الإرهاب وكورونا.. «علاء» جندى يحارب عدوين مجهولين

الطبيب محمد علاء خلال تواجده بمستشفى العزل
الطبيب محمد علاء خلال تواجده بمستشفى العزل

بنهاية عام 2019 انهى الطبيب الشاب، مهمة وطنية، كانت فى منطقة العمليات، برفح فى شمال سيناء، ليبدأ مهمة أخرى لا تقل وطنية مطلع مارس الماضي، فى مواجهة فيروس كورونا فى مستشفيات العزل، كأنما يبدو أن المقاتل لن يتخلى عن سلاحه ليواجه به دائما عدوين سواء العمليات الإرهابية أو الوباء المتفشي.

3 سنوات قضاها الطبيب محمد علاء، 29 عامًا، على الجبهة عقب تخرجه فى كلية طب عين شمس، فى 2017، يعالج المصابين فى العمليات الإرهابية برفح، وبمجرد انتهائه خدمته أتى لتقرر جامعة حلوان ندبه إلى مستشفى 15 مايو المخصصة لعزل المصابين بفيروس كورونا، ليواجه عدوا آخر متخفى أيضًا.

«هناك فى رفح كنت اعالج من يصابون فى العمليات، لكن هنا الأمر مختلف شوية مرض وبائي، ينتشر بسرعة، فاتخذ الاجراءات الوقائية اللازمة وأبدأ عملي» يفرق اخصائى الأمراض الصدرية بجامعة حلوان تعامله بين العدوين.

يرى الطبيب أن أهله تعودوا على القلق عليه: فى بداية عملى فى عزل كورونا كانوا خايفين بس مش أول مرة، خدمت فى سيناء قبل كده، فاتعودوا على كده، وما يطمنهم توافر وسائل الوقاية وقيامى بدورى فى خدمة بلدي.

على مدار 3 أسابيع يحرص على اتباع روتين يومي، يبدأ برؤية مرضاه وينتهى بوادعهم لصباح يوم جديد، يقضيه وسطهم فى مستشفى 15 مايو، فمنذ 12 مارس الماضى يجتمع علاء وزملاؤه من الأطباء على مائدة الإفطار، يناقشون تفاصيل خطة يومهم، يرتدى كل منهم ملابسه الوقائية من بدل صفراء وماسك ونظارة وحذاء فى قدميه بحيث لا يدخل أى هواء إلى جسده، وينطلقون لمتابعة مرضاهم والمرور عليهم لا يقطع عملهم سوى استقبال حالات جديدة.

بمجرد وصول حالة جديدة يتجه علاء إليها ليجرى تشخيصًا لها، وبعدها يحدد آلية التعامل معها: نقسم الحالات لثلاث الأولى المرضى الذين ليس لديهم أعراض ويتم حجزهم فى غرف الإقامة المتوسطة، والثانية من يعانون من أعراض ويتم حجزهم فى رعاية متوسطة، والثالثة من يعانون من أعراض شديدة مثل الالتهاب الرئوى ويتم حجزهم فى الرعايات المركزة بأجهزة تنفس.

ويعود بنا الطبيب إلى متابعة المرضى قائلًا: اتابع الحالات ان كانت تحتاج إلى تحاليل أو أشعة مقطعية على الصدر فنطلب تحاليل صورة دم وكلى وتحاليل تحدد علامات التهاب فى الجسم، وقياس للضغط والسكرى والنبض.

من خلال ملاحظة الطبيب لاكثر من 20 حالة يوميًا، يرى أن 90% من المرضى حالتهم مستقرة، لكن المشكلة تكمن فى كبار السن والمصابين بالأمراض المزمنة أو الأورام أو نقص المناعة يكون تأثير الفيروس عليهم عنيف، فمعظم الحالات فى الرعايات المركزة ما بين 75 إلى 80 سنة.

«لو قلقت مش هتخدم المريض، نتخذ كل الاحتياطات لعلاجه، احنا بنكون خايفين على نفسنا قبل المريض» بنبرة قلق يروى الطبيب تعامله مع المرضى

ينهى الطبيب علاء فى الثانية ظهرًا مروره الصباحي، ثم يحضر اجتماعًا مع زملائه الأطباء من الاستشاريين، لمناقشة تطورات حالات المرضى، وأخر بروتوكولات العلاج، ثم يذهب لتناول الغذاء.

مرور الصباحى على المرضى كلهم وكل واحد مختص بقسم على 12 واجتماع مع مناقشة مع الاستشاريين ويخلص 1:2 والعداء والمرور المسائى وفيه ميتنج

هناك حذر آخر يتبعه فى تعامله مع زملائه بخلاف المرضى: التجمعات بيننا محدودة للحد من انتشار العدوى، ويذهب كلنا منا لحجرته ابدأ فى مشاهدة محاضرات أون لاين عن فيروس كورونا تبثها وزارة الصحة واتابع تطورات كورونا.

رغم عزلتهم عن العالم الخارجى لأسابيع لا يشكو من المعيشة فى المستشفى: وسائل المعيشة متوافرة وكل شئ مسخر لك سواء أكل أو شرب أو غير ذلك.

«ممكن أكلم أهلى كل يومين حسب الضغط النفسي، فيه أوقات باكون مش عايز اتكلم مع حد» يصف الطبيب تعامله مع أهله متابعًا: هم متعودون على غيابى فى المستشفى كان بيحصل ده قبل كده بس اللى اختلف انى باتعامل مع فيروس جديد والاجراءات الوقائية اكثر شوية لأن الفيروس سريع الانتشار.

لا ينتظر الطبيب الشاب أى مكافأة فيكفى ما يقوم به من دور مهم: محدش فينا قبض مكافأة على عمله.