ملائكة الخروج من الجحيم

 محمود أبوحبيب
 محمود أبوحبيب

 بقلم: محمود أبوحبيب

"في علو وصفاء تعيش أجناس من المخلوقات، ذات أرواح لطيفة، تدخل في الثرى وتَرى ولا تُرى، تؤدي رسالتها دون تقصير"..

أنهم الملائكة الموكلون من الله سبحانه وتعالى، وعلى الأرض أشباههم يعيشون في سكينة تصل إلى القلوب وتداوي الأبدان وترفع عنها الأوجاع، تشعر بنا ولا تشعرنا بما تعانيه؛ ليتقاسم الأطباء، مع الملائكة صفة الرحمة، فسكان السماء موكلون بالجانب الروحي، والأطباء مختصون ببناينه، فإن شئت فقل أنهم في ميراث الله في هذا الكون سواء، لهذا لقبوا "بملائكة الرحمة"، لأنهم السبيل لشفاء البشر من الأوجاع، وتخفيف ما أللم بهم من وباء، متحملين في ذلك كل مشقة وعناء فاستحقوا أن يتصفوا بخواص أهل السماء.

منذ بضعة أشهر أستيقظ العالم على جائحة"كورونا"، التي داهمت البشرية في غمضة عين، وكأنها أنذار غارة تطلب من الجميع أن يتخلى عن عمله ويترك موقعه ويظل في مخبئه مخافة أن يصيبه هذا الوباء، إلا الأطباء شاء الله- سبحانه وتعالى- أن يكونوا هم درع البشرية الواقي من أي مرض لعين أو فيروس قاتل، وما أشبه اليوم بالبارحة عندما حمل جنودنا البواسل أرواحهم على أكتافهم في حرب أكتوبر المجيدة وراحوا يحررون الأرض ضد كل عدو مغتصب، ها هو اليوم ينتفض جيشنا الطبي مؤتذرًا بمعطفه الأبيض في لونه وفي رمزيته لنقاء أصحاب هذه المهنة النبيلة، واصطفوا صفًا واحدًا حتى لا يتسلل هذا الخطر لنا، فاستحقوا أن نعتز بهم ونقدرهم كما أورثت فينا حرب أكتوبر الفخر والعزة.

الرسالة والقسم الذي تعهد به الأطباء، حال دون رفضهم الأمانة التي عرضت عليهم، ملقون خلفهم كل همومهم فنسوا الماضي بآلامه والمستقبل بأحلامه، إلا حلم واحد متسابقين من أجله مع الزمن، بحثًا عن علاج أو إيجاد لقاح يخلص البشرية جراء هذا الخطر اللعين، فعملوا في صمت وواصلوا الليل بالنهار في مستشفيات الحجر ومقرات العزل يخففون الآلام عن كل مصاب، وكأنهم أم تسهر على راحة رضيعها، حاملين همومهم بين أضلعهم لا يئنون ولا يشكون ولسان حالهم" نحن فداء لكم".

فإذا كان الأمن والصحة هم الجنة الحقيقة على هذه الأرض، فإن القلق والخوف من المجهول والبحث عن أمان، هو الجحيم الذي يعيشه الأطباء في زمن الوباء، لذا وجب علينا جميًا أن نصطف خلفهم ونؤازرهم حتى يعودوا للجنة التي افتقدوها في رحلة البحث عن لقاح يضمن لنا سبل البقاء فيها آمنين مطمئنين.

بهذا القلم الذي يستمد مداده من القلب أدعوكم جميعًأ أن تقفوا لصوت العقل، وتتحدوا غير متجمعين، وفي جنان الدنيا ملازمين، وفي خلواتكم إلى الله سألين وأهب الأسباب؛ التي بها عقد الأنسان ما بين المشرق والمغرب، وعرف ما يحيط به من كواكب ومجرات، أن يهب لأطبائنا الأسباب لإيجاد لقاح يقهر العدو الغامض.. رحم الله شهداءنا من الأطباء ونلتقي بهم أن شاء الله في جنات النعيم هم ونظرائهم من سكان السماء.