أول سطر

كورونا وحكاية البنات

طاهر قابيل
طاهر قابيل

قبل قرون من الزمان كانت الفتيات يتزاحمن قبل صلاة الجمعة بأركان أحد المساجد..ومع السجدة الأولى ينطلقن باتجاه باب الخروج. وكل واحدة منهن على ثقة بأن رحلتها القصيرة بين المصلين إلى الباب ستجلب لها فارس الأحلام.. وتستكمل الرواية الشعبية الحكاية بأن المسجد بناه اب كان له 7 بنات عذارى خطف الموت اعمارهن بفيروس «الطاعون» فى توقيت متقارب فدفنهن والدهن به وبنى فوقهن المسجد وان بركة البنات السبع تحل على كل من فاتها قطار الزواج اذا فعلت ذلك.
بعيدا عن الخيال الشعبى فالحقيقة التاريخية لإقامة المسجد ان الأمير فخر الدين عبد الغنى فى عام1418 ميلادية اختار لإقامته مكانا على شاطئ الخليج المصرى والذى تم ردمه بعد ذلك ليظهر مكانه شارع بورسعيد بمنطقة السيدة زينب. وان الأمير فخرعندما كان عمره 16 عاما تولى عددا من المناصب منها والي على موقع فحص وثائق العابرين للحدود المصرية ولتحصيل الرسوم منهم.. ثم مشرف على بيوت السلطان واختتم مناصبه وعمره 36 عاما وهو يعانى من مرض الموت بتعيينه وزيرا.. ويقال عنه انه كان جبارا فى جمع الأموال حتى إنه جمع فى 3 سنوات ما يجمعه غيره فى 30عاما.
حكاية «جامع البنات» واحدة من القصص التى سردها الكاتب الصحفى «ايهاب الحضرى» عن التاريخ السرى لحجارة المساجد فى كتابه الأخير «حواديت المآذن» والتى وصفها بأنها كثيرة لا يمكن جمعها فى كتاب ولكنها تستحق ان نتوقف امامها ليس على مستوى السرد بل بالتحليل.. الكتاب ضم العديد من القصص منها مسجد ابن طولون الموجود على ورقة الخمس جنيهات والذى بناه احمد بن طولون فى سبعينيات القرن التاسع الميلادى على قمة جبل «يشكر» بعد ان وضع شرطا بالغ الصعوبة وهو ان يصمد فى مواجهة تقلبات الزمان واذا احترقت اوغرقت مصر يبقى هو.. واستخدم فى بنائه الطوب الأحمر الذى يزداد صلابة اذا شب فيه حريق..فى كتاب الصديق ايهاب الحضرى قصص كثيرة منها الحاكم بأمر الله ومجموعة المنصور قلاوون الضخمة والسلطان حسن وبشتاك والمحمودية والملكة صفية التى سطت على مسجد مملوكها وابو الدهب الذى قاد الثورة المضادة..وعن اختفاء المنبر فى مسجد» قانى باى الرماح» بمنطقة القلعة وغير ذلك من القصص والحكايات.
الاجراءات الاحترازية الناجحة التى اتخذتها الحكومة لمواجهة فيروس «كورونا» القاتل وكان اخرها حظر تنقل المواطنين من السابعة مساء وحتى السادسة صباحا كانت فرصة لى لمعاودة القراءة بشغف لحواديت المآذن.. ففى الحروب تتولى الجيوش مهمة صد العدوان..ولكن مع الفيروس الفتاك فكلنا جنود فى الحرب حتى النصر وعلينا تعديل سلوكياتنا والعودة لحياتنا الأسرية والجلوس على مائدة واحدة والتكاتف المجتمعى.