التنبؤ بـ«كورونا»| نكشف حقيقة كتاب «عظائم الدهور».. وتعليقات نارية من الخبراء

كرونا
كرونا

- يوسف زيدان عن «عظائم الدهور»: «كلام فاضي».. ولا وجود للمؤلف ولا لغة الخطاب

- «البحيري»: لا يمكن التنبؤ بـ«كورونا» قبل مئات السنين.. وهذه طرق التنبؤ العلمية

- «المرسي»: انتشار الخرافات وقت الأزمات «الأخطر».. وإتاحة المعلومات «ضرورة»

 

«عندما تحين العشرون.. قرون وقرون وقرون.. يجتاح الدنيا كورون.. من فعل البشر الضالون.. فيميت كبارهم.. ويستحيي صغارهم.. يخشاه الأقوياء.. ولا يتعافى منه الضعفاء.. يفتك بساكني القصور.. ولا يسلم منه ولاة الأمور.. يتطاير بينهم كالكرات.. ويلتهم الحلقوم والرئات.. لا تنفع معه حجامة.. ويفترس من أماط لثامه.. يصيب السفن ومن فيها.. وتخلو السحب من راكبيها.. تتوقف فيه المصانع.. ولا يجدون له من رادع.. مبدؤه من خفاش الصين.. وتستقبله الروم بالأنين.. وتخلو الأماكن من روادها.. وتستعين الأقوام بأجنادها.. يضج منه روم الطليان.. ولا يشعر من جاورهم بأمان.. يستهينون بأول اجتياحه.. وييأس من طبهم كفاحه».

«يتناقلون بينهم أخباره.. ويكتشفون بلا نفع أسراره.. يخشاه الأخيار والفساق.. ويدفنون ضحاياه في الأعماق.. تتعطل فيه الصلوات.. وتكثر فيه الدعوات.. وتصدق الناس ما يشاع.. وتشتري كل ما يباع.. ممالك الأرض منه في خسارة.. تعجز عن محاربته وانحساره.. في زمن قل الصدق في التعامل.. وشح الإحسان في المقابل.. ثم تنكشف الغمة عن الأمة.. بالرجوع إلى الله تأتي التتمة.. وتستنير الضمائر المستهمة.. بالتضرع إلى الله والصلاة على الأنبياء والأئمة».

هذا الاقتباس تداوله رواد مواقع التواصل الاجتماعي بكثافة خلال الساعات القليلة الماضية، وهو منسوب لكتاب يُدعى «عظائم الدهور» لأبي علي الدبيزي، كما كُثرت عمليات البحث على محرك «جوجل» لتحميل الكتاب المزعوم، والذي اعتقد كثيرون أنه تنبأ بانتشار وباء «كورونا» في 2020 منذ عام 565 هـ.. ولذا ناقشت «بوابة أخبار اليوم» الخبراء حول حقيقة هذا الكتاب ومؤلفه، ليتضح لنا على ما يبدو أنه «كذبة أبريل».. كما نناقش الخبراء حول هل يُصلح التنبأ بوباء قبل مئات السنين؟ ولماذا يعتقد كثير من المصريين بصحة هذه المعلومات ويتداولونها دون تدقيق منهم، وخطورة انتشار الخرافات والشائعات وقت الأزمات.

كلام فاضي

في البداية يصف الدكتور يوسف زيدان، المفكر والباحث المتخصص في الدراسات العربية والإسلامية، كتاب عظائم الدهور لأبي علي الدبيزي بأنه «كلام فاضي»، مؤكدا أنه لا يوجد كتاب بهذا الاسم ولا مؤلفه موجود من الأساس.

وأكد أن هذه اللغة المستخدمة لا تعود للقرنين الخامس والسادس الهجري، مضيفا أن تداول هذه الأقاويل تأتي في إطار الخرافات عن فيروس كورونا.

لا يمكن التنبؤ

واتفق معه الدكتور زكي البحيري، أستاذ التاريخ بكلية الآداب جامعة المنصورة، أنه لم يسمع عن هذا الكتاب ولا عن مؤلفه، لافتا إلى أن تطور الحياة والمجتمعات لا تأتي عن طريق التنبؤ، ولو كان هناك تنبؤ يجب أن يكون في ضوء واقع موجود في المجتمع وفي ضوء ظروف معينة يتم فيها التنبؤ وبالإمكانات الاقتصادية والاجتماعية والطاقة البشرية والتطور التكنولوجي الموجود.

ولفت أستاذ التاريخ بكلية الآداب جامعة المنصورة، إلى أن التنبؤ يكون بناء على جداول وقياسات علمية وإحصاءات ودراسات ونتائج واضحة العالم تماما في اتجاهات السياسة والظروف الاقتصادية، منوها على أن التنبؤ بفيروس كورونا يكون بناء على مؤثرات بيئية بدأت تتواجد في الفترة الأخيرة نتيجة زيادة التلوث في الجو وارتفاع عدد السكان واحتكاكهم ببعضهم البعض، لكن لا يصح أبدا التنبؤ قبلها بمئات السنين وهذا أمر غير منطقي.

وحول تداول الكثير والاعتقاد بصحة كتاب «عظائم الدهور» وما جاء فيه عن فيروس كورونا، أكد د. زكي البحيري، أن التعليم في مصر ليس كافيا وخلال الـ30 عاما الأخيرة انهار بدرجة كبيرة جدا وتحول لحفظ الموضوعات البحتة السابقة وغير مرتبط بجمل الثقافة الحديثة والتطورات السريعة التي تحدث في العالم في المجالات التكنولوجية والتسليحية والاستراتيجية، مشيرا إلى أن غياب الثقافة هو أزمة المجتمع، مضيفا أن القائمين على العملية التعليمية يجب أن يمتلكوا من الثقافة ما يرفعوا به مستوى الطلاب فضلا عن ضرورة إلمامهم بجمل التطورات الحاصلة في مجال عملهم.

وذكر أنه علميا لا يمكن التنبؤ بكورونا قبلها بمئات السنين، متسائلا لماذا ظهر هذا الكلام حاليا ولم يظهر من قبل؟.. وما ورد يعتبر من الخرافات، وما سبق نشره عن كتب تحدثت عن أوبئة مثل الطاعون كانت تتحدث عن أوبئة انتشرت خلال تلك الفترة ولم تتنبأ بالمستقبل.

خرافات الأزمات

أما الدكتور محمد المرسي، الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة، فيرى أن الشائعات والخرافات بشكل عام تنمو وتنتشر في بيئة الأزمات وخاصة إذا ما كانت هذه الأزمات تؤثر في حاضر ومستقبل المواطن وقد تهدد حياته.

وأضاف أن هذا ما نمر به حاليا شأن دول العالم المختلفة، لذلك نجد عددا كبيرا من الشائعات حول أزمة فيروس كورونا في مصر وتطورات وجوده وانتشاره، موضحا أن هذه الخرافات والشائعات يمكن أن تكون أكثر خطورة من انتشار الفيروس نفسه في حال عدم توافر المعلومات بصدق وشفافية وغموض الوضع العام، مردفا: لكن الحقيقة أن الوضع العام في مصر لا يمنح الفرصة لنشر وتأثير هذه الشائعات من خلال جهود كبيرة تقوم بها كافة مؤسسات الدولة من خلال قرارات حاسمة للحد من انتشار الفيروس.

وأشار د. محمد المرسي، إلى أن الدولة تقوم بجهود بوضوح وبشفافية تامة بالإضافة الي الإعلان اليومي وبشفافية أيضا عن تطورات الوضع داخل مصر موثقًا بالأرقام والإحصاءات، إلى جانب هذه الجهود هناك تعامل ومعالجات إعلامية جيدة لهذه الأزمة من خلال تغطيات اخبارية علي مدار الساعة ومن خلال حملات توعية مكثفة وأيضا الرد الفوري القوي على هذه الشائعات.

وتابع المرسي، أن كل هذه الجهود لمؤسسات الدولة ولمنظومة الإعلام المصري وتوفير المعلومات بشفافية وفي توقيت مناسب يمثل حائط صد قوي أمام هذه الشائعات ويحد من انتشارها وتأثيرها إلى حد كبير.  

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي

 
 

 
 
 

ترشيحاتنا