خبراء: إجراءات الإصلاح الاقتصادي أوقفت نزيف احتياطي النقد الأجنبي وقللت فاتورة الاستيراد

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

واصل الجنيه رحلة الصعود أمام الدولار، حيث استطاع أن يخفض قيمة العملة الخضراء بنحو 49 قرشا منذ بداية العام الحالى فقط،  فقد بلغ سعر الدولار  قبل بداية يناير الماضى 15.99 قرشا، ثم انخفض مع نهاية الأسبوع الماضى الى 15.50 قرشا، ليستمر الجنيه فى استعادة عافيته، والتى بدأت خلال العام الماضي، لتصل قيمة الانخفاض فى سعر العملة الخضراء لنحو 2.17 جنيه منذ يناير 2019 وحتى الآن..

ولا شك فى أن برنامج الاصلاح الاقتصادى الذى بدأت مصر تطبيقه منذ نوفمبر 2016 يمثل السبب الرئيسى فى تعافى الجنيه أمام العملات الأجنبية، والتى صعدت أمامه عقب القرار التاريخى بتحرير سعر الصرف فى نوفمبر 2016 وهو القرار الذى كان حتميا لتوفير العملة الصعبة.. كما أسهمت الاكتشافات البترولية التى شهدتها مصر فى السنوات الأخيرة فى الوصول للاكتفاء الذاتى من الغاز الطبيعي، وهو ما ساهم فى وقف نزيف العملة الصعبة، بينما أدى الاستقرار والأمن إلى عودة السياحة للاسهام بقوة فى الناتج المحلى حيث حققت رقما قياسيا من الايرادات الدولارية خلال العام المالى الماضي، كما ارتفعت ايرادات قناة السويس من العملات الأجنبية، وزادت الصادرات.

ساهمت إجراءات الاصلاح الاقتصادى التى اتخذتها الحكومة خلال الفترات الماضية والتى بدأت بتحرير سعر الصرف وتبعتها مجموعة إجراءات اخرى بشكل قوى فى توفير الكثير من العملة الصعبة، بالإضافة إلى زيادة حجم الصادرات، فخلال شهر يناير الماضى زادت نسبة الصادرات غير البترولية 4% حيث بلغت 2 مليار و188 مليون دولار مقارنة بنحو 2 مليار و103 ملايين دولار خلال شهر يناير من عام 2019.. وفى المقابل شهدت فاتورة الاستيراد تراجعًا ملحوظًا نتيجة لحزمة من الاجراءات اتخذها البنك المركزى مؤخرًا.. وهو ما ساهم بشكل قوى فى تقليل الضغط على الاحتياطى النقدى الذى كان يضيع جزءا كبيرا منه فى عمليات الاستيراد العشوائية.

وأكد د. هشام إبراهيم استاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة أن الدولار مثله مثل أى سلعة كلما كان سعرها أقل من ثمنها الحقيقى كلما كان هناك تكالب للحصول عليها، وهو ما كان يحدث قبل تحرير سعر الصرف، حيث كان يتم دعم الدولار، وكان يتم التعامل معه من غير ترشيد، فإزدادت عمليات الاستيراد العشوائية من الخارج، ولم يكن يقابلها انتاج محلي.. وبالتالى كان ذلك أحد المشاكل الاقتصادية فى السنوات الماضية.

ويضيف: بعد تحرير سعر الصرف واستكمال باقى خطوات الاصلاح الاقتصادى عادت قيمة الدولار إلى وضعها الطبيعي، فأدى ذلك إلى تحجيم عملية الاستيراد العشوائية من الخارج، خاصة بعد قيام البنك المركزى باصدار قرارات بترشيد عملية الاستيراد، وهو ما ساهم فى وقف الضغط على الاحتياطى النقدى الاجنبي.. والتشجيع على زيادة فاتورة الصادرات خاصة فى ظل تشجيع الصناعة واعادة تشجيع المصانع المتعثرة.

وقال إبراهيم: إن تقليل سعر الفائدة كان له أثر كبير على تشجيع المستثمرين على الاقتراض من البنوك، وتشجيعهم على زيادة استثماراتهم، بالاضافة إلى جذب مزيد من الاستثمارات الاجنبية. 

ويرى د. أحمد السعيد استاذ التشريعات الاقتصادية ان مصر عانت لسنوات طويلة من اغراق السوق المصرية بمنتجات اجنبية رديئة الجودة، ورخيصة السعر، مما كان له الأثر فى عزوف المستثمرين عن الصناعة، مما أدى الى ضعف الإنتاج المحلى واعتماد السوق على استهلاك المنتجات الأجنبية، مما ترتب عليه عجز فى ميزان المدفوعات بسبب تضاعف قيمة ما تستورده مصر من منتجات بنسبة تفوق 400% من قيمة ما تصدره، وترتب على ذلك انهيار للقيمة السوقية للجنيه أمام العملات الأجنبية، وقد تكتلت تلك المشاكل لسنوات طويلة مما سبب تشوها كليا فى الاقتصاد القومى لمصر.

وأضاف: ولحل كل تلك المشكلات تعين على مصر اتباع خطة جريئة للإصلاح الاقتصادي، من خلال اتباع خطة تعتمد فى المقام الاول على علاج كافة المشكلات التى تعيق الإنتاج، وكانت اول خطوة فى تنقية السوق من المنتجات الرديئة والمجهولة المصدر، وكان ذلك من خلال إصدار وزارة التجارة والصناعة عدة قرارات تمنع دخول هذه المنتجات الى السوق، مما خلق فى السوق حالة طلب جديدة على الصناعة، وكانت المشكلة الأخرى التى تواجه الاستثمار الصناعى هى البيروقراطية، وعليه قامت الدولة بإصدار عدة تشريعات تدعم الاستثمار، و بالتوازى كان على الحكومة حل أزمة الطاقة التى تواجه المصانع، فكان التوسع فى إنشاء محطات الكهرباء بأحدث تكنولوجيا، وكذلك الاستثمار فى الاستكشافات البترولية، مما كان له عظيم الأثر فى توفير الطاقة للصناعة، بل ان مصر ولأول مرة تتمكن من تخفيض أسعار المحروقات، مما يسمح بمنح المصانع المصريةميزة تنافسية عالمية، تساعد فى زيادة حجم صادرات مصر العالم الخارجي.

وأشار السعيد إلى انه تم انشاء 12 مدينة من مدن الجيل الرابع، والتى تضم مناطق صناعية ومناطق سكنية، مما يسمح بتوفير أراض جديدة كاملة المرافق للاستثمار الصناعي، وكذلك توفير مساكن للعمال بالقرب من مناطق العمل، مما يسمح بإعادة توطين هؤلاء العمل، وخلق مجتمعات عمرانية جديدة بعيدة عن وادى النيل.

وتقول د. بسنت فهمي عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب ان خطوات الاصلاح الاقتصادى التى حدثت فى الفترة الأخيرة أثرت فى بعض القطاعات التى استفادت منها، وبالتالى زيادة الاحتياطى النقدي الاجنبي، والذى يستخدم فى شراء المواد الخام والماكينات من الخارج لتشجيع عملية الصناعة، وبالتالى تقليل الاعتماد على الاستيراد من الخارج، والذى كان يتسبب فى نزيف للاحتياطى النقدى الاجنبي.