فواصل

أليس هناك رجل رشيد ؟

أسامة عجاج
أسامة عجاج

يبدو أنهم فى «عالم «ونحن فى «عالم» آخر، البون بينهما شديد، والمسافة شاسعة، ما بين السماوات والأرض، أتحدث عن «كل «دول العالم،» ونحن» فى المنطقة العربية، هم يحاربون من اجل البقاء، ونحن نستعجل الفناء، هدفهم إنقاذ البشرية، ونحن لم نتغير ولم نتبدل، الحروب مستمرة فى العديد من الساحات فى ليبيا وسوريا واليمن، ترامب رئيس اكبر دولة فى العالم يقولها صراحة فى احد مؤتمراته اليومية فى إطار متابعة آخر تطورات مواجهة بلاده لفيروس كورونا «العالم فى حالة حرب مع عدو خفى وسوف نفوز»، الرئيس الفرنسى ماكرون قال نحن فى حرب وسننتصر، مضيفا «نواجه أسوأ كارثة صحية»، وبصرامة الإنجليز تحدث رئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون موجها كلامه لشعبه «استعدوا لوداع أحبائكم «رئيس وزراء إيطاليا نقل عنه قوله «انتهت حلول الأرض والأمر متروك للسماء» ونحن فى المنطقة العربية لم نتعظ، عند رفع مؤذن احد المساجد فى الكويت الأذان، ودعا المصلين إلى الصلاة فى «رحالهم»، لم نعِ الدرس، ولم نفهم الرسالة الربانية، عندما أدى شيخ المسجد الحرام فريضة الجمعة باكيًا، فالجماعة خلفه تعد على أصابع اليد الواحدة، من العاملين فى المسجد أو قوات امن الحرم.
هذا هو المشهد الدولى فماذا عنا نحن، وأتحدث هنا عن بعض الأمثلة فقط، هل تبدلت الأمور فى ساحات القتال فى اليمن أو سوريا وكذلك ليبيا؟، هل توقفت المعارك؟، هل سعت أي من أطراف الصراع وما أكثرها إلى تبنى وقف إطلاق، ليس لاعتبارات إنسانية مثلا «لا سمح الله» ولكن فقط للتفرغ لمواجهة فيروس كورونا، ولنبدأ باليمن، الوضع على حاله بل يسير إلى الاسوأ منذ سبتمبر ٢٠١٤، عندمًا استولت جماعة الحوثى على العاصمة صنعاء، أو منذ بدايات عاصفة الحزم لاستعادة الشرعية فى مارس ٢٠١٥، وهذه نماذج سريعة مما جرى فى اليمن خلال الأسبوع الماضى فقط، تحالف دعم الشرعية اعترض ودمر زورقين مفخخين وطائرتين مسيرتين أطلقتها جماعة الحوثى جنوب البحر الأحمر، مع استمرار غارات طائرات التحالف الدولى فى محافظة الجوف، وقصف التجمعات السكنية فى مدينة تعز. المعارك مستمرة بين الجماعة وقوات الجيش اليمنى فى محافظتى الضالع والجوف ونهم والحديدة وشبوه، ومنع فريق خبراء دولى من معاينة وصيانة ناقلة نفط عملاقة «صافر» الراسية فى ميناء رأس عيسى شمال مدينة الحديدة، مع إمكانية حدوث كارثة بيئية فى حال تسرب حوالى مليون برميل نفط خام إلى مياه البحر الأحمر، احكام من الحوثيين بإعدام ١٧ قائدًا عسكريًا منهم على محسن الأحمر نائب الرئيس اليمني.
ولا يختلف الوضع فى ليبيا، فهناك اختراق مستمر للهدنة المتفق عليها فى ١٢ يناير الماضي، استمرار إغلاق المنشآت النفطية، مع التراجع الشديد فى الإنتاج منذ محاصرتها فى ١٨ يناير الماضي، ومطالبات اممية بوقف القتال من دول غربية والبعثة الدولية، والاتحاد الأوربى لأغراض إنسانية لمواجهة كورونا، ولم تجد الدعوة أى صدى لدى الأطراف المتصارعة، وقادة أفارقة، يبحثون عقد مؤتمر للمصالحة الوطنية الشاملة فى ليبيا، مع صعوبة تحقيق المقترح.
أما سوريا، فقد مر على الأزمة تسع سنوات كاملة، وكانت المحصلة بلدا مقسما، ما بين ٦٤ بالمائة تحت نفوذ الحكومة وروسيا والإيرانيين، و٢٦ بالمائة تحت سيطرة الأكراد، و١٠ تحت سيطرة معارضة محسوبة على تركيا، الخسائر وصلت إلى ٤٠٠ مليار دولار، مع نزوح نصف سكان سوريا، ومقتل اكثر من نصف مليون سوري، وخمس جيوش نظامية غير المجموعات المحلية أو الخارجية الموالية لهذه الدولة أو تلك، تعمل على الساحة السورية،  واستئناف العمليات فى أدلب رغم الهدنة المعلنة منذ يوم الأحد الماضي، وبدء تسيير دوريات تركية روسية مشتركة، لضبط الأوضاع العسكرية وفقا للاتفاق بين بوتين وأردوغان فى الخامس من هذا الشهر، على خطة للتهدئة ووقف إطلاق النار، وعودة عناصر من داعش إلى شن هجمات بعد توحيد صفوفهم والتعزيزات العسكرية التى وصلتهم، واقتراح تركى «فاجر « لتقاسم عائدات النفط بينها وبين روسيا فى شرق الفرات.
هذه إذًا صرخة مدوية، أليس هناك رجل رشيد! يجهر بصوته، ويقول لكل الأطراف المتحاربة فى تلك الساحات، كفى حربا ودمارا بعد كل تلك السنوات، دون تحقيق اى نتيجة، او احراز اى نجاح، سوى آلاف الضحايا من الأبرياء، الذين «لا ناقة لهم ولا جمل» فى كل ما يحدث، أتمنى ان يظهر عاجلا وليس آجلا.