أول سطر

صنــاع الأمــل

طاهر قابيل
طاهر قابيل

 مصر ليست أغانى «المهرجانات» أو مجموعة من موظفى البريد يساعدون فى«غسل الأموال» أو خناقات شوارع بين لاعبين فى ملعب لكرة القدم أو جمهور «قليل الأدب» يهتف بكلمات «بذيئة» أو شابا مستهترا يقود عربة «بابى ومامى» بسرعة جنونية أو فنانا يخرج على المسرح عارى الصدر.. فكل هذه ظواهر وجمل اعتراضية وأمراض و«سوس» ينخر فى الجسد السليم.. فمصر بها مطربون وعازفون وموظفون شرفاء ولاعبون وجمهور محترم.
 النماذج الإيجابية تملأ «أرض الكنانة» بالمدن والقرى والنجوع والصحارى.. والدكتوران مجدى يعقوب ومجاهد معوض نموذجان ونقطتان مضيئتان وسط البعض ممن ارتدوا «البالطو الأبيض» خطأ وتخلوا عن قسم «بقراط». بالحفاظ على مصلحة المرضى والدفاع عنهم وحولوا مهنتهم الإنسانية النبيلة إلى تجارة بآلامهم.. الدكتور مجاهد واحد من أبناء الريف ولد وتربى فى إحدى قرى الصعيد.. تعلم بالمدارس والجامعات الحكومية حتى تخرج فى كلية الطب.. واختار أن يفتح عيادة فى مدينة «سمسطا» القريبة من قريته وانصاع لتوجيهات والده بأن تكون قيمة الكشف فى متناول البسطاء فبدأ بجنيهين وتوقف عند عشرة جنيهات.. وحافظ ابن قرية «طلا» التابعة لمركز الفشن على وصية والده بألا يكذب ولا يسرق أحدا لأن المريض يعطيه نفسه وماله ولابد أن يكون على قدر المسئولية.
 الزميل حمدى على مدير مكتب «الأخبار» فى بنى سويف قدم الاثنين الماضى تقريرا عن «طبيب الغلابة» بعد فوزه وتكريمه فى مسابقة «صناع الأمل» بدبى تناول فيه حكاية طبيب الجراحة العامة والمسالك البولية مع البسطاء ومساعدة الفقراء وكيف أنه لمدة 30 عاما كرس حياته لمساعدتهم حتى إنه يقوم بالكشف يوميا على ما بين 200 إلى 250 مريضا وأحيانا يساعدهم فى إجراء الأشعات والتحاليل وتقديم الدواء.. ولم يتوقف عطاء «ابن الصعيد» عند سعر الكشف ولكنه ساهم لتطوير قريته وإقامة مشروعات خدمية وصحية بها.
 النقاط المضيئة لا تعد ولا تحصى وربما نجدها فى جيراننا بالشارع او الحارة وبين زملائنا بالعمل ولكن اعلامنا الذى ابتعد الاف الكيلومترات عن دوره فى التثقيف وبناء الوعى مع البيت والمدرسة والجامعة ودور العبادة انتقل إليه «فيروس» أن الجمهور «عايز كده» فجعل من «النكرات» نجوما وقليلى الأدب «قدوة» ومن اللص «فهلوى وشاطر».. فهل نستيقظ ونركز على النماذج الإيجابية ونترك المسيئة حتى يلفظها المجتمع كما فعل مع «إخوان الشياطين»».