خارج النص

كورونا البذاءة!!

اسامه السعيد
اسامه السعيد

إذا كان الله قد حمى مصر إلى اليوم من خطر فيروس كورونا الذى يحصد أرواح الآلاف حول العالم، فإن البعض منا قرر أن يضع مصر أمام وباء آخر لا يقل خطرا عن كورونا بل - فى تقديرى - يزيد، فضحاياه ليسوا بالآلاف، بل إنه يهدد 100 مليون مصرى، كما أن خطره لا يقتصر على من يصاب به، بل إن عدواه تسرى عبر الأجيال لتهدد وجودنا فى المستقبل، وأعنى هنا فيروس البذاءة وانحطاط الأخلاق والذوق العام، الذى ابتلينا به، وكانت الأيام الماضية تجسيدا فاضحا لعمق المعاناة وحكم المأساة.. فعلى مدى الأسبوع الماضى، عاش المصريون على وقع موجات صادمة من كورونا البذاءة ممثلة مرة فى «الطفح الغنائى» المسمى بالمهرجانات، بكل ما تحمله من تلوث سمعى وبصرى، وبدلا من أن يقتصر الخطر على الأفراح الشعبية وركاب التوك توك، تطوعت قنوات محترمة وبرامج كنا نظن أن لديها بقايا من وعى ومهنية، لإدخال ذلك الوباء إلى بيوتنا ونقله على الهواء مباشرة!! ولم تكد تمضى أيام الأسبوع المثقل بالأوبئة، حتى كان الظهور الجديد لبلطجى السينما المصرية ووباء الشاشة المدعو محمد رمضان، صاحب التاريخ الحافل فى نشر سلوكيات العنف وقيم الانتهازية والتفاخر الأجوف بالثروة، ليطل هذه المرة علينا من شاشة تليفزيون الدولة، الذى يفترض أن يكون نموذجا لما نريده من إعلام واعٍ ومستنير، والكارثة أن يأتى ذلك فى إطار ما يسمى بتجربة التطوير!!
ومن كورونا البذاءة الفنية إلى حمى السقوط الرياضى، عاش المصريون فضيحة كروية وأخلاقية خلال ما يسمى بمباراة السوبر التى كانت بالفعل «سوبر» فى التدنى والهمجية وليست فى الكرة أو الروح الرياضية، والمصيبة أنها كانت على أرض دولة شقيقة لايزال أبناؤها يحتفظون لمصر بصورتها الجميلة فى مخيلتهم كأساتذة ومربين وأطباء كانوا دوما هم النموذج والقدوة فى العلم والأخلاق، وبينما كان الإماراتيون يكرمون صباحا النابغة د.مجدى يعقوب، كان صنف آخر من الطفح الأخلاقى يقدمون فاصلا من البذاءة والسقوط!!
فيروسات الانحطاط الأخلاقى أخطر من فيروس كورونا.. فذلك الأخير قد يقتل بعضنا مرة، لكن انهيار الأخلاق سيقتلنا جميعا ألف مرة.