حوار| الجراح العالمي جمال مصطفى السعيد: حياتي كلها علم وعمل ولا أجد وقتا لرؤية أحفادى

 الجراح الجراح العالمي جمال مصطفى السعيد
الجراح الجراح العالمي جمال مصطفى السعيد

 

حينما تراه وهو يجرى احدى جراحاته المعقدة وتتابع أبحاثه ونجاحاته الدولية تشعر أن حياته كلها طب وعلم، وحينما تراه وهو يدير صالونه الثقافى الشهير الذى يحرص على حضوره نجوم المجتمع الثقافى، تشعر أنك امام مفكر كبير مهموما بقضايا الفكر والثقافة، هو د.جمال مصطفى السعيد الذى يعد واحدا من أهم الجراحين على المستوى المصرى والعربى الحاصل على نوط الامتياز من الطبقة الأولى من رئيس الجمهورية، وأول جراح من خارج دول الاتحاد الأوربى يتم اختياره للإنضمام للأكاديمية الاوربية الحديثة للجراحة.

<...................؟

- نحن عائلة تقدس العلم والعمل، ورثت هذا عن أبى وأمى، والدى كان شديد الحزم لدرجة أننى كنت أجد صعوبة فى التعامل معه، كان يرفض غيابنا أنا وأخوتى عن المدرسة حتى لو كنا مرضى، وكان يشجعنا دائما على التفوق.أما والدتى فكانت تعمل فى التربية والتعليم، وكانت تتولى كل أمورنا، حتى مراجعة دروسنا يوميا، رغم أننا ثمانية أبناء، وكانت شخصية إيجابية لدرجة أنها بعد خروجها للمعاش وجهت عطاءها للعمل الاجتماعى وتولت رئاسة جمعية التحرر الاقتصادى، والحمد لله تفوقنا أنا وأخوتى، وحصلنا جميعا على درجة الدكتوراه، ولازالت والدتى حتى الآن تهتم بكل ما يحدث فى العالم وتقرأ يوميا جميع الصحف.

<...................؟

- كنت أكثر أخوتى هدوءا، أهتم بالرسم والقراءةوالخط، الذى درسته بمدرسة الخط العربى، وأنا معروف بخطى الجميل بعكس معظم الأطباء.الغريب أننى بدأت حياتى بدراسة الهندسة مثل أخى الأكبر، ولكن بعد 3 شهور، أصبت بمشكلة مرضية فى أذنى، وتم حجزى بالمستشفى فترة طويلة اقتربت خلالها من مجال الطب وعشقته، وحينما رفض أبى تحويل أوراقى لكلية الطب، لجأت لعمى الكبير، الذى اصطحبنى لتحويل أوراقى ثم تولى اقناع والدى، وأصبحت طبيبا رغم أن أخوتى جميعا درسوا الهندسة وأحدهم هو جلال السعيد وزير النقل ومحافظ القاهرة الأسبق، وبعضهم سافر للخارج واستقر هناك، وكلهم حصلوا على الدكتوراه فى الهندسة «أصل الهندسة على أيامنا كانت حلم جميع الطلبة بسبب السد العالى».

<...................؟

- تخصصت فى الجراحة بتشجيع أستاذى د.إبراهيم بدران، وكنت دائما أتذكر تشجيع أبى وإصراره على أن تكون عينى دائما على أعلى منصب فى كل مكان أعمل به، والحمد لله وصلت لأعلى الدرجات كما كان يريد أبى، فتوليت رئاسة أقسام الجراحة بجامعة القاهرة، وحصلت على جائزة الدولة فى العلوم الطبية عام 1988، وعلى نوط الامتياز من الطبقة الأولى من رئيس الجمهورية عام 1995، وأنا الآن رئيس اللجنة الدائمة لترقيات الجراحين بالمجلس الأعلى للجامعات، وعلى المستوى الدولى أنا أول جراح من خارج دول الاتحاد الأوربى يتم اختياره للإنضمام للأكاديمية الاوربية الحديثة للجراحة.

<...................؟

من الذكريات التى أفخر بها مشاركتى كطبيب فى حرب أكتوبر، حيث كنت نائبا اداريا بقصر العينى خلال الحرب، وجاءنى أمر بإخلاء المستشفى وإعدادها لاستقبال المحاربين، وفى اليوم التالى جاءنى الأمر بالذهاب للجبهة مع فريق من أطباء الجيش والجامعة، والجميل أن والدتى شجعتنى على الذهاب، وظللت بالجبهة حتى انتهاء الحرب، وتم تكريمى من نقابة الأطباء لمشاركتى فى الحرب.

<...................؟

- درست فى مصر لكنى سافرت للخارج كثيرا وحصلت على دراسات فى الجراحات التخليقية للعضو بعد استئصاله، وكنت أول من أجرى جراحة تخليق مثانة بولية ولى بحث دولى فى هذا المجال نشر عام 1988، وحقق نجاحا دوليا كبيرا.

<...................؟

- فكرة الصالون الثقافى بدأت بعد ثورة يناير، وبالتحديد نهاية 2011، حيث كنت ومجموعة من أصدقائى نرصد حالة العنف والبلطجة والهدم التى أصابت مصر، ورأينا أن تغيير الوضع وإصلاحه لن يحدث إلا بتغيير الثقافة ودعمها، ثم بدأت أفكر فى اتخاذ خطوة إيجابية، فقررت المبادرة بتنظيم أول لقاء ثقافى فى مكتبة مصر العامة، وكان حول اتفاقية عنتيبى ورفض مصر لها، وبعد نجاحه، تعددت اللقاءات الثقافية فى المجلس الأعلى للثقافة وساقية الصاوى والأوبرا ومكتبة الزمالك ومكتبة المنصورة، لدرجة أن الصالون الذى أقمناه بالمنصورة أصبح اليوم الثقافى لمحافظة الدقهلية.

<...................؟

- أحرص على اختيار المتحدثين من الخبراء فى مجالاتهم، واختيار المستمعين من قمة المجتمع الثقافى، وهو ما جعل الصالون ينجح ويستمر ويحتل المركز الأول فى مصر، وكتبت عنه الصحافة الأجنبية وأصبح الذراع الثقافى لمكتبة مصر الجديدة التى تستضيفه معظم الوقت برئاسة صديقى د.نبيل حلمى أستاذ القانون الكبير وأمين عام المكتبة. ونستعد حاليا للخروج به خارج مصر، حيث نعد لإقامة لقاء بألمانيا لأفراد الجالية المصرية من الجيل الثالث فى وسط أوروبا، وبالتعاون مع علاء ثابت رئيس جالية ألمانيا، وبهجت العبيدى رئيس جالية النمسا.

<...................؟

- لا مجال للترفيه فى حياتى إلا فى أضيق الحدود، فوقتى كله مشغول بالعمل والمرضى، وإن كنت أعتبر الصالون الثقافى هو المتنفس الفكرى والثقافى فى حياتى بعيدا عن الطب.

وقد ربيت أبنائى على تقديس العلم والعمل كما تربيت، وشاركتنى زوجتى هذه الرؤية، وقد تعارفت بزوجتى د.راجية كامل أستاذ العلاج الطبيعى، والتقت أفكارنا سريعا، وارتبطنا خلال ستة شهور، ثم أنجبنا أربعة أبناء، د.كريم جمال جراح السمنة والمناظير، وابنة خريجة آداب فرنساوى، وأخرى فى مجال الهندسة الطبية، وثالثة تعمل فى هندسة الكمبيوتر والتكنولوجيا، وكلنا نعطى جزءا كبيرا من وقتنا لعملنا لدرجة أننا قليلا ما نتجمع، وقليلا ما أرى أحفادى الستة، لكنى فى يوم الأجازة أستمتع بدخول المطبخ وإعداد الفول الاسكندرانى بالطماطم والبصل والبقدونس.