خواطر

لابد من مواجهـة مجتمعيـة جـادة لإسفاف مايسمى بفن المهرجانات

جلال دويدار
جلال دويدار

على ضوء الضجة المجتمعية والفنية المثارة حاليا بشأن مايسمى بأغانى المهرجانات.. أقصد إسفاف المهرجانات وجدت نفسى مدفوعًا للتعليق. بداية فإن مايشوب هذا المسخ وفقا لما سمعت وقرات وتابعت.. الحط بالذوق العام والترويج للخلل الأخلاقى باستخدام العبارات والكلمات غير اللائقة والساقطة المصحوبة بالإيحاءات الخارجة.
 ليس من توصيف لهذه الموجة التى لاعلاقة لها بالفن.. سوى أنها أداة لتدمير القيم. إنها تتنافى وما يجب ان يسود المجتمع الذى يكافح من اجل رفعة وطنه ولقمة العيش الشريفة. ما يحدث هو بكل المقاييس.. ليس سوى وسيلة رخيصة لسرقة العقول وإثارة الغرائز من أجل الحصول على ما هو غير مستحق.
إن ما يجرى وبهذه الصورة المؤسفة يحتاج إلى وقفة تهذيب محورها حماية المجتمع من الانحدار إلى مزيد من التفاهات والتدهور بفعل هذه الممارسات الهابطة. اتصالا فإنه حتى أسماء أبطال هذه الظاهرة الغريبة.. ينطبق عليها المثل العامى الذى يقول «الجواب الأغبر يبان من عنوانه». كما هو معروف فإن رسالة الفن تقوم على الارتقاء بالذوق العام والسمو بالمشاعر. إنه أمضى سلاح لإحداث التأثير المجتمعى الإيجابى أو السلبى وتوجهاته.
 ان تصحيح هذا المسار من الانحراف المشين هو انتصار لعالم الفن المصرى الجميل المتمثل فى فن أم كلثوم وعبدالوهاب ومحمد فوزى وفريد الأطرش وعبدالحليم حافظ وكارم محمود ومحمد رشدى ومحمد عبدالمطلب وليلى مراد وشادية ونجاة الصغيرة وفايزة أحمد وعمرو دياب وتامر حسنى وغيرهم وغيرهن من أساطين كل أنواع الطرب المصرى والعربى. حفاظا على هذه القيمة وهذا التراث كان لابد من وقفة شجاعة لمواجهة هذا التهريج.
 من هذا المنطلق يتحتم الترحيب بالبيان الذى اصدره المطرب هانى شاكر أحد رموز الزمن الجميل للفن واعقبه بقرار حاسم بوقف عمليات الترويج لهذه الممارسات الخارجة.. جاء ذلك بحكم القانون والسلطة المخولة بصفته رئيسا لنقابة المهن الموسيقية..  هذا الموقف يستحق الدعم والمساندة. انه يأتى دفاعا عن مقومات الفن المصرى الاصيل. هذا الفن ظل وسيظل سفيرًا فاعلًا للريادة المصرية الفنية عربيا واقليميا وعالميا.
إن ما أقدم عليه هانى وإن كان يدخل ضمن مسئوليات النقابة إلا انه يعد فى نفس الوقت دعوةً إيجابيةً لوسائل الإعلام للمشاركة فى محاربة هذا الهبوط وهذا الانحدار. هذه الوسائل ومعها مؤسسات المجتمع المدنى والتعليمى والدينى.. مطالبة بان تلتزم وتساهم فى تعاملها مع هذه الظاهرة بما يسمو بالفن ورسالته. انها وفى اطار مسئوليتها الوطنية والمجتمعية والتربوية فإنها مطالبة بالتوقف عن المشاركة فى هذا التهريج الرخيص.
 ليس ما أقوله فى هذا الشأن دعوة إلى فرض القيود على ابداعات العقول والاصوات ولكنه تعبير عن الخوف لانعكاسات هذا الانحراف على بناء الإنسان المصرى باعتباره يجب ان يكون نمودجا حضاريًا وقدوة للحاضر والمستقبل. المطلوب تضافر كل الجهود من اجل تعظيم رسالة الفن المصرى الرفيع بما فى ذلك الفن الشعبى على أساس العلو والرقى بالمشاعر من خلال الاداء واللفظ والسلوك. يضاف إلى ذلك الاستمتاع والعيش فى اجواء من الخيال والرومانسية التى تثرى الواقع المجتمعى.