مخلل مكشوف.. وأطباق مستعملة.. وأطعمة مجهولة.. الموت فى «ساندوتش»!

مخلل مكشوف.. وأطباق مستعملة.. وأطعمة مجهولة.. الموت فى «ساندوتش»
مخلل مكشوف.. وأطباق مستعملة.. وأطعمة مجهولة.. الموت فى «ساندوتش»


- الشباب: أضراره كثيرة ولكن «أكل الشارع» له مذاق مختلف وسعره زهيد مقارنة بالمطاعم

- أطباء : المواد الحافظة والطعام الملوث أقصر طريق للسرطان والفشل الكلوى

- غرفة الغذاء: اشتراطات السلامة والصحة تحد أمام عربات الطعام


سندوتشات «التيك أواى» هى أسهل وأسرع طريقة لسد جوعك أثناء ذهابك لعملك أو قضاء مشاوير لك أو لأسرتك ، أو هرولتك بين المكان والآخر لتأدية مصالح مهمة ،ولكنهاأصبحت أسرع طريق للآخرة.. عربات طعام كثيرة تجدها متراصة أمامك فى الشوارع لبيع ساندوتشات لذيذة وذى رائحة جذابة تجبرك على التوقف لالتقاط ساندوتشين أو ثلاثة سريعا لكى تكمل طريقك، وقد تكون إدمانا للكثيرين ولا يتمكنون من الاستغناء عنها ، ولكنهم يجهلون مدى خطورتها والكوارث الصحية التى تتسبب فيها، فقد تؤدى إلى أمراض بالجهاز الهضمى أو تنشط خلايا سرطانية تقود صاحبها للوفاة.

«الأخبار» قامت بفتح ملف الأطعمة الفاسدة التى تباع على الأرصفة وعربات الوجبات السريعة من أجل إيجاد حلول لها والبحث عن وسائل للتصدى لها حفاظا على أرواح المواطنين .
انتشرت بشكل كبير ومخيف وتنوعت وتفننت فى اختلاف أشكالها ومعروضاتها وأنواعها من أجل جذب واختطاف الزباين سواء كانوا من العاملين بالمؤسسات او الهيئات أو الشركات الحكومية أو أطفال المدارس الذين يتسابقون عليها للحصول على الأطعمة والحلويات ذى المذاق والروائح التى لا تقاوم بعد يوم دراسى طويل.»
بدأت جولتنا بمنطقة البراجيل بمحافظة الجيزة حيث تنتشر بشكل كبير عربات بيع الاطعمة التى تحتل الارصفة وتبيح استخدام اعمدة الانارة الخاصة بالشوارع لانارة سياراتهم ، بالاضافة إلى استخدام خراطيم المياه العامة لتنظيف بضاعتهم وأوانيهم ، ولكن يستوقفنا هنا المنظر العام لسيارات الطعام حيث وجدنا سيارات الكبدة والسجق ، والتى تفوح منها روائح شهية للغاية اذا مررت بها بعد الساعة الثانية ظهرا ، فتجد الكثيرين من الزبائن يقفون يراقبون بنهم شديد وينتظرون طلبهم والذى فى الغالب سيكون عددا من السندوتشات المتراصة على طبق معدنى ، بالاضافة إلى طبق صغير من المخلل.
وهنا تجد السندوتش بمبالغ ذهيدة يسهل على الاشخاص البسيطة الحصول عليها فقد يكون ب 2 جنيه او اكثر ولكن ستكون وجبة مشبعة ولذيذة وموفرة فى نفس الوقت.
عربات الفول
اما بالنسبة لعربات الفول والطعمية فحدث ولا حرج فهى السمة السائدة لشوارع وميادين مصر فى الصباح الباكر من كل يوم ، فتجدها تتزين بالبقدونس والخضرة والمخلل المكشوف لجذب الزبائن اليها ، وقد لا تحتاج إلى جذب الكثيرين لانها تتمتع بشهرة كبيرة بين سكان المنطقة او بين العاملين بالمصلحة او المستشفى التى تتمركز امامها يوميا ، حيث يعد الفول والطعمية هى الوجبة الاساسية والاكثر شعبية فى مصر ، وبذلك تكون عربات الفول لها نصيب الاسد من ميزانية المواطنين يوميا لتناول الافطار سواء ان كان «تيك اواى» او الوقوف امام العربة للانتهاء من الوجبة طازجة وساخنة فى الاطباق المعدنية المشكوك فى مدى نظافتها ، ولكن يجمع الغالبية العظمى من زبائن عربات الفول انه إدمان لديهم ، كما انه موفر للنقود وباسعار اقل من المطاعم بكثير ، فهم يبحثون عن التوفير فى المقام الاول بغض النظر عن النظافة او السلامة الصحية.
واستكمالا لجولتنا ذهبنا إلى منطقة كوبرى الخشب بالدقى ، حيث يكثر باعة الحلويات والمخبوزات على الارصفة ، والتى قد تكون مكشوفة لعوادم السيارات والحشرات الطائرة والزاحفة ، ولكنها قد تلتقط زبونها فى وسط النهار يسعى للحصول على وجبة سريعة مشبعة ليكمل يومه دون توقف او تعطل.
أما منطقة امبابة ، فوجدنا به الكثير من السيدات اللاتى يجلسن امام اطباق كبيرة وواسعة بها كميات من الجبن البيضة القريش والقديمة لبيعها منادين على بضاعتهن «ياللى اطعم من الذبدة يا جبنة» ويحاولن إبعاد الحشرات والذباب عن بضاعتهن لجذب انظار المارة بالشوارع لشراء بضاعتهن ، ولكن يجهل الكثيرون مدى خطورة تناول مثل هذه الاطعمة بعد تعرضها للحشرات والذباب ، فضلا عن كم الاتربة والعوادم المحيطة بها اثناء بيعها بالشارع لساعات دون حفظها بمكان بارد ونظيف.
طعم مختلف
«أكل الشارع له طعم مختلف حتى لو مضر»..هكذا عبر أغلب الشباب عن سر إقبالهم على تناول طعام عربات الشارع مهما كلفهم الأمر ماديا أو صحيا،بينما ترى قلة قليلة أن معايير النظافة والسلامة غير متوافرة فى هذه الأطعمة مهما كانت رخيصة وان ضررها أكثر من نفعها
ويقول مهند رضا لأن لأكل الشارع طعما مختلفا عن الطعام البيتى..فلكل منهما مذاق مختلف،و هناك الكثير من العوامل التى تجعلنى أتناول الطعام منها فتحديدا الشباب لا يجدون وقتا كافيا لتناول الطعام فى المنزل ويعتمد فى كثير من الأحيان على تناول الوجبات من هذه العربات،ثانيا انها مقارنة بالمطاعم فمتوسط أى وجبة لفردين فى مطعم متوسط المستوى قد تتجاوز 200 جنيه بينما لا تكلفنى الوجبة الواحدة على أى عربة طعام 15 جنيها.
و تؤكد سارة خالد أن العديد من حالات التسمم أو أمراض المعدة يكون بسبب الاكل من اماكن غير مضمونة خاصة هذه العربات،فكثيرا من الأحيان وأثناء مرورى بجوار إحداها أشاهد كيف يتم التعامل مع الأطعمة مهما اختلفت بشكل غير متحضر وكأن البائع لا يبالى سوى بجنى الأرباح ولكنه يصدر عشرات الأمراض للزبائن.
و تضيف لا نظافة..و لا معرفة بمصدر الطعام خاصة اللحوم والدواجن..و طرق التنظيف عشوائية للغاية كل ذلك يجعلنى أصر على أن أكل الشارع ضريبته الصحة فى المقام الأول،فأنا أندهش كثيرا عندما أرى العشرات يتزاحمون أمام هذه العربات على الرغم من علمهم الكامل بطرق التحضير ويشاهدون ذلك أمام أعينهم لكن دون مبالاة بصحتهم.
و تطالب بضرورة نزول حملات تفتيش إلى الشارع لاتخاذ إجراءات صارمة ضد العربات المخالفة وتغليظ العقوبة لهم.
بينما ترى اسراءمحمد أنه نظرا للدراسة ومواعيد الدروس الخصوصية التى قد تبتلع اليوم بأكمله أضطر فى الكثير من الأحيان من تناول الطعام من على العربات أنا وأصدقائى مثل الكشرى أو الكبده والسجق،و على الرغم من علمى ان أضرارها قد تكون كثيرة الا أن «أكل الشارع « له طعم مختلف وسأظل أتناوله مهما حدث.
وتضيف أسماء جمال لقد تعرضت إحدى صديقاتى إلى حالة تسمم بسبب الأكل الجاهز،و على الرغم من محاولاتى بعد هذه الواقعة فى الانصراف عن عربات الطعام،الا أن اغراءات «أكل الشارع «لا تنتهى فروائح الطعام هى أحد عوامل الجذب،بالاضافة إلى أن أسعار الوجبات والأكل منها فى متناول الجميع.
و تقول أسماء محمد ان عربات الطعام أصبحت تحاصر كل الأرصفة والشوارع فبداخل الشارع الواحد قد يتواجد أكثر من 4 عربات لأنواع مختلفة من الأطعمة،على مرأى ومسمع من الجميع،و الأمر الأكثر دهشة أن أغلبها يكون أمام المدارس والمستشفيات دون اى رقابة عليها،ذلك بالاضافة إلى الخطر الذى قد تتسبب به بسبب أسطوانات الغاز التى تتواجد على الأرصفة بجوار عربات الطعام.
عقوبات صارمة
وحول الأضرار الناتجة عن تناول هذه الأطعمة والاجراءات المطلوب اتخاذها ضد العربات المخالفة فى كافة الشروط، يقول الدكتور اشرف الجزايرى رئيس غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات المصرية إلى ان مشاريع عربات الاطعمة التى تعد من المشروعات الصغيرة او متناهية الصغر التى لابد وان تقابل بالتشجيع من الدولة ومن المواطنين ، حيث انها تساعد فى ايجاد حلول جيدة وفعالة وسريعة للقضاء على البطالة ، بالاضافة إلى انها تقدم خدمات للمواطنين باسعار جيدة ، فضلا عن انها تساعد فى تنشيط السياحة داخل مصر.
وأوضح ان التحدى الذى تقف امامه الدولة تجاه هذه العربات هو كيفية التأكد من سلامة هذه الاغذية التى تقدم من العربات ومدى تطابقها مع اشتراطات الصحة والسلامة القياسية التى تكفل غذاء سليما وصحة جيدة للمواطنين وللعاملين عليها.
سلامة الغذاء
كما أكد على الدور الكبير والفعال الذى تقوم به هيئة سلامة الغذاء فى نشر الوعى والمعرفة بين المواطنين بكيفية التأكد من ثلاث نقاط تخص أطعمة الشارع وهى النظافة والطهى والتبريد حيث يتمثل عامل الطهى فى درجة النضج، لاسيما فى اللحوم والدجاج والأطعمة المصنعة مثل البورجر والنقانق واللحم المفروم، وكذلك الحال بالنسبة للبيض والسمك، مشيرا إلى أن الأطعمة غير كاملة النضج من أكثر أنواع الأطعمة التى تؤدى إلى التسمم الغذائي، لذا لابد من طهوها على مرحلة واحدة حتى تصل إلى درجة النضج الكامل، فلا تظهر فيها أجزاء وردية اللون عند التقطيع، ولا يأخذ السائل الموجود فيها لوناً معيناً، وفى ما يتعلق بعملية التبريد لابد من التأكد من برودة المأكولات الباردة قبل استهلاكها مثل السلطة واللحوم الباردة.
وفى نفس السياق اشارت د.نرجس البرت ان الاطعمة والوجبات التى تباع فى الشوارع لابد من تجنبها او تكرار تناولها على فترات قريبة او بعيدة ، حيث ان انتشار عربات الطعام التيك اواى ظاهرة تنتشر بشكل كبير فى كافة دول العالم النامية ، ولكن لابد من مراعاة مطابقتها لمواصفات الصحة والسلامة الغذائية.
واوضحت البرت ان مختلف دول العالم تقوم بتشجيع مثل هذه المشروعات ولكن تقوم بوضع قوانين صارمة وغرامات فورية فى حالة مخالفة اشتراطات السلامة والامان ، حيث يجب مراعاة النظافة لهذه السيارات بالاضافة إلى نظافة العاملين بها الذين يقومون بإعداد الاطعمة بشكل مستمر ويحافظون على ارتداء القفازات والكمامات لتجنب تعرض الطعام لاى ملوثات او اضرار..واشارات إلى ان مصدر الطعام لابد وان يكون معلوما ومدونا على السيارات لكى تكون عامل اطمئنان للمشترى او الزبون الذى يتردد على المكان ، ولتحقيق مبدأ الشفافية فى البيع والشراء.
وفى نهاية حديثها اكدت ان الاطعمة المكشوفة او الملوثة بشكل عام تؤدى إلى عدة امراض بالجهاز الهضمى ، وتتسبب فى النزلات المعوية ، والتسمم الغذائى «السلمونيللا» او «الاستاف» ، وتختلف فترة حضانة كل مرض منهم على حدة ، فقد تكون مدة الحضانة 48 ساعة وقد تمتد إلى 36 ساعة.
وقالت ان المواد الحافظة التى يتم وضعها على الاطعمة والبهارات المبالغ فيها التى تغير فى طعم المأكولات وتجعلها جذابة وملفتة للزبائن قد تؤدى بهم إلى الاصابة بالسرطانات فى المعدة او القولون او الكبد او الاثنى عشر ، فضلا عن الاصابة بالكوليرا بانواعها ، والالتهاب الكبدى الوبائى والتيفويد.

 

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي