عاجل جدا

حكمة التكريم الرئاسى

غادة زين العابدين
غادة زين العابدين

أقدر الموقف النبيل، للرئيس عبد الفتاح السيسى فى تكريم البطل العسكرى الراحل محمد حسنى مبارك.
وأشعر بالراحة لأننا لم نتعامل مع الحدث طبقا للعواطف أو استجابة للأهواء، بل طبقا لما يمليه علينا الواقع والتاريخ، لأن مصر دولة عظيمة تحترم تاريخها.
فتاريخ مبارك العسكرى يسمح بما حدث معه من تكريم، من خلال جنازة عسكرية يتصدرها رئيس الدولة وتحضرها الشخصيات العامة، وتتقدمها النياشين، إلى جانب تنكيس العلم، وإعلان حالة الحداد.
فلا خلاف على أن مبارك كان حاكما وطنيا مخلصا، ولا خلاف على أنه صاحب بطولات عسكرية قوية، السادات نفسه فى خطبه الرسمية أكد أن مبارك أذاق العدو مرارة الهزيمة، وأن إسرائيل تخشاه، ولم تنس ضربته العسكرية المؤلمة.
قال السادات أيضا فى لقائه ببعض القادة العسكريين: "إسرائيل تعلم تماماً من هو حسنى مبارك.. وأنتم كلكم عارفين إن "النائب" حسنى هو صاحب الفضل الكبير فى الضربة الجوية الموجعة التى كانت مفتاحاً للنصر".
ولم تكن الضربة الجوية فى أكتوبر هى كل إنجازات مبارك العسكرية، ففى عام 1967، نجح فى النجاة بسرب طائراته من هجوم العدو، وفى ١٤ أكتوبر ١٩٧٣ قاد معركة طيران مع الطائرات الإسرائيلية، فوق مدينة المنصورة، ونجح فى التصدى للطائرات الإسرائيلية وإفشال مخطط تدمير قواعد الطائرات المصرية الكبيرة بدلتا النيل.
أما فيما يتعلق بتاريخ مبارك كرئيس للجمهورية فهناك من يتفق معه وهناك من يختلف، شأنه شأن أى حاكم.
فللرجل إنجازاته وله إخفاقاته، مثله أيضا مثل أى حاكم، ويحسب له موقفه الحكيم بعد ثورة يناير والذى تعامل فيه كرجل وطنى عسكرى مسئول، اختار التنحى السلمى الهادئ، وأصر بشجاعة على البقاء فى بلده، ليحاكم به ويموت فيه، راضيا بحكم القضاء، رافضا الهروب والنجاة بنفسه وأهله كما فعل آخرون.
وبمنتهى الوعى والحكمة والوفاء، ركزت مؤسسة الرئاسة على دور مبارك القائد الذى خاض حروبا عديدة، وعلى بطولاته العسكرية التى لا خلاف عليها.
 أما مبارك الرئيس فربما يظل الخلاف عليه زمنا طويلا، وإن كان فى النهاية وبلا شك لم يكن شيطانا ولا ملاكا، بل له ما له وعليه ما عليه، رحم الله مبارك، ومن قبله زعماء رحلوا بما لهم وما عليهم، وكما قال مبارك نفسه: "فالوطن باق، والأشخاص زائلون"، ولنترك الحكم للتاريخ.