ، وطبعا النجمة دلال عبد العزيز ، وكذلك حمدي الميرغني الذي يقدم دور يمثل علامة فارقة في حياته .

•    أشعر أن العمل يسعى لمناقشة كوكتيل من القضايا الاجتماعية .. هل تعتبر هذا الزخم ايجابي أم سلبي ؟
بالطبع إيجابي .. فهذا أول عمل تقريبا يقدمه الأستاذ عادل وحوله مجموعة قصص لنجوم من أجيال مختلفة ، بمعنى أن قصة فلانتينو ليست لوحدها محور الأحداث، ولهذا نحن نقدم بانوراما اجتماعية كوميدية ، ويحسب للأستاذ عادل أنه كان حريصا على منح هذه المساحات الكبيرة لكل الفنانين المشاركين في العمل .

•    ألم تطمح في كتابة تيتر للمسلسل بجانب كتابة العمل نفسه خاصة وانك من أهم الشعراء في هذا المجال ؟
يشرفني بالطبع ولكن وقتها كنت اعلنت اعتزالي كتابة الاغاني، وعموما الأستاذ عادل يختار دائما الموسيقى فقط في تيترات مسلسلاته ، وهذه ليست المرة الأولى التي اكتب فيها عملًا ولا أكتب اغانيه أو تيتره .