يوميات الأخبار

مطاردة الفيروس الطائش.. «كورونا»

محمد بركات
محمد بركات

«دخول ڤيروس «كورونا المستجد» عندنا كان متوقعا فى أى وقت، رغم كل الاحتياطات والإجراءات الاحترازية،...، لأن مصر ليست دولة معزولة عن بقية العالم».

لا حديث يعلو الآن فى كل العالم شرقه وغربه، على الأخبار والانباء المتعلقة بڤيروس كورونا المستجد أو «كوفيد ١٩»، الذى هو كما يقول الخبراء وعلماء الڤيروسات، نوع متحور أو معدل من كورونا القديم الذى كان متخصصا فى إصابة الحيوانات، ولكنه أرتقى وأصبح يصيب الانسان، أو وقع فى هوى بنى البشر فقرر إصابتهم والاستيطان فى جهازهم التنفسى السفلى «أى الرئتين».
وكل الدول والشعوب تتابع الآن المستجدات المتلاحقة والمتسارعة لهذا الڤيروس المفترى والمستقوى على البشر حاليا، منذ تحوره الذى تم لأسباب مجهولة وفى ظل ظروف غيرمعلومة ولا مؤكدة حتى الآن.
والدنيا كلها تلهث الآن وراء هذا «الكورونا» تحاول اللحاق به، والحد من غزواته المستمرة والمنطلقة دون ضابط ولارابط فى بلاد العالم، وتحاول الوقوف أمام فتوحاته المتلاحقة للدول والشعوب، والتى كادت أن تغطى كل العالم دون مبالغة أو تهويل.
وهو فى انطلاقه المفلوت أو المنفلت، يتنقل فى كل الارجاء ويدخل كل الدول دون استئذان، ابتداءمن الصين التى ظهر فيها مع نهايات العام الماضى، وأصبح معلوما  ومتحديا ومعلنا فى عدوانه على البشر قبل تباشير فجر العام الجديد ٢٠٢٠ بساعات، أو ربما بأيام ونحن غافلون.
ومنذ لحظة العلانية هذه.. أخذ فى التوسع واحتلال المزيد من الدول، وإصابة المزيد من الشعوب والانتشار فى كل الانحاء، فهو يستوطن الآن فى ايران وكوريا  وماليزيا وسنغافورة والهند، ويقيم فى ايطاليا واليابان وفرنسا والمانيا وانجلترا وأمريكا وروسيا وكافة الدول الأسيوية وايضا الافريقية، ودول الخليج واستراليا. وغيرها.. وغيرها.. وصولا الى مصر مؤخرا.
دخول الڤيروس
والآن وبعد مرور شهرين ونصف فقط لاغير على ظهور هذا الڤيروس المعدل أو المتحور، أحسب أننا نلاحظ أن العالم كله تقريبا تنتابه الآن حالة من القلق والتخوف من الاصابة به، خاصة فى ظل الانتشار المتسارع له فى كل الدول تقريبا.
ونحن ضد انتشار الفزع أو الخوف العام على جموع المواطنين عندنا نتيجة اكتشاف دخول الڤيروس الى مصر مؤخرا، خاصة وان ذلك كان متوقعا أن يحدث فى أى وقت، رغم كل الاحتياطات وجميع الإجراءات الاحتزازية، التى اتخذتها الدولة، حيث أن مصرليست دولة منفردة بذاتها فى هذا العالم، وليست بالقطع دولة معزولة عن بقية دول العالم.. ولم يكن معقولا ولا متصورا ألا تتعرض لما تتعرض له كل دول العالم،..، أو أن يقف الڤيروس عند حدودها عاجزا عن الدخول اليها دون دول العالم كله.
وأقول أن ذلك كان متوقعا وهو ما حدث رغم الجدية الكاملة التى تعاملت بها الدولة، ممثلة فى الأجهزة المعنية فى وزارة الصحة، والطب الوقائى والطب البيطرى وغيرها مع الڤيروس، وبالرغم مما بذلته ومازالت تبذله من جهد فائق للتعامل بشفافية ومسئولية وايجابية مع هذا الخطر القائم، ومحاولة إعاقة دخول كورونا المستجد إلى مصر، باعتبارها زائراً غير مرغوب فيه على الاطلاق.
ولكن حدث ما يحدث فى كل بلاد الدنيا، وهو دخول الڤيروس مع زائر لمصرمن الخارج حاملا للڤيروس، دون اعراض ظاهرة كما حدث فى أغلب إن لم يكن كل الدول.
وهناك عدة حقائق يجب أن نعرفها ونؤكد عليها بخصوص الكوروناالتى دخلت الينا، يأتى فى مقدمتها وابرزها حقيقة ان الحالات المكتشفة عندنا، هى شهادة جودة لفريق العمل المصرى بوزارة الصحة، وبقية الأجهزة المستنفرة والقائمة على تتبع القادمين من الخارج ومن يتم التأكد من اصابتهم أو الاشتباه فى اصاباتهم أو حملهم للڤيروس.
التهويل والتهوين
أما الحقيقة الثانية، والتى يجب أن نقولها بوضوح شديد، وصوت مرتفع للغاية، لعلها تصل إلى كل الناس بحجمها ومضمونها ومعناها الكامل،..، فهى أنه من الضرورى تجنب التهويل كما انه من الضرورى ايضا تجنب التهوين فى هذه المسألة،..، ويجب أن يعرف الكل أن نسبة الشفاءمن هذا  الڤيروس هى نسبة عالية جدا فى كل البلاد التى دخل اليها، وهى حتى الآن تزيد عن «٩٦٪» من بين المصابين.
وفى ذلك لابد أن ندرك جميعا ضرورةالاهتمام الشديد بالتعامل الواعى والجاد مع هذه القضية، وأن نقوم جميعا باتخاذ جميع الاحتياطات الواجبة والاجراءات الاحترازية للوقاية من الاصابة بالكورونا، وان نعمل بجدية على حصار الڤيروس ومنع انتشاره ما أمكن، حتى لا يتحول من مجرد زائر غيرمرغوب فيه لمدة أيام أو أسابيع، الى محتل مقيم رغماً عنا جميعا.
ولتحقيق ذلك يصبح واجبنا جميعا، الوعى بالأساليب والوسائل الواجب اتخاذها واتباعها، للوقاية من الإصابة بالڤيروس سريع الانتشار،..، وهو ما يستوجب الالتزام التام بالنصائح والقواعد التى اعلنتها وزارة الصحة، وجميع المسئولين فى القطاع الطبى الوقائى.
ولعلنا فى حاجة للتأكيد على ضرورة الابتعاد قدر الامكان، عن التواجد فى أماكن التجمعات البشرية المزدحمة والمغلقة، وضرورةالحرص على فتح النوافذ فى مثل هذه الأماكن، والاهتمام بصفة خاصة ودائمة بغسل الايدى بصفة دائمة بالماء والصابون، كوسيلة فعالة للنظافة، واستخدام المناديل وتحاشى التعرض للرذاذ المتناثر من الانف أو الفم،..، وقبل ذلك استشارة الطبيب واللجوء الى المستشفى حالة ارتفاع درجة الحرارة وظهور الاعراض التى اصبحت معروفة ومعلومة للجميع الآن.
انكماش اقتصادى
ولكن هل يتوقف خطر ڤيروس الكورونا المستجد أو «كوفيد ١٩» على ما يسببه للبشر من اضرار بالغة، تودى بحياتهم وتسافر بهم الى الآخرة وتترك الباقين أحياء يعانون حزن ومرارة فراق الأقارب والأصدقاء والأحباء؟!
الإجابة على هذا السؤال هى بالقطع لا،...، حيث أن هذا الڤيروس قد تسبب بالفعل الآن فى توجيه ضربة قاسية للأسواق المالية العالمية، وصلت فى شدتها الى الضربة التى شهدتها الاسواق خلال العام «٢٠٠٨» مع أزمة أو كارثة الرهن العقارى، والتى تسببت فى كساد عالمى كبير.
وتشير اخر التقارير الاقتصادية إلى أنه من المتوقع أن تشهد الاسواق العالمية أزمة كبيرة، نتيجة انخفاض متوقع فى سوق الاسهم، وانخفاض كبير فى الانتاج الصناعى العالمى، والانهيار المتوقع ايضا فى حركة التجارة الدولية وحركة التصدير والاستيراد بين الدول، وكذلك انكماش كبير فى سوق الخدمات وفى مجال الاستثمار الدولى.
وفى هذا الاطار قد يكون من المفيد الاشارة الى التحذير الذى أطلقته مجلة «الايكونومسيت البريطانية» ، والتى اكدت فيه، ان هناك احتمالات قوية الى حدوث انخفاض كبير فى النمو الاقتصادى العالمى، يؤدى الى انكماش اقتصادى على مستوى العالم.
واحسب أن ذلك يجب أن يوضع فى حسبان كل الدول، خاصة فى ظل تنامى مخاوف عديدة لدى المستثمرين فى العالم، من التداعيات الاقتصادية المتوقعة لانتشار فيروس كورونا فى العالم، وتراجع النشاط التصنيعى فى الصين التى تعتبر اكبرمصنع فى العالم كله، وهو ما يمكن ان يؤدى الى ركود اقتصادى عالمى.
وفى هذا السياق ايضا اشار الدكتور محمد العريان المستشار الاقتصادى الدولى، فى لقاء مع تليفزيون «بلومبرج»، الى تأثر الاقتصاد والاسواق العالمية بڤيروس كورونا، وهو ما يثير القلق لدى الجميع سواء فى الشركات العالمية أو الاسواق المالية، وحتى الحكومات والبنوك المركزية، وهو ما سيؤثر بالقطع على مستويات النمو الاقتصادى فى كل الدول.
العلماء والخبراء
والآن.. بقى أن نقول لكم ما يؤكده العلماء وأصحاب المعرفة والتخصص فى شئون الڤيروسات بصفة خاصة، والأكثرتخصصا ومعرفة فى شئون «الكورونا»، الذى خرج منه أو اشتق عنه «كورونا المستجد» أو «كوفيد ١٩»، الذى نواجهه الآن، ونخوض حربا ضارية لا هوادة فيها، للحد من خطره والسيطرة على نشاطه المتسارع وقدرته الفائقة على الانتقال من مكان الى مكان ومن دولة الى أخرى، والانتشار السريع بل الفائق السرعة بين جموع البشر.
هؤلاء العلماء يؤكدون انه لا موجب للفزع والهلع الزائدين عن الحد من «الكورونا المستجد» رغم انفلاته وسرعة انتشاره، حيث ثبت ان نسبة الشفاء منه عالية وكبيرة وتزيد عن ٩٦٪ من المصابين به على مستوى العالم، وان الخطر موجه فى الأساس الى المصابين بأمراض مزمنة، وكبار السن وأصحاب المناعة المنخفضة والمتدنية،..، ويقولون ايضاان الوسيلة الفعالة لمواجهته والوقاية منه، هى اتباع الاجراءات الاحترازية المعلنة، والنظافة الشخصية وغسل اليدين بالصابون، وعدم مخالطة المصابين وسرعة التوجه الى أقرب مستشفى فى حالة ظهور الاعراض المعروفة والتى اصبحت شائعة الآن.
هذا ونتمنى السلامة لمصر وشعبها.. وعلى الله قصد السبيل.