حروف ثائرة

نار «يعقوب».. ودعوة «ساويرس» !!

محمد البهنساوى
محمد البهنساوى

بين جدل ولغو ومشاحنات أصبح حالنا..تركنا عظم القول وخطر التحدى.. وانزلقنا فى تيار جارف من «التفاهات» ولغو الكلم والفعل.. ومن بين هذا الضجيج الذى لا ينبئ بأى طحين.. اخترت موقفين أعتبرهما نذير خطر على مجتمعنا وتماسكه وديننا وعمقه وتراحمه.. وكأنهما جزء من حملة ممنهجة لإفساد كل فرحة وتشويه كل جميل.
الموقف الأول يتعلق بالعلامة الكبير.. راهب العلم والإنسانية.. الذى انقذ آلاف البشر من براثن المرض ليعيد بناء أسر كادت تنهدم.. ورغم مكانته الدولية أوقف علمه وحياته لأبناء بلده..السير مجدى يعقوب فخر مصر والعرب بل والإنسانية كلها.. الرجل الذى وصف سعادته بأنها لا تقدر عندما يساعد المحتاجين من البشر.. وأكرر من البشر وليس من جنس أو دين بعينه.. وبعد تكريمه الأخير بالإمارات الشقيقة.. يخرج علينا جهلاء السوشيال ميديا وأغبياء البشر بسؤال قديم يتجدد..هل سيدخل مجدى يعقوب النار؟!! وكأنهم ضمنوا لأنفسهم موضع قدم بالجنة التى أعدها الله للأتقياء المصلحين بالأرض وليس للمفسدين المخربين.. الله الذى كتب على نفسه «الرحمة» و«يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء» نصبوا أنفسهم سدنة لقضائه.. اى جهل وأى إساءة لله عز وجل وللدين ولعالم جليل ورجل يقطر إنسانية ورحمة وشفقة وخلقا وعلما.
الموقف الثانى يسير بنفس الإتجاه الفكرى المعاكس لكل قيم وأخلاق ودين.. شاب كتب لرجل الأعمال نجيب ساويرس على تويتر يطلب منه أن يتبرع بعمرة لوالدته.. رد ساويرس وبخفة دمه المعهودة «موافق بس بشرط تدعيلى».. فترك نفس الجهلاء هذا التلاحم الإنسانى الراقي.. ليدخلونا فى دوامة من التشكيك والتشويه وسرقة الفرحة.. ويثيروا تساؤلاتهم «الماسخة».. هل ستكون «عمرة مقبولة».. بل وذهب الشطط ببعضهم أن يتساءل هل يجوز أن تدعو السيدة لساويرس أصلا.. ألهذا الحد وصل بنا الإنحراف فى الفكر والتفاهة والسطحية والشذوذ فى العقائد؟!.. وهل هذا الشطط من الدين الإسلامى أو المسيحى فى شئ؟.. ام نعيد كلاما مكررا عن حماية الرسول للأقباط وجعل إيذائهم من إيذائه «وهو ما لم يقله للمسلم بالمناسبة».. وهل هذه المرة الأولى التى يتبرع فيها أقباط ومسلمون لأعمال خير للمصريين بعيدا عن ديانتهم.. والأدهى أن يزج الإعلام بالأزهر فى الأمر ليسألوا أحد علمائه ويجيب: «عمرة ساويرس صحيحة».. فبقدر ما سعدت بموقف نجيب.. بقدر حزنى على تبعاته.
لا تتركوا هذا الفكر الشاذ ينخر فى مجتمعنا ويفسد علينا ديننا وحياتنا.. وأدعو الله أن يحفظ عالمنا الجليل السير مجدى يعقوب ويبارك فى صحته.. وأن يجزى ساويرس خير جزاء للخير الذى يفعله وآخره عمرة السيدة البسيطة التى أرجوها الدعاء لنا ولنجيب ولكل المصريين.