لصوص «أون لاين!»| التجارة الإلكترونية.. «سيئة السمعة»

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

- أرباح بالمليارات والمشترى «فريسة»

- الضحايا: المنتجات رديئة ومقلدة ولا ضامن للإرجاع أو الاستبدال فى ظل غياب الرقابة

- خبير معلومات : 2 مليار دولار معاملات إليكترونية.. وحق الدولة مهدور

- رئيس لجنة الاتصالات بمجلس النواب: مشروع قانون لإنهاء حالة الفوضى وحفظ حق الدولة

 

تطاردك فى الفيس بوك وتطل عليك بأحلى صورة فى أنستجرام وتلاحقك بتغريدات مزعجة على تويتر ، وتغريك بسهولة الحصول عليها من خلال الواتس آب، فقط عليك الضغط على زر الشراء وستصل إلى منزلك خلال يومين أو أقل، وهنا تأكد انك أصبحت فريسة ووقعت فى «الفخ»! وضاعت أموالك أو صحتك هباء، فما اشتريت ليست سوى بضاعة - درجة تالتة - من الأسواق الإلكترونية التى بدأت تغزو جيوبنا بحيله جديدة لتسرق الأخضر واليابس من جيوبنا وأصحبت حيله جديدة للصوص ولكن هذه المرة لصوص «أون لاين» لتسويق منتجات رديئة ومجهولة المصدر بعد أن انتشرت كالنار فى الهشيم على مواقع الإنترنت والسوشيال ميديا وبدأ ملايين المستخدمين فى اللجوء إليها لشراء الملابس والحقائب والأجهزة الإلكترونية بل وصل الأمر للبعض بشراء أدوية ومنتجات طبية مجهولة المصدر، يديرها أشخاص مجهولون من خلال حسابات مزيفة.. الأخبار تفتح الملف وتناقش جميع الاطراف المسئولين عن هذه الظاهرة..


لا يختلف السوق الإلكترونى عن غيرة من الأسواق فى طريقة الترويج والعرض، بل على النقيض يربح دائما السوق الإلكترونى فى قراءة أفكارك وتقديم المنتجات التى قد تكون رأيتها صباحا وأنت تشترى الجريدة أو شاهدتها مع صديق أثناء جلوسكم مساء على المقهى، لتجد السلعة أمامك فى كافة التطبيقات على السوشيال ميديا أو موقع اليوتيوب أو حتى المواقع الإخبارية.


فتستخدم منصات التجارة الإلكترونية خوارزميات تمكنها من تتبع أفكارك واحتياجاتك وتقدم لك المنتج الذى تعلم جيدا من مراقبتها لك انك تحتاج إليه، وليس هذا فقط بل ويصلك إلى المنزل ويمكن أن تدفع المقابل أون لاين، فيمكنك أن تشترى سيارة وتدفع ثمنها وأنت مستلق على أريكة فى منزلك.


ولهذا بدأ هذا السوق الإلكترونى جذب ملايين المستخدمين يوميا نظرا لما يوفره من سهولة فى التسوق وأيضا اختيار المنتجات التى تفضلها بدقة بل وتقديمها فى صورة مغرية تجبرك على شرائها بضغطه زر واحدة، ولم لا فعادة ما يحتاج محبو التسوق إلى أيام للتجول بين المحال التجارية المختلفة فى عدة أماكن بهدف البحث عن مرادهم فى حين أن أصبح بإمكانهم التجول فى منصات تجارية إلكترونية داخل مصر وخارجها من على مقعد فى شرفة المنزل أثناء تناول كوب من القهوة وقراءة الجريدة.


ولكن تبقى الفوضى هى السمة التى تميز السوق الإلكتروني، فبرغم كل هذه المميزات إلا أنها تعم بالفوضى وبالمنتجات المقلدة أو الرديئة، فعادة ما يعتمد مروجو السلع على السوق الإلكترونى إلى اختيار صور للمنتج تجذب المستخدم والتى عادة ما تكون بعيدة كل البعد عن الواقع ويفاجيء المشترى بالسلعة تختلف كليا عن الصورة التى رأها عليها.


حجم التجارة
وشهدت السوق الالكترونى فى مصر مؤخرا حالة من النمو المستمر وذلك مع تزايد استخدام الإنترنت والأجهزة الذكية، بخلاف انتشار وتوسع شركات النقل والتوصيل للمنازل، وهو ما ساهم فى رواج شركات الأسواق الإلكترونية وساهم أيضا فى توسع الأفراد فى التسوق والبيع الإلكترونى لمنتجاتهم من خلال شركات الشحن التى وفرت هذه الخدمة.


وقال المهندس إسلام غانم، استشارى تقنية معلومات، أنه طبقا لإحصائيات مستقلة شهدت المعاملات الإلكترونية فى الفترة الأخيرة ارتفاعا مستمرا لتصل إلى 2 مليار دولار، يمثل فيها السوق غير الرسمى النسبة الأكبر والتى تصل إلى 90% وهو ما يحرم الدولة من حقوقها ويمنع أيضا فرض سيطرتها على تلك الأسواق للتمكن من حماية المستهلك وضمان سلامة المنتجات المعروضة وضمان سياسة لاسترجاعها.


ونظرا للنمو المستمر والذى من المتوقع أن تتضاعف حجم الاستثمارات خلال الخمس سنوات المقبلة، ولذلك جاءت ضرورة تقنين آليات عمل الأسواق الالكترونية واستخدام مواقع السوشيال ميديا للتجارة وذلك بهدف حفظ حق الدولة على جانب وحق الأفراد فى جودة المنتج وامكانية إعادته فى الوقت المحدد طبقا لحقوق المستهلك.


الدولة بدأت بالفعل فى سن قوانين تعمل على تقنين العمل على الإنترنت وكان بدايتها قانون مكافحة الجريمة الالكترونية وقانون لحماية المعلومات الشخصية واخيرا قانون المعاملات الإلكترونية والتى ستعمل على الحفاظ على تطور العمل بالأسواق الإلكترونية وتحافظ على حقوق المواطنين.


الأسواق الإلكترونية
وأضاف «غانم» أن شبكة الإنترنت تحظى بالعديد من الأسواق الإلكترونية والصفحات التى تروج لمنتجات من خلال شبكة الإنترنت وخاصة صفحات السوشيال ميديا وتطبيقات الموبايل، تنقسم لأسواق إلكترونية تعمل كوسيط لديها مواقع ومقار معروفة من خلال استثمارات مصرية أو استثمارات اجنبية وتلتزم بالقوانين المصرية، وتحفظ حق المشترى فى اعادة المنتج فى فترة محدده طبقا لكل منتج، ولا تمثل 10% من حجم التجارة الحقيقية على الإنترنت.


وتمثل صفحات الفيس بوك وبعض التطبيقات على الموبايل النسبة الأكبر من حجم التجارة فى الأسواق الإلكترونية، غير معلومة المصدر والتى تروج لمنتجات رديئة وأدوية مجهولة المصدر، ولا تحصل الدولة حقها فى الضرائب على تلك المنتجات، ولا تمثل رقابة عليها مما يجعل المواطنين فريسة لهؤلاء بدون رقابة أو مساءلة قانونية أو حكومية.


سيئة السمعة
وتلقى السلع المغشوشة والمقلدة والممنوعة رواجاً على مواقع التواصل الإجتماعى والأسواق الإلكترونية، ولذلك يقع الآلاف ممن حصلوا على هذه المنتجات إلى غش متعمد فى كثير من الأحيان عن طريق إبهارهم بصورة بعيدة عن الواقع ومنتج مخالف تماما أو ذو جودة سيئة وشكل مقبول، كما تجد المنتجات الممنوعة من التداول او تلك التى تشكل خطر على الأمن القومى وتحتاج إلى موافقات أمنية، أو غيرها من المنتجات التى لا تتوافق مع مجتمعنا المحافظ، أو المنتجات الطبيعة التى تباع دون استشارة الطبيب وغير معلوم مصدرها.


استطلعت الأخبار آراء عدد من المواطنين الذين وقعوا فريسة المنتجات المقلدة وسيئة السمعة من خلال المواقع والأسواق الإلكترونية.
قالت تعاملت مع أحد المواقع التى تدعى أنها تسوق لمنتجات يتماستيرادها خصيصا من الولايات المتحدة الأمريكية ولذلك تحتاج إلى وقت طويل لحين شحنها إلى مصر، وأوضحت أنها طلبت من خلال الموقع الالكترونى ملابس أطفال لإحدى الماركات العالمية ولم تصل إلا بعد أكثر من ثلاثة أسابيع، وكانت الصدمة بأن المنتج سيئ والخامة مختلفة عن الوصف الذى كان أسفل المنتج على الموقع الإلكترونى.


وتابعت، وكانت الصدمة الثانية فى أحد «التيشرتات» والتى اكتشفت أنها صناعة مصرية رغم أن الموقع يروج أن جميع المنتجات مستوردة من أمريكا ويتم طلبها أون لاين وشحنها من أمريكا إلى العميل ولذلك تصل مدة وصول المنتج إلى أكثر من أسبوعين، ورغم مرور أكثر من ثلاثة أشهر بعد شراء المنتج وارجاعه لم يتم اعادة المبلغ المدفوع إلكترونيا إلى حسابى فى البنك.


وأكدت انها مازالت تعانى من خدمة العملاء بشكل شبه يومى فى محاولة لإعادة المبلغ مرة أخرى، إلا أن هناك مماطلة فى الرد أو إعادة المنتج والمبلغ المدفوع مؤكدة انها مضطرة إلى ذلك بسبب عدم وجود جهة يمكن من خلالها تقديم شكوى ضد الموقع.


ومن جانبه قال محمد يوسف، إن سبق وطلب إحدى ماركات العطور الأصلية بعد أن كان عليها عرض 30% من خلال أحد مواقع الأسواق الإلكترونية الكبرى فى مصر، وبعد طلبها وصلت فى وقت مناسب فلم تتعد ثلاثة أيام ولكن عقب دفع المبلغ والحصول على المنتج ، تفاجأ أنه مخالف تماما للمنتج الأصلى والمتعارف عليه، رغم ان السعر مناسب لجودة العطور الأصلية وليست المقلدة.


وتابع أنه حاول الإتصال بالشركة من خلال الموقع الإلكترونى والأرقام المسجلة لكن لم يتمكن من إعادة المنتج مرة أخرى وسط تأخير متعمد من خدمة العملاء وشكاوى مختلفة.


شكاوى الفيس بوك
وعادة ما يلجأ المتضررون من شراء المنتجات من الصفحات المتاجر الالكترونية إلى نشر تعليقات سلبية عن المنتجات الرديئة التى حصلوا عليها ولم يستطيعوا ردها مرة اخرى، وذلك بهدف تحذير المواطنين من المشاكل التى قد يواجهوها من الشراء من مواقع او صفحات محددة على مواقع التواصل الاجتماعى وخاصة الفيس بوك أو من خلال مواقع التسوق أون لاين.


ونشرت إنجى عادل، على صفحتها على الفيس بوك محذرة من أحد المواقع التى تبيع منتجات اون لان بعد أن حصلت على وسادة خاصة بالسفر، وصفتها بأنها سيئة الصناعة ورديئة الخامات وغالية الثمن، وعند محاولة الأتصال لإرجاعها ماطلت الشركة وشركة الشحن لإرجاع المنتج، وأوضحت انها اضطرت للسفر دون إرجاع الوسادة أو الحصول على ثمنها.


وطالبت إنجى أصدقاءها بضرورة التأكد أولا من جودة شركة التسوق الإلكترونى أو الشراء بشكل مباشر من المحال دون المخاطرة بالشراء أون لاين.


نقابة الصيادلة تحذر
حذر الدكتور مصطفى الوكيل، وكيل نقابة الصيادلة وعضو مجلس النقابة، من الأدوية التى يتم تسويقها على واقع التواصل وبعض المواقع على شبكة الإنترنت، والتى توهم المستخدمين بقدرتها على التخسيس وأيام معدودة أو معالجتها لبعض الأمراض المزمنة والتى لم يصل الطب لعلاج نهائى منها، وأوضح ان هذه الأدوية تتسبب فى تفاقم الأمراض الطبية بل وتؤدى أحيانا لمشاكل أكبر.


وتابع أن نقابة الصيادلة أصدرت اكثر من بيان تحذر من خلاله من استخدام تلك المنتجات دون التأكد من موافقة وزارة الصحة عليها أو من دون وصف الطبيب المعالج، وأكدت على ضرورة التصدى لمثل هذه الإعلانات والمنتجات التى تباع فى الخفاء ويقبل عليها الكثير من المواطنين ممن يتوهمون فى قدرة هذه الأدوية على علاجهم أو علاج ذويهم، وطالب بضرورة متابعة مثل تلك الصفحات والمواقع والقبض على من يديرها حفاظا على صحة المواطنين.


قانون التجارة الإلكترونية
قال النائب أحمد بدوى، رئيس لجنة الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، إن البرلمان يعد حاليا عددا من مشروعات القوانين التى من شأنها تنظيم العمل على مواقع الإنترنت بما يضمن سلامة البيانات الشخصية ومكافحة الجرائم والمعاملات الألكترونية، وأوضح أن تلك القوانين قادرة على وضع إطار قانونى للمعاملات الإلكترونية التجارية والتى تشمل عرض السلع والمنتجات على مواقع الإنترنت بهدف بيعها وتحقيق أرباح مع وضع ضمانات لحقوق المستهلكين من خلال الحصول على منتج مطابق للمواصفات والتأكيد على حق المشترى فى إعادة المنتج مرة أخرى.


ويضمن أيضا محاربة الأدوية التى تروج من خلال مواقع التواصل الإجتماعى والغير حاصلة على موافقة من وزارة الصحة ولا يعلم منشأها والأضرار التى قد تصيب الجسم نتيجه تناولها بمضاعفات وأمراض لا يحمد عقباها، وأوضح أن وصل الأمر إلى الإدعاء بوجود أدوية لمعالجه مرض السكر بشكل نهائى وهو غير مثبوت علميا وتسبب فى مضاعفات وأضرار للمرضى.


وأكد أن كل تلك هذه التجاوزات سوف يحدد القانون ضوابط لها ويساهم فى القضاء عليها بشكل نهائي، كما يضمن حق الدولة فى الأرباح التى تحققها الأسواق الإلكترونية والتى تصل إلى المليارات، وذلك من خلال التنسيق مع وزارة الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات.


وأكد أنه يمكن للمواطنين المتضررين من الشراء أون لاين بالتوجه إلى مكتب الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات بوزارة الداخلية المتواجد بكلية الشرطة القديمة بالعباسية لتقديم بلاغ رسمى وستقوم السلطات المختصة بالعمل على تتبع الصفحات والمواقع التى تبيع تلك المنتجات والقبض على المسؤولين عنها.