من وراء النافذة

من خاف سلم

هالة العيسوى
هالة العيسوى

الشمس، الغرغرة، غسل اليدين جيدا عند ملامسة سطح معدني، أو كل فترة زمنية قصيرة، والإكثار من تناول فيتامين سي، عدم ملامسة المخالطين حتى إن بعض النصائح قالت لا تقبل ابنك ولن تندم. هذه بعض النصائح التى تتداولها وسائل التواصل الاجتماعى للوقاية من فيروس كورونا. لا تسخروا إذًا من مستخدمى كمامة الأنف.. فهم إن لم يكونوا يتّقون العدوى فإنهم على الأقل يقومون بحمايتكم من أمراضهم المحتملة. السعودية علقت تأشيرات العمرة لهذا الموسم تجنبًا لتسرب فيروس الكورونا المنتشر فى بلدان كثيرة من العالم إليها. دول كثيرة أوقفت رحلات الطيران إليها من بلدان تسرب اليها المرض. حتى منظمة الصحة العالمية نبهت الدول إلى التأهب لوباء عالمى محتمل. أما نحن فمازلنا نجادل فى صواب وقف رحلات الطيران القادمة إلينا من الصين من عدمه، ونحسبها "بالسحتوت" خوفًا على بضعة ملايين نحصلها من السياحة الصينية، ولا نحسب قدر الضرر الذى يمكن أن يصيبنا لا قدر الله من تسرب الوباء إلينا.
لم يعرف العلم حتى الآن علاجًا لفيروس كورونا، ولم يتوصل إلى مصل للوقاية منه، من ثم يصعب احتواؤه. كل ما أمكن حتى الآن هو القيام برصد الحالات التى يتم اكتشافها وتسجيلها وعزلها، وبعض النصائح التى يطلقها العلماء للوقاية منه.
نحن بلد مفتوح يأتينا القادمون من كل حدب وصوب، سواء بالجو أو البر أو البحر، حدودنا طويلة ما شاء الله وممتدة يعبرها المارة بلا إجراءات تفتيش أو فحص. كما إننا بلد كثيف السكان، علينا أن نعترف بأننا شعب يعانى معظمه من الجهل والفقر والعشوائية. تجميلًا لهذه الخصائص نصفها بالقدرية والتوكل على الله، لكن دون الأخذ بالأسباب. أضف إلى ذلك عواطفنا الجياشة التى تجعلنا نوزع القبلات والأحضان على من نعرفه ومن لا نعرفه. الدولة - من الناحية الاقتصادية - لا تملك إمكانات الكشف عن حاملى المرض مثلما حدث مع فيروس الالتهاب الكبدى الوبائى (سي)، كما ان هناك قصورًا فى إجراءات فحص القادمين من الخارج، وهذه مواطنة مصرية قادمة من الخارج لم تستدل فى المطار على مكان فحص القادمين أو عزلهم وخرجت تضرب كفًا بكف.
فى هذه الظروف العالمية والمحلية ليس أمامنا إلا تكثيف حملات التوعية فى وسائل الإعلام بإجراءات الوقاية، ومن الضرورى ان تنضم لهذه الحملات كافة الجهات المجتمعية كالمدارس والجامعات والمساجد والكنائس ومنظمات المجتمع المدني. مع نشر الحقائق العلمية عن المرض وكيفية انتشاره ومدة حضانة الفيروس، والأعراض المصاحبة للعدوى وطرق التعامل معها والأماكن المخصصة لاستقبال الحالات المصابة. ومن الضرورى فرض ارتدء الكمامة على كافة العاملين فى المطارات والمرافئ، وأماكن العمل الجماهيرية التى تتعامل مع القادمين الخارج دون استثناء، وذلك تحصينًا لهم ولأسرهم ومخالطيهم.
قد يرى البعض ان ثمة مبالغة فى هذه الاقتراحات وقد يتذرع البعض بعدم الحاجة لإثارة الذعر بين الناس من مجرد احتمال قائم وسأجد من يرد بـ: قولى يا باسط، لكن الحقيقة وبلا تهويل أقوى من كل محاولات التهوين، وفى كل الأحوال من خاف سلم.

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي