وقفة

الرحمة والإنسانية سلوك

أسامة شلش
أسامة شلش

سألتنى الصغيرة وهى تبكى لماذا كل تلك العدوانية وعدم الرحمة فى سلوكياتنا مع أنفسنا وبعضنا البعض بل ومع الحيوانات من هوام الأرض التى خلقها الله وهو سبحانة وتعالى لابد أن له حكمة فى وجودها ومن المؤكد أن لها دورا تلعبه فى الحفاظ على التوازن الكونى، القطة والكلب فى الشوارع هى من مخلوقات الله مثلها تماما كما خلق الإنسان وأن كلا يسبحون باسمه ولكننا رأينا من يعذبها ويقتلها بالسم أو القتل العمد وشاهدنا من يقوم بسلخها حية فى فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعى فى صور مأساوية، صحيح كانت هناك عمليات ضبط ومحاسبة لبعض منعدمى الضمير ممن يستبيحون ذلك ويستهويهم ولكن يبقى السؤال هل انتزعت الرحمة من قلوبنا وتلك المخلوقات البريئة الغلبانة لا تجد من يدافع عنها أو يدفع عنها الاعتداء.
بكاء الصغيرة كان لمشهد تدمع له العين وقع أمام عينها وهى تحاول أن تمنع سيارة من اجتياز الشارع بسرعة جنونية ولكن محاولتها باءت بالفشل لتصدم السيارة قطة حاملا كانت على وشك الوضع فلقت حتفها فى الحال والمثير أن قائد السيارة لم يعبأ بما اقترف بسيارته ولكنه بكل وقاحة نزل من السيارة ليقول إيه قطة وماتت، حاولت الصغيرة أن تقنعه أنها روح أزهقتها ولكن دون جدوى ولم تملك إلا أن تقول له منك لله ببكاء هستيرى فلا القطة قطتها ولكن المنظر والدماء والجسد والقطة وأجنتها كانت قد تم هرسها بعجلات السيارة ولم تملك الصغيرة إلا حمل القطة وبقايا أجنتها داخل كيس ودفنها فى حديقة مجاورة.
قد يقول قائل وما أهمية ذلك؟ وهل يستدعى هذا أن نثيره أو نكتب عنه أو تتناوله مقالة فى أى صحيفة، والحقيقة غالبتنى دموعى والصغيرة تحكى القصة وبالمصادفة البحتة كنت أقرأ صحيفة أخبار اليوم على صفحتها الأخيرة وجدت خبرا يدلك على مدى الإنسانية وقمة الرحمة ولكن فى عوالم أخرى بعيدة عنا قطعا وعن عالمنا الذى لا يعرف تلك المعانى السامية، عالمنا الذى لا يعرف إلا القسوة والعنف مع تلك المخلوقات البريئة والتى وصل بها الحال إلى تقديم السم لها كطعام للتخلص منها بدعوى أنها خطرة ومؤذية مع أن الحقيقة المرة أنها فعلا أليفة ما لم تؤذها، الخبر يقول إن طبيبة بيطرية أسترالية نجحت فى إعادة الأمل لببغاء فى الطيران والتحليق مرة أخرى تماما كما خلقه الله لكن بجناحين صناعيين بديلين، الطبيبة التى تدعى كاترين أيوبى قالت إن جناحى الببغاء الطبيعيين تأثرا كثيرا وافتقدا القدرة على الطيران بعدما تعرضا لحادث سقوط مروع من ارتفاع كبير لم يستطع معها السيطرة على نفسه وعلى حركته وأدى ذلك لفقدانه القدرة على التحليق بهما مرة أخرى مما استدعى منها إجراء عملية عاجلة واستبدال الجناحين اللذين تعرضا للبتر بآخرين بديلين صناعيين تتم كسوتهما بالريش وبما يمكن الببغاء من ممارسة حياته بطبيعية تامة مرة أخرى، قمة الإنسانية والتحضر مع مخلوق لو تكلم لقال شعرا فيمن عطف عليه.
المسألة مسألة سلوك وتربية وإلا ما كنا شاهدنا تلك المشاهد على مواقع التواصل الاجتماعى حول ما تتعرض له الحيوانات فى حديقة الحيوانات من اعتداءات من جانب بعض الزوار خاصة من الشباب والأطفال من إلقاء الممنوعات من الأكل للحيوانات فى أقفاصها بل وصل الحد لبعض الصبية لمطاردة القرود داخل الجبلاية الخاصة بهم بالعصى وللأمانة حاولت أن أكذب عينى ولكن لم يكذب المشاهد أى مسئول بالحديقة لا لمن يلقى بفضلات الطعام للحيوانات ولا لمن هاجموا القرود وسط سؤال ملح وأين الإدارة إن صحت اللقطات المستفزة لمخلوقات لا تملك الشكوى إلا لله وحده فى سرها ونجواها. هناك كثيرون تمتلئ قلوبهم بالرحمة وأعرف عديدين يقدمون الطعام بطيب خاطرمن أموالهم لهوام الشارع وهم لا يطمعون إلا فى تلك النظرة والفرحة التى تسعدهم من تلك المخلوقات وكأنها تشكرهم.