فيض الخاطر

الفريق نصر

حمدى رزق
حمدى رزق

حمدى رزق

فى صمت يليق بالعظماء رحل الفريق أحمد عبدالرحمن نصر، قائد القوات الجوية الأسبق، وشيعت جنازته العسكرية بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسى، القائد الأعلى للقوات المسلحة، والفريق أول محمد زكى، القائد العام للقوات المسلحة، وزير الدفاع والإنتاج الحربى، والفريق محمد فريد، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، وقادة الأفرع الرئيسية وكبار قادة القوات المسلحة، وعدد من قدامى القادة، الذين عاصروا الفريق، ودافعوا عن تراب الوطن تحت قيادته، كان يرحمه الله قائدا جسورًا.
أعظم تعريف للفريق نصر: «شارك فى كل الحروب التى خاضتها مصر من 1956 وحتى العبور العظيم فى 73 «، يؤرخ لمسيرته الحافلة بمعركة المنصورة الجوية، التى سجلت فى الأكاديميات العسكرية كأطول المعارك الجوية وأكثرها شراسة مع العدو الإسرائيلى، واستغرقت (53 دقيقة) وهى المعركة الأطول فى تاريخ المقاتلات النفاثة، وأسفرت عن سقوط 15 طائرة مقاتلة إسرائيلية.
معركة أحرز فيها نصر ورجاله نصرا باهرا على سلاح الجو الإسرائيلى رغم الفارق فى الإمكانيات والطرازات، لكن شجاعة الطيارين المصريين كسرت الذراع الإسرائيلية الطويلة، التى امتدت فى سماء الدلتا لتلقفها طائرات سلاح الجو المصرى فى معركة صارت عيدا للقوات الجوية.
نصر لمصر سجله الفريق نصر، ولا يزال منقوشا فى صدور الرجال، منهم من قضى نحبه شاكرا فضل الله ونعمته، ومنهم من يعيش على الذكريات الرائعة لهذه الملحمة العظيمة فى سماء مصر المحمية، عناية الله جندى.
التقيت بعضا من نسور الجو فى أكتوبر الماضى، كان الحكى الجميل عن الانتصار التاريخى يبدأ بالفريق نصر، وينتهى بالفريق نصر الذى كان اسمه «تميمة النصر»، الذى تتحدث به صفحات نصر أكتوبر العظيم.
الفريق نصر ليس اسما عاديا، يخلد ولا ينسى، مسجل بحروف من نور فى تاريخ العسكرية المصرية، اسم على مسمى نصر جاب النصر، وما النصر إلا من عند الله، وتشييع الرئيس وكبار قيادات القوات المسلحة لجثمان الفريق استحقاقا فى حياته وبعد رحيله، كان جنديا من جند مصر، خير أجناد الأرض.
مثل هذه الأساطير الأكتوبرية، التى تعيش بيننا فى صمت العظماء، تستأهل حفاوة من كتب التاريخ التى تدرس لأجيال شبت على زيف الحكى، ونكران البطولات، والطعن فى كل ما هو جوهر نفيس، فى زمن تزييف الحقائق، وتشويه وعى الأمة المصرية بأبطالها، يستوجب الحفاوة التاريخية بمثل الفريق نصر، ورفاقه من قادة أكتوبر العظيم.
هؤلاء الرجال السمر الشداد ربحوا نصرا، وعاشوا منتصرين رافعين الرأس، ولم يتكسبوا من نصر، بل دفعوا من حيواتهم قربانا لمصر التى تستحق أن توهب لها الحياة، طوبى للعظماء.. يرحمه الله.