ورقة وقلم

«غضب» الله.. و«نعمة» الوباء !

ياسر رزق
ياسر رزق

تستطيع أن تقول إن الله غاضب على الناس، وإلا ما أغلق أبواب بيوته دونهم. بيته الحرام، وصوامعه، وبِيَعه، وصلواته، ومساجده.
وتستطيع أن ترد على من يقول ذلك، بأن الحليم إذا غضب فلن يأخذ بغضبه أولئك الذين يأتونه عابدين، قانتين، خاشعين، مستغفرين، ويكف نقمته عن الذين كفروا.
تستطيع أن تقول لو أن الله راض عن الناس، ما أرسل عليهم أدق مخلوقاته، تخنق أنفاسهم وتحصد أرواحهم، وهم لا يستطيعون له دفعا.
وتستطيع أن تقول لو أن الله ناقم على الناس، لأغرقهم بطوفان، أو أخذهم بصاعقة، أو أبادهم بطاعون، وما كانت نقمته مجرد ابتلاء بهذا الوباء أو الجائحة المسماة بفيروس الكورونا، الذى يمرض به أناس ويشفون.
تستطيع أن تتشاءم بهذا العام ٢٠٢٠ وأن تقول عنه ما شئت وتتطير بكل أيامه، وتعتبره فاتحة خراب على العالمين.
وتستطيع أن ترد على نفسك بأن العام ٥٧١م الذى جاء فيه أصحاب الفيل- وهم من خلق الله- إلى بيت الله زاحفين يبغون هدم الكعبة، هو العام الذى ولد فيه أشرف الخلق أجمعين.
< < <
جادل الناس، أو تجادل مع نفسك حيث شاء بك الجدل، فالمنطق أحيانا له وجهان، والحقيقة حمالة أوجه..!
عن نفسى أكاد ألمس فى محنة الوباء نعمة، وأرى يوم نصر البشرية عليه قريبا، مثلما وجدت النعمة فى مرض عضال شديد الشراسة أصابنى منذ أقل من عامين، واستطعت بأمر الله أن أهزمه وانتصر عليه..!
< < <
مفارقات عديدة صاحبت تسلل فيروس كورونا، ثم اجتياحه مناطق شتى فى عالمنا هذا.
حين انطلق الوباء مستشريا فى الصين قبل ثلاثة شهور، قال الصينيون إن الفيروس تخليقى من صنع معامل الحرب البيولوجية الأمريكية، بينما وصفه الرئيس الأمريكى ترامب بأنه الفيروس الصيني، راميا أن يلتصق بالصينيين سبب إصابة مئات الآلاف وربما الملايين بالوباء، لأغراض تجارية بالطبع. لكن حينما انتشر الفيروس فى الولايات المتحدة، وصارت أعلى بلاد العالم فى عدد الإصابات رفع الرئيسان الأمريكى والصينى سماعتى التليفون، وتحادثا وتفاهما..!
وبينما كانت المخاوف هائلة على شعوب سوريا واليمن وليبيا من جائحة الكورونا فى ظل أذرع دول متقطعة أو مشلولة، بل فى ظل انهيار دولها بدنا وأطرافا، شاءت إرادة الله وفق ما نراه حتى الآن، أن تقل أعداد المصابين فى كل من هذه الدول عن أصابع اليد الواحدة، بينما كانت الأعداد الأكبر فى الدول الأكثر استقرارا وثراء.
كذلك الأمر فى أوروبا، فالكارثة فى الدول الأغنى والأكثر أمتلاكا لوسائل الوقاية والرعاية الصحية، بينما كان القدر رحيما حتى الآن بدول الصحراء الأفريقية شديدة الفقر.
وبينما تصاعدت أبواق الإخوان من العاصمتين التركية والقطرية، تنعق شامتة فى مصر، وهى تردد أكاذيب عن أعداد المصابين فى مصر وعن مستوى الرعاية الصحية بها، شاءت الأقدار- اللهم لا شماتة- فى أن تقفز أعداد المصابين بتركيا من خانة الأحاد إلى خانة الآلاف، فى دليل على ركون القيادة التركية إلى الإخفاء والإنكار والكذب، وقفزت أعداد المصابين فى قطر إلى ما يصل إلى ٥٠ ضعف المصابين فى مصر بالقياس إلى عدد السكان، وعمدت الأبواق الإخوانية إلى إخفاء ما يجرى فى قطر خاصة ما يتعرض له العمال الأجانب من أحوال معيشية سيئة ومستوى رعاية صحية متردية ساهمت فى تفشى المرض بينهم.
وندعو الله أن يمن بالشفاء على كل مريض فى كل مكان.
< < <
فى يوم أو فى شهر أو فى سنة، وربما أكثر سوف يتقلص الوباء ويختبىء الفيروس، أو لعله- يتلاشي، وسوف يبدأ عصر جديد، وتقويم جديد هو تقويم ما بعد الكورونا، مثلما تحدثت فى مقالى الأسبوع الماضى فى هذا المكان.
ونستطيع أن نتجادل من الآن، عما إذا كان هذا العصر الجديد سيدشن مرحلة جديدة من الانفتاح العولمي، أو سيكون بداية لقرن أو مائة عام من العزلة والتقوقع الأممي. مثلما نتجادل عما إذا كان فيما يجرى غضب أو ابتلاء.. أو هل هو نقمة أم نعمة..!
< < <
أغلى نعم الله علينا من هذا الوباء، هو أنه أعطى للبشرية- بالتعبير العسكري- وقفة «تعبوية» للتأمل، ما كان لها أن تتحقق لولا اضطرار معظم شعوب العالم للبقاء فى المنازل لدرء خطر تفشى الوباء أكثر وأكثر.
هذا التأمل المفقود يتيح للفرد وللجماعة مثلما يتيح للشعوب وللدول التفكر والتدبر وإعادة الحسابات.
ففى الوقت الذى ظن فيه أناس ودول من أهل الأرض أنهم قادرون عليها، أتاهم أصغر جنود الله، ولعله أضعفهم لينذرهم ويجعلهم يعيدون النظر فى دنياهم وآخرتهم، وأن يتواضعوا لله عز وجل.
من نعم الله على الإنسان هو تذكر النعمة..!
ففى هذه المحنة، لابد أن يعرف صاحب القلب السليم نعمة الصحة، ونعمة الشفاء، ونعمة اللقمة فى البطن الجوعان، ونعمة شربة الماء، ونعمة القرش الحلال، ونعمة الوطن المقتدر.. وأيضا نعمة الحرية ويالها من نعمة..!
وقبل تلك النعم وعلى رأسها، نعمة نفس الهواء..!
فأشد أعراض مرض الكورونا وآخر ما يحس به المريض قبل الرحيل، هو عدم القدرة على جذب النفس وتوقف الجهاز التنفسي..!
أنا أعرف هذه النعمة حق المعرفة، فقد كانت شهقة النفس الواحدة، عصية على صدري، حين مرضي.
يومها أدركت أن كل مباهج الدنيا بلا ثمن ولا قيمة فى مقابل شهقة نفس واحدة يجدها كل إنسان حى فى متناول صدره فى كل لحظة، حراً كان أو أسيراً، غنياً كان أو فقيراً.
واليوم أدعو الله ألا يدخل - بهذا الوباء أو غيره - أى إنسان فى تلك التجربة..!
< < <
ولسوف يأتى يوم قريب تسطع فيه شمس الطمأنينة على مصر بلد الأمان.
وقتها، وربما قبل ذلك، سيدرك الناس أن تصدر الرئيس عبدالفتاح السيسى المشهد فى يوم الثالث من يوليو، لإنفاذ إرادة جماهير ثورة ٣٠ يونيو، كان له حكمة إلهية أعمق من إزاحة حكم الإخوان عن صدر مصر، وأوسع من إعادة بناء الوطن بعد أن لانت أعمدته وتداعت جدرانه.
حينئذ، سيوقن المصريون أن من بين صفوف هذا الشعب- مدنيين وعسكريين- رجالا ونساء لو أحسن انتقاؤهم ووضعهم فى مواقعهم الأنسب، قادرون على أداء مهامهم بإخلاص وتفان وإبداع، مثلما نرى فى الدكتور مصطفى مدبولى ووزراء الحكومة المحترمين.
فى ذلك الحين، سنندفع معززين بهمة المصريين، لاستعواض ما فاتنا من زمن- ندعو الله أن يكون قصيرا- أثناء محاربة البلاء، من أجل مواصلة تحديث التعليم والصحة وتدشين المشروع الثقافى المصري، جنبا إلى جنب مع بناء العاصمة والمدن الجديدة والانطلاق فى خطة تصنيع مصر وبرنامج استصلاح ١٫٥ مليون فدان.
سوف يفارقنا الفيروس بإذن الله، ومعه فيروسات أخرى استشرت فى حياتنا السياسية وكادت تقضى عليها قضاء تاما ونهائيا.
لابد أن نواصل- حينئذ - مسيرة الإصلاح السياسى التى تتأسس على برلمان فعال وأحزاب قوية وإعلام حر مسئول.
ولعل البعض الذين يتحسسون مسدساتهم كلما سمعوا كلمة إعلام، يعرفون وقتها أهمية أن يمتلك بلد بحجم مصر إعلاما حرا مستنيرا ذا مصداقية فى مواجهة المخاطر ومنها خطر وباء الكورونا..!
< < <
سوف تخرج مصر من هذا الاختبار بإذن الله، ربما فى موعد قد يكون متأخرا عما يعتقد كثيرون، وهى أشد منعة لفيروسات الأوطان، وشعبها أكثر تماسكا وتمسكا بقيادته ونهجها العاقل الرصين، وأشد حمدا لله على نعمائه وإيمانا بأنه أبدا لن يضيع البلد الذى تجلى على أرضه.

سن القلم

< تستحق د. إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة التحية على فكرة إنشاء قناة وزارة الثقافة على «يوتيوب». فى هذه القناة تستطيع أن تشاهد على جهاز المحمول أو شاشة الكمبيوتر أو حتى شاشة التليفزيون الموصلة بجاز الكمبيوتر مسرحيات راقية للكبار والأطفال من إنتاج وزارة الثقافة ومهرجانات غنائية من تنظيم الوزارة، وغيرها من الأنشطة الفنية والترفيهية.
كم أتمنى أن تجد تلك الأعمال المحترمة مكانها على شاشات القنوات المتخصصة، وأظن لو أعطيت وزارة الثقافة واحدة  من تلك القنوات لتشرف عليها وتنفق على إنتاجها وتشغيلها، لحققت القناة انتشاراً واسعاً وأيضا عائداً مالياً مجزياً.
التحية أيضا واجبة لرجال الثقافة وسيداتها وفنانيها على هذا الجهد المحترم.

<  كنت فى حوار «أونلاين» مع مجموعة من الأصدقاء من المسئولين الحاليين والسابقين عن الصحف الورقية وتأثير تداولها فى ظل خطر فيروس «كورونا».
فتح النقاش صديق عزيز، ورددت عليه بأن مخاطر تداول المعلبات والمناديل الورقية بل وعلب الدواء أكثر بكثير من خطر تداول الصحف.خاصة أن طبعها وحزمها فى أربطة يتم آليا وباستخدام الروبوت بالذات فى مطابع «أخبار اليوم». وقلت أيضا إن أسلوب استخدام الكمامات الواقية عند بعض المواطنين وتداولها على مدى أكثر من يوم يجعل منها مخزناً للميكروبات التى تنتقل عبر الهواء والملامسة، ويجعلها أشد خطراً من  المغلفات التى تباع فى الشوارع والمحال.
الأخطر من كل السلع المتداولة هو البنكنوت وأوراق النقد التى يتم تداولها بين ملايين الأيدى من الأصحاء والمرضى وحاملى الميكروبات.. فهل نلغى النقود؟!

< الكاتب الكبير أحمد الجمال واحد من أهم المثقفين المصريين، وأستمتع كثيرا بقراءة مقالاته، والاستماع إليه فى المنتديات والمحافل الرسمية والخاصة، لاسيما أنه أقرب ما يكون إلى موسوعة متنقلة فى التاريخ والأديان والحضارات والفنون والآداب، وأيضا فى السياسة والساسة المصريين والعرب الذين عرفهم واقترب منهم وتصادق معهم.
والحقيقة أننى أستغرب من غياب هذا المثقف الكبير وأحد دعاة تحرير مصر من الاحتلال الإخوانى عن شاشات التليفزيون.
وأحس أن وجوده كمقدم لبرنامج ثقافى متحدثاً لمدة ساعة أسبوعياً على إحدى الفضائيات المصرية، سوف يثريها فكراِ ويزيدها مشاهدة.

< جمعتنى جلسة عمل بالسيدة نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي، وأسعدنى كثيراِ أن أجد لديها رؤية واضحة لسبل التخفيف عن الطبقات محدودة  الدخل والفقيرة، وأن ألمس عندها همة عالية فى العمل وحل المشكلات بأسلوب عملى سريع، بعيداً عن  تعقيدات البيروقراطية والآداء المظهرى الكاميراتى الذى هو آفة عند بعض المسئولين. أتمنى للوزيرة النشطة التوفيق فى مهمتها الصعبة والمساندة من زملائها الوزراء فى هذا الملف بالغ الحساسية والحيوى لدى الشريحة الأوسع من المصريين.