عمرو الخياط يكتب: الصفـوف البيضـاء

عمرو الخياط يكتب: الصفـوف البيضـاء
عمرو الخياط يكتب: الصفـوف البيضـاء

فى لحظة عصيبة تواجه مصر قدراً مهولاً تجسد فى صورة فيروس غامض يحاول التسلل خلف خطوط الشعب المصرى، وبإرادة وحكمة من المولى عز وجل تسلل الفيروس لبعض المصريين بعد أن كان قد ضرب كل عواصم العالم ومدنه وقراه.

الفيروس القادم إلى مصر موجها هجماته لشعبها وجد نفسه فى مواجهة الصفوف البيضاء لأطباء مصر وممرضيها الذين قرروا أن يبادروا بالهجوم المضاد دفاعا عن مصر وشعبها، وفِى لحظة توحد متفردة أعلنت جبهة الصحة المصرية التعبئة العامة فى كل عيادة ومستشفى، وتحولت أماكن الحجر الصحى إلى معسكرات للقتال ضد الفيروس اللعين.

من رحم المحنة ولدت بالفعل منحة وأفرزت الأزمات استجابات مصرية نبيلة وأسطورية، وبينما كانت الجموع تهرول هربا من الفيروس غير المرئى كانت صفوف الأطباء والممرضين تهرول فى الاتجاه المعاكس ونحو الفيروس مباشرة تحاصره وتتدفق حوله قبل أن يتمكن من حصار المصريين.

لقد كان الهدف هو تنفيذ خطة الانتشار الطبى السريع لتحقيق العزل المضاد الذى يهدف لخلق مساحات عزل للفيروس تحول دون وصوله إلى المصريين.
بالتوازى مع الحرب الطبية على امتداد جبهات الوطن كان التصريح الرئاسى قد حسم حقيقة الهدف السامى الأعلى للمواجهة عندما أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى بأن حياة أى مصرى وكل مصرى تعلو أى قيمة مادية أو اقتصادية.

فى تلك اللحظة تجلت دولة ٣٠ يونيو بوضوح وأثبتت أن مكوناتها مازالت حية ونابضة ومازالت قادرة على الاصطفاف الوطنى وتلبية النداء.

بالأمس كانت قوات الجيش والشرطة تواجه الإرهاب وتقدم الشهداء واحدا تلو الآخر، واليوم تواجه صفوف الأطباء والممرضين الإرهاب الصحى بعد أن فرضت الأزمة عليهم أن يتحولوا إلى «طبيب فدائي»، و»ممرض فدائى».

الحالة العامة للأزمة أفرزت تجديدا لحيوية دولة ٣٠ يونيو التى مازالت تملك أدواتها وتسيطر عليها وتدرك أهدافها ومساراتها التى يتقدمها الحفاظ على حياة كل مصرى.

فى مقابل حالة النبل الإنسانى الذى تحول على أيدى الأطباء والممرضين وبفعل ضمائرهم الحية إلى حالة مؤسسية وعلى قدر التضحية كانت استجابة الدولة، فخرج الرئيس لتحية الفدائيين الجدد معلنا أن دولة ٣٠ يونيو تتعلم من أزماتها وتواجه حقيقة واقعها فأصبح لزاما عليها أن تعيد النظر بعين الاعتبار لأوضاعهم المالية التى أثبتت الظروف أنها أبدا لم تكن معيارا لمزايدة على أوطانهم بعدما نبذوا كل مطلب فئوى واختاروا الدفاع عن صحة مصر وعن أمنها القومى الصحى خيارا استراتيجيا يعلو كل مطلب وكل قيمة مادية.

لقد تقدمت الصفوف البيضاء غمار المعركة وراحت تدك حصون الفيروس فى كل مستشفى وفِى كل بيت وفِى كل طريق دون أى اعتبار لأى قيمة سوى حياة المصريين.

لقد أثبتت المعركة أن مصر دولة مدنية حقيقية وأن قطاعاتها المدنية مازالت نابضة بحيوية قلوب رجالاتها الذين لا يمكنهم التأخر عندما تستدعيهم لمعركة حقيقية، فأثبتت الأزمة أن الجميع جنود مجندون فى مواقعهم مدنية كانت أو عسكرية وأن محاولات العبث الإخوانى فى حالة السلام الاجتماعى لدولة ٣٠ يونيو بترويج تغول إحدى المؤسسات على الدولة ما هو إلا محض تضليل إخوانى أثبتت التجربة زيفه وضلاله.

الآن يقف الأطباء فى صفوفهم البيضاء تتشابك أيديهم مع أيدى ممرضيهم يساوون الصفوف ويسدون الفَرّجَ منعا لوصول الفيروس لصفوف المصريين، ومن خلفهم قواتهم المسلحة وشرطتهم المدنية وشعبهم العظيم، الجميع يرفعون أكفهم بالدعاء تضرعا للمولى عز وجل بأن يرفع البلاء عن مصر.

يقينا سيستجاب الدعاء وستتجلى رحمات الله الساطعة من نور وجهه الكريم على صفوف مصر البيضاء كما تجلت ذاته العلية من قبل على أرض مصر الطيبة.