«البيزنس الحرام»| تجارة الأرحام.. مفاسد حرمتها الأديان السماوية والأعراف

«البيزنس الحرام»| تجارة الأرحام.. مفاسد حرمتها الأديان السماوية والأعراف
«البيزنس الحرام»| تجارة الأرحام.. مفاسد حرمتها الأديان السماوية والأعراف

- خبير قانوني: مفسدة كبيرة.. ولا يوجد نص قانوني يبيح ذلك

- نقابة الأطباء: تكثيف الرقابة على المنشآت الطبية ضرورة

- طبيب استشاري: أفعال محرمة تؤثر على صحة الجنين وتصيبه بالأمراض

- أمنة نصير: ينشر الفحشاء في المجتمعات ويخلق أسواق للاتجار بأرحام النساء

 

حلم الأمومة قد يدفع البعض للوقوع في براثن الجريمة والبحث عن أشياء محرمة قد تصل إلى تأجير الأرحام في الأسواق غير الشرعية ودفع مبالغ ضخمة لتحقيق هدفهم.

عمليات تأجير الأرحام أصبحت واحدة من أكثر المواضيع إثارة للجدل في السنوات الأخيرة.. فمن الطبيعي أن يكون ميلاد الطفل من أم وأب بطريقة طبيعية ولكن مع تطور العلم ظهر ما يعرف بأطفال الأنابيب وهى عملية يتم فيها تلقيح البويضة خارج رحم الأم في معامل متخصصة ومن ثم يتم إعادة زرع الجنين في رحم الأم بعد فترة معينة وتتم العملية بالكامل خارج جسم المرأة ومن ثم فليس من الضروري – من وجهة نظرهم- زرع الجنين في رحم الأم بل من الممكن أن يتم زرع هذا الجنين في رحم امرأة أخرى غير التي أخذت منها البويضة.


وخلال السطور التالية تستعرض «بوابة أخبار اليوم» الموقف القانوني وآراء فقهاء الدين والأطباء في هذه التجارة.

«أنواع تأجير الرحم»

هناك طريقتين لتأجير الرحم، الأولى يتم خلالها تخصيب بويضة الأم البديلة بحيوان منوي من الأب سواء عن طريق إقامة علاقة جنسية أو عبر التلقيح الصناعي، الذي يتم غالبًا عبر حقن السائل المنوي للأب البيولوجي داخل الجهاز التناسلي للأم البديلة، أو عن طريق استخدام السائل المنوي لمتبرع آخر.

أما الطريقة الثانية، فهى أن تتم عملية الإخصاب معمليًا خارج الجسم، وذلك عن طريق تلقيح بويضة الزوجة بالحيوانات المنوية الخاصة بزوجها، فينتج عن ذلك بويضة مخصبة جاهزة للحقن في رحم الأم البديلة، يحمل الجنين هنا صفات جينية مكتسبة من الأم والأب البيولوجيين، وليس من الأم البديلة.

ويعرف تأجير الرحم بالحمل البديل، وهو عبارة عن حل طبي يتم اللجوء إليه لمساعدة النساء غير القادرات على الحمل بسبب مشاكل صحية، وتتم عملية الإخصاب خارج الجسم بتلقيح بويضة المرأة بماء زوجها في المختبر قبل أن تتم زراعة واحدة أو أكثر من تلك البويضات المخصبة في رحم امرأة متطوعة لتنمو وتستكمل فترة الحمل، وفي هذه الحالة يطلق على المرأة صاحبة الرحم اسم «الأم البديلة» بينما تكون صاحبة البويضة هى الأم البيولوجية، وعندما تلد الأم البديلة الطفل تسلمه للزوجين مقابل مبلغ متفق عليه.

«مفاسد كثيرة»

يقول المستشار عمر الأصمعي المحامي بالنقض والدستورية والإدارية العليا، إن استئجار الأرحام يترتب عليه مفاسد كثيرة منها اختلاط الأنساب، وعدم وجود علاقة شرعية بين صاحبة الرحم والرجل صاحب السائل المنوي، مما يقتضي القول بعدم مشروعية هذا الحمل، فالحمل الشرعي لا بد أن يكون من زوجين، وأن صاحب الحيوان المنوي ليس له حق الاستمتاع بصاحبة الرحم؛ لذا لا حق له في شغل رحمها بحمل ليس منها وليس لها، مشددا على أنه لا يوجد نص قانوني يبيح ذلك وقد حرم الأزهر الشريف والكنيسة تلك الممارسات.

«اتجار بالأطفال»

وكشف الدكتور أحمد عبد الحميد، استشاري النساء والتوليد، أن تلك العمليات تفتح المجال أمام الاتجار بالأطفال، وإذا تورط مركز طبي في تلك العمليات غير الشرعية يتم إحالة العاملين فيه للقضاء وغلق المركز.

وأوضح أن العاملين في فريق في عمليات الحقن المجهري لابد أن يكونوا من الأطباء الحاصلين على بكالوريوس الطب والجراحة على الأقل مع خبرة لا تقل عن ‏3‏ سنوات في أحد مجالات أمراض النساء والتقاط البويضات أو طب وجراحة أمراض الذكورة ومعالجة السائل المنوي، بالإضافة لاشتراطات متعلقة بالمعدات والأجهزة للتعقيم وغيرها والثلاجات لحفظ الأجنة والحيوانات المنوية، وشروط معمل الأجنة ومعمل التلقيح طبقا للاشتراطات الدولية وغرفة للعمليات ومعمل للتحاليل.

وأضاف أن البعض طالب بفتوى تسمح بتأجير الأرحام، لأنه ليس فيها خلط في الجينات بين الأم الجينية والأم المستأجرة، لكن الطفل يتأثر نموه وترتبط الأمراض التي يصاب بها خلال فترة طفولته والشباب والتقدم في العمر بالبيئة التي عاش فيها داخل رحم الأم.

ويحذر د. عبد الحميد، أن تلك الطريقة قد بدأت بالفعل تغزو الوطن العربي، وهناك بعض المراكز التي تقوم بهذه العمليات في الخفاء وهناك صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تعلن فيها بعض السيدات استعدادهن للتأجير بمقابل مادي يبدأ من 20000 ألف جنيه إلى 250000 جنيه، ويكون تحديد المقابل المادي حسب الحالة المادية لأطراف هذه العملية، ويؤكد أن بعض من يرغبون في الإنجاب يتبعون تلك الطرق رغم اتفاق الأديان والأعراف على رفض تلك الطريقة.


«مراقبة المنشآت الطبية»

فيما أفاد الدكتور خالد سمير، عضو مجلس نقابة الأطباء، أن الرقابة على المنشآت الطبية مشكلة كبيرة، وإدارة العلاج الحر التابعة لوزارة الصحة هى المسئولة عن التراخيص والرقابة، ولكن الإمكانيات البشرية والمادية لا تتيح لها القدرة على الرقابة التي تستلزم التفتيش على هذه المراكز كل ثلاثة شهور على الأقل، وهذا يستحيل أن يحدث في ظل الإمكانيات الحالية.

«تداخل الأنساب»

وأضاف أن تأجير الأرحام حرام شرعًا لأنه يعتبر تداخل في الأنساب وهو عمل غير مشروع ويعتبر تجارة في الأعضاء البشرية، فالرحم ليس ملكا لصاحبته ولا يجوز لها تأجيره، وقانون النقابة يخلو من هذا الموضوع تمامًا، ويجب أن يصدر قانون من مجلس النواب، يمنع تأجير الأرحام، حتى لو كان تبرعًا لأنه يخالف جميع الشرائع الدينية فى مصر، لا سيما وأن جميع دول العالم يوجد بها قانون ينظم عملية تأجير الأرحام في حضور متخصصين في الطب والقانون والفقه وعلماء في علم الأجنة والأحياء لإقراره.

«تنظيم التلقيح الصناعي»

وقال خالد سمير، منذ فترة سعت النائبة البرلمانية السابقة ابتسام حبيب، للتقدم بمشروع قانون لتنظيم عمليات التلقيح الصناعي وأطفال الأنابيب لتنظيم الإنجاب أو بمعنى آخر التلقيح داخل الجسم وخارجه في الأنابيب‏، ويتضمن مشروع القانون ‏7‏ مواد‏‏ وهى «النص على عدم جواز اللجوء إلى عمليات التلقيح الصناعي أو الإخصاب الخارجي في الأنابيب، إلا إذا توافرت عدة شروط منها أن يثبت بناءً على تقرير طبي صادر من ثلاثة أطباء متخصصين في أمراض النساء، وشرط أن يكون هناك علاقة زوجية، وأن لا تتم الاستعانة‏ ببويضة امرأة غير الزوجة أو حيوان منوي لغير الزوج، وحظر تأجير الأرحام»، ووضع مشروع القانون عقوبات للمخالفين بالسجن والغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تتجاوز خمسين ألف جنيه، وأحيل مشروع القانون للجنة التشريعية حينها، ووافقت عليه لكن مع نهاية الدورة البرلمانية لم يتم إصدار القانون بسبب اعتراض العاملين بالمهنة مطالبين بالاكتفاء باشتراطات وزارة الصحة وبنود لائحة مزاولة المهنة بنقابة الأطباء، مدافعين حينها عن المراكز بأنه لا تتم في مصر تلك الممارسات غير المشروعة كتأجير الأرحام أو تجميد الأجنة أو الاستعانة بنطفة متبرع أو عدم توافر شرط الزواج.

«تجارة فاسدة حرمها الشرع»

فيما صرحت الدكتورة آمنة نصير، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية، أن هناك الكثير من المفاسد التي قد تنشأ عن تأجير الرحم أو إعارتها، مثل انتشار الفحشاء في المجتمع الذي يُباح فيه ذلك، وتكسب النساء بأرحامهن، وخلق سوق للاتجار بأرحام النساء، لأن إجازة تأجير الرحم للحمل، المنفعة فيه مجهولة ومحرمة، ويترتب على استيفائها الوقوع في محظور شرعي، والمنفعة مما حرمها الشرع لغير زوج، وطالما كانت أحكام العقدين يتعذر تطبيقها على إجارة الرحم أو إعارتها للحمل، فلا يجوز شرعا.

وتصدت دار الإفتاء المصرية لهذه الظاهرة بنص صريح يحرمها شرعا، وهو ما أكد عليه الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية السابق، بأنه لا يجوز شرعًا أن تستنبت المرأة في رحمها بويضة من امرأة أخرى مخصبة، سواء كانت مخصبة من زوجها أو من غيره، وسواء كانت صاحبة البويضة امرأة أجنبية أو قريبة أو ضرة تشترك معها في الزوج نفسه، وأجمع الفقهاء أثناء بحث هذه المسألة على حرمتها، لأن هناك طرفًا ثالثًا غير الزوج صاحب النطفة والزوجة صاحبة البويضة وقد حرمته الأديان جميعها.
 

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي