يوميات الأخبار

أحفادى تحت رحمة «مدرس.. متطوع»!

علاء عبدالوهاب
علاء عبدالوهاب

عربة التعليم لن يدفعها، أو يجرها إلا مدرس كفء مرتاح، «لانصف لبة، أو ظهورات يردد سراً وجهراً: عشانا عليك يارب»!

السبت:
لا أعلم من أى تجربة اقتبس وزير التعليم هذه الفكرة؟
«مدرس متطوع».. يعنى لا يتقاضى راتباً أو أجراً، علاقته مؤقتة بالعملية التعليمية، لاتتجاوز الثلاثة أشهر، ثم تسريح بلا إحسان!
لا أظن أن نظاماً كهذا قائم فى فنلندا، أو اليابان، أو الصين، ولا أعتقد أن د.طارق شوقى بإمكانه أن يزعم غير ذلك.
صحيح أن مهنة التعليم شرف وواجب، لكن لاتضاهى الجندية، وحتى الجندى المتطوع يتحدد له مكافأة، وإن رمزية.
ماذا يُفيد المدرس المتطوع بشهادة خبرة أو شهادة تقدير، هل توفر له أبسط احتياجاته خلال اليوم الدراسى من مأكل وانتقالات أو حتى كوب من الشاي؟
الدهشة تظل العنوان العريض الذى يتصدر المشهد فى زمن استسهال الحلول، ومن ثم التعامل مع المدرسة كمختبر للتجريب، والبشر سواء المدرس أو التلميذ كفئران تجارب!
نحو ثلث المليون مدرس معدل العجز، فهل يعوض هذا الرقم الضخم تفعيل فكرة التطوع؟
إذا تابعت -مثلي- تصريحات د. شوقي - وكبار مساعديه- بشأن المدرس، تلحظ أنه يراه حجر الزاوية، أو محور الارتكاز، أو عصب العملية التعليمية، والضمانة الأساسية والرقم الأهم فى معادلة التطوير وخططه و...و... ولكن كما يقول المثل: «أسمع كلامك أصدقك، أشوف أمورك أستعجب».
فى الدول التى تحتل مراكز متقدمة على سلم الأفضل تعليمياً، يكون مرتب المدرس بين الأعلى قياساً بالوظائف الراقية، حتى يتفرغ لمهمته المقدسة.
فى فنلندا الأولى عالميا فى التعليم، المدرس هو «الكل فى الكل»، إذ يحظى بثقة مطلقة من خلال مسئوليته عن كل صغيرة وكبيرة تربوياً وتعليمياً فى المدرسة، بعد أن يخضع لتأهيل متميز، واختبارات قبول دقيقة، أولها اختبار نفسى.
بعد هذه الاطلالة، لا أستطيع أن أخفى قلقى الشديد على جيل أحفادي، ومستقبلهم التعليمى إذا ما طُبقت فكرة المدرس المتطوع، ولايمكننى أن أراهن على ناتج إيجابى للاصلاح التعليمى فى ظل منظومة تفتقر لاكتمال أهم عناصر نجاحها، أعنى المدرس المعلم، المربي، القدوة،...، كما الصورة الذهنية الراسخة فى ذاكرتي، يوم كان المدرس هكذا حاله، قبل أن تعصف به تجارب، وتطيح بمواصفاته متغيرات ومستجدات ما أنزل الله بها من سلطان.
أحسب -أيضاً- كثيرين من الأجداد ينتمون لجيلى يشاطروننى حالة القلق والغضب التى انتباتني، وأخشى استمرارها.
تطوير التعليم وسلامة مخرجاته- كما أتصور- تعتمد قبل البوكليت، والتابلت، والانترنت، والحقيبة الذكية، وبروتوكولات مع الخارج، وشراكات مع مؤسسات معنية ببناء المناهج و..و.. وغيرها من المستلزمات التى تتطلبها منظومة حديثة للتعليم، التطوير يتطلب قبل وبعد أى من تلك المسميات المبهرة، عنصرا اساسيا يتمثل فى المدرس المؤهل تماماً لمهمته، باعتبار الانسان جوهر العملية التعليمية، ومن ثم فإن ضمان توفير احتياجاته فى حدها الآدمى المحترم، يجعله يتفرغ للانجاز الذى -بدوره- يدفع الطالب والاسرة إلى السعى لطلب العلم لا الدرجات ولا الشهادات، ولن نصادف المراد إلا بعودة حقيقية للمدرس إلى المدرسة، قبل استهداف أى غاية أخرى.
وبدلاً من فتح باب التطوع بالمدارس، والبحث عن فدائى أو ملاك، ربما يكون العكس تماماً فى التطبيق، لماذا لا يتم توجيه جانب من مدخلات الوقف الخيرى للتعليم، للوفاء بتمويل بند تعيين مدرسين دائمين باجور تحوذ قبولهم؟
وإذا كنا بصدد إطلاق صندوق الاستثمار القومى الخيرى للتعليم تحت شعار «التعليم حياة».. فهل يكون أحد مهام الصندوق دعم العنصر البشرى الأساسى فى العملية التعليمية، أى المدرس، عبر مبادرة من شأنها تحقيق أهداف الصندوق، بتوفير خدمة تعليمية متميزة حقاً، تستهدف التركيز على عماد الخدمة أى المدرس؟
إذا كنا نستهدف إصلاح وتطوير منظومة التعليم، فإن كلمة السر، أو المفتاح السحرى لاقتحام تلك العملية يتمثل فى كلمة واحدة: المدرس.
عربة التعليم لن يدفعها، أو يجرها إلا مدرس كفء مرتاح «لا نصف لبة، أو ظهورات يردد سراً وجهراً: عشانا عليك يارب»!
  محافظ يغتال التاريخ!
الأحد:
بجرة قلم قرر محافظ الدقهلية أن يمحو صفحة مجيدة من الذاكرة التاريخية لمصر!
د.أيمن مختار ألغى كل مظاهر الاحتفال بعيد الدقهلية القومي، بدعوى ترشيد الإنفاق.
لا موكب للزهور، لا عروض كشفية، لا ماراثون،..،...، فقط إيقاد شعلة بميدان الجندى المجهول لساعات!
قبل 770 عاماً تلقى الصليبيون هزيمة منكرة فى المنصورة، وتم أسر الملك لويس التاسع، وعدد من فرسانه، فكان أن انكسرت الحملة الصليبية السابعة، فهل تمر الذكرى دون أن نحتفى بمجد الانتصار مهما كانت المبررات؟
أظنه اغتيالا للتاريخ عندما يقرر المحافظ أن ما كان سيتم  إنفاقه فى الاحتفال، يجب أن يوجه «لأى شئ مفيد».
يبدو أنه نسى ما قاله فور تعيينه أنه تولى مسئولية «محافظة ذات تاريخ عريق»، وأن المنصورة كان يطلق عليها «جزيرة الورد»، ومن ثم سوف يسعى لعودتها لما كانت عليه، فإذا به يتناسى التاريخ عمدا، ويحظر موكب الزهور!
وإذا سايرنا د.أيمن فى منطقه، فلماذا لم يطرح رؤية لهذا «الشئ المفيد»، ثم يتحرك لتفعيلها؟
مثلا: لماذا لم يستثمر موافقة عودة الدراسة مع مناسبة العيد القومي، فينسق مع مديرية التعليم لتكون الحصة الأولى بجميع المدارس حول دروس الملحمة الرائعة، لاسيما أن مصر تمر بلحظة تحول كبري، تتطلب عدم فصمها عن تاريخها.
مثلا: لماذا لم يسع بالتنسيق مع وزارة الثقافة لإطلاق فعاليات بقصور الثقافة من معارض وأنشطة ومسابقات فكرية وفنية؟
د. أيمن كان عليك أن تعرف أن للاحتفال - خاصة بذكرى نصر غال- أهمية فى حياة الناس، كتعبير راق عن روحهم القومية، وتماسكهم الوطني، ومن ثم التأكيد على هويتهم، بل أن للاحتفال من هذا الوزن مفعول السحر حين يستدعى مشاعر خبت، ويذّكر برموز تمثل قدوة، فجئت أنت فى لحظة لتمحو كل ذلك، دون أن ينفع اعتذار أو ندم.
تذكر -يادكتور- أن إيقاظ جذوة الوعى بالتاريخ لا تقدر بثمن، ولا يمكن أن تكون من قبيل الرفاهية، إلا إذا فقدت الذكرى معانيها العميقة عند من اتخذ قرار الإلغاء، أو الاغتيال!
 ببغاوات الأسبان.. و«كلاب.. نا»!
الثلاثاء:
أينما أذهب اجدهم؛ لافرق بين حى راق أو شعبي، منطقة جديدة أو عتيقة.
ألوان، أشكال، أحجام،...،.... يختلفون فى كل شئ، لكنهم يشتركون فى اثارة الذعر والرعب.
عن ظاهرة الكلاب الضالة أتحدث.
لا استطيع أن أحصى عدد المرات التى حذرت فيها من الظاهرة، وارتفعت أصوات وتناولت اقلام- غيري - ما وصل إليه الحال فى الشوارع والاحياء، فى ظل الحياة تحت تهديد الكلاب الضالة، التى تتسبب سنوياً فى أكثر من نصف مليون حالة عقر، ضحاياها من كل الاعمار.
كلما صرخ صاحب رأي، أو ضحية، أو أحد من أهلها مطالباً بالخلاص عبر خطة حاسمة لمكافحة الكلاب الضالة، وما تمثله من مخاطر جمة على حياة البشر ليل نهار، انبرى من يزعمون حرصهم على الرفق بالحيوان رافضين، بينما لا أثر للمعنى فى قاموسهم يخص البشر، يخلصون فى الدفاع عن الكلاب الطيبة اللطيفة- كالسلالات التى يألفونها- التى لا تعقر ولا تعوى ولاتنبح، ولا تصيب أطفالهم بالهستيريا، وتستهدفهم بالعقر، وقد يقضون من جراء ذلك بعد اصابتهم بالسعار و..،..
يتحمس الرحماء بالكلاب، الأشداء على البشر للدعوة لحماية الكلاب، وليذهب ضحاياها للجحيم!
وأمام سطوة جمعيات الرفق بالحيوان تنكسر المطالب بالخلاص من أزمة الكلاب الضالة، بل ان نجوم هذه الجمعيات يتهمون الضحايا وأسرهم بالمبالغة والتهويل!
اسأل هؤلاء: ماذا لو علمتم أن السلطات فى العاصمة الاسبانية مدريد تخطط لاعدام آلاف الببغاوات الجميلة، لا لشئ إلا للخلاص من ضوضائها وما تسببه للبيئة من أضرار؟
بمعيار الرحماء بالكلاب عندنا، فإن الاسبان وحوش وبرابرة نُزعت من قلوبهم الرحمة!
بالطبع؛ فإن نظراءهم من جماعات الرفق بالحيوان فى اسبانيا انتقدوا، ورفضوا المساس بالببغاوات، لكن السلطات أصرت على موقفها، وكل ما وعدت به أن يكون اعدام الببغاوات رحيماً، يخضع لمعايير اخلاقية، وانه لاسبيل للتراجع عن القضاء على ضوضاء الببغاوات، وتهديدها للصحة العامة.
أسمع اصواتاً ممتعضة مستنكرة، امتدت خيوط مشاعرها المرهفة من التعاطف مع كلابنا الضالة إلى ببغاوات الاسبان، ولسان حالهم: حقيقى إنهم «سوڤاچ خالص»!
ومضات
> سحر التفاصيل، وعبقرية الايجاز، بينهما تحتار الألباب!
> عين العقل ألا تعتمد على عقلك فقط، وتحيل عاطفتك للاستيداع!
> خطير أن تعانى كبوة، الأخطر ألا تملك إرادة النهوض.
> الإهانة بشعة، الأبشع أن يتحول إنسان لـ «ماكينة» إهانة!
> بين مراجعة النفس، والانقلاب على الذات، غلالة شديدة الرقة.
> الاصرار على إجابة مراوغة، تدفع لاعادة طرح السؤال بلا توقف.
> ماذا يفيد الانسان إذا تحول صدره إلى مقبرة لضميره؟!
> فى غيبة الوفاء، مستقبل الحب وراء ظهر من يدعى أنه يحب!
> قاموس لـ «المعانى المفقودة».. هل يتصدر الـ «بيست سيلر»؟ أشك!
> «التكرار لا يُعلم الشُطار».. أظن إنه يصيبهم بالملل الشديد.
> الأحلام كما البحار تخضع لظاهرة المد والجزر!
> الرحم أجمل وطن، يكفى اشتقاق اسمه من صفة الرحمن.
> أن ترى الحدث من خارجه وأنت فى دائرته، نعمة لايعرف قيمتها كثيرون.
> تختلط على البعض سمات المؤدب والجبان، وحده اللبيب يلتقط الفرق.
> الأكثر سوءاً، اضطرارك للمفاضلة بين السيئ والأسوأ!