فيض الخاطر

بيبو.. بيبو.. بيبو

حمدى رزق
حمدى رزق

مفطور على الأدب فى زمن البجاحة، يذهب إلى الهدوء وحوله جلبة، صوته خفيض فى ظل صياح، يعانى آلاما مبرحة وينهشون ضباعا فى لحمه ولم يتألم.
يقينى آخر ما كان ينتظره محمود الخطيب ان يكون رئيساً للنادى الأهلى فى هذا الظرف الصعيب، الأجواء ليست مواتية لإنجاح أية منظومة رياضية فى مصر، وبرغم الريح والجو الماطر والإعصار المدمر، يمسك بيبو بدفة قيادة السفينة الأهلاوية العتيقة، يخشى عليها من صخور مسنونة تعترض طريقها.
ليس سرا الخطيب ليس فى كامل لياقته الصحية، والغضب الأهلاوى عارم، والرفض لتحكيم العقل صار علنيا، الغاضبون يطلبون من الخطيب غضبا، الخطيب لا يتأبط شرا، ولا جاء يشعلها نارا، غيره ينفخ فى فوهة البركان.
مهم جداً أن ينفصل الكابتن عن التهاب الأعصاب والشياط، مهم تحكيم العقل لأن الفتنة تنذر بعواقب وخيمة، والأجواء مشحونة، والجماهير عن آخرها، لعمرى لم أر شواهد حرب كروية أهلية كما أراها تلوح فى الأفق الآن، يذهبون سراعا إلى الفتنة الكروية، وهى أخطر حتى من الفتنة الطائفية، حذار، إنَّ وراء الأَكَمَة ما وراءها!
من هنا يصبح هدوء الخطيب وتعقله مطلبا، وأمثاله من العقلاء مطلوبون بشدة، للجم الكارثة، ونزع الفتيل، وكسر الحلقة الشريرة، وتخفيف حدة الاحتقان وايقاف نزيف الكرة المصرية وحقن الدماء.
معلوم، هناك من لايرى سوى حقده الدفين يحركه، ولا ينظر خلفه لأعداد الشهداء فى الحروب الكروية القريبة، مذبحتا بورسعيد والدفاع الجوى، المدرجات تنور حزينة فى الدقيقتين ٢٢و ٧٤، ومضات أرواح الشهداء فى المدرجات تنظر إليكم وتحذركم.
من يبحث عن مذبحة ثالثة يقينا ليس من يحكم العقل، ويعلى الحوار، ويطلب تحقيقا أمينا، من يدبر المذبحة الثالثة هو من ينفخ فى إوار التعصب، ويتآمر علنا على المنظومة ويفح على الفضائيات فحيح الأفاعي، ينتعش وتنتفخ أودجه فى أجواء الاحتراب، كالمجنون يضحك هيستيريا كلما ارتفعت ألسنة اللهب تتراقص، وإذا اندلعت لن تبقى حجرا ولا بشرا فى استادات الكرة.
العقلاء امثال الخطيب مطلوبون وبشدة، كالكحل الابيض فى الزمن الاسود، وإن لامهم البعض، أو لومهم، أو اتهمهم بالضعف والخذلان، كل هذا ثمن بسيط فى سبيل منع المذبحة الثالثة التى يجهز لها، ويحرث بعض المتهوسين الأرض خصبة تحت أقدام اللاعبين والجماهير، بإشاعة الفتنة الكروية، لعن الله من أيقظها ومن عمل عليها..