«حرب الفتاوى»| السلفيون يرفعون راية التحريم.. واعتذار «الحويني» يضعهم بمأزق

الشيخ أبو إسحاق الحوينى
الشيخ أبو إسحاق الحوينى

يواصل السلفيون حربهم على دار الإفتاء المصرية، رافعين شعار التحريم كمنهج مستمر وكأنهم ينتظرون أي فتوى لتحريمها واختيار عكسها، وربما مع اعتذار الشيخ أبو إسحاق الحويني، الداعية السلفي، عن بعض فتاواه في إحدى المسائل الشرعية، زاد الأمر اشتعالا ما دفع بعض السلفيين لتبرير الاعتذار، فيما وقف ابنه إلى جانبه دفاعا عنه.

ومن بين أحدث الفتاوى التي تعرضت للهجوم في الفترة الأخيرة هي الفتوى الخاصة بحكم الاحتفال بعيد الحب.

الاحتفال بالحب حرام


مع احتفالات العالم بعيد الحب الشهير بالفالنتين، أعادت بعض المواقع نشر فتوى سابقة للشيخ أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، يقول فيها أنه لا مانع أبدا في الشرع أن يتفق الناس على أيام معينة يجعلونها خاصة لبعض المناسبات الاجتماعية طالما لا تختلف مع الشريعة، مثل يوم تكريم الأم فلا مانع منه، ولا مانع أن نتخذ يوما من الأيام كي يظهر كل شخص للآخر عن مشاعره نحوه وأنه يحبه.

واستدل بحديث للنبي صلى الله عليه وسلم دعا فيه المسلم أن يخبر أخاه بحبه فيقول له «إني أحبك في الله»، مؤكدًا أن مفهوم الحب أشمل من تلك العاطفة بين الرجل والمرأة، ففي هذا اليوم يمكن أن أعبر عن حبي لأولادي أو لصديقي أو لأهلي.


وأكد أن الاحتفال مقيد بأنه لا يتم فيه أي ما يخالف الشرع أو الدين، وأن يتم التعامل فيه وفقا للآداب الشرعية، وسمي عيدًا لأنه يتكرر».

 

رد السلفيين:


وهنا رد السلفيون على هذه الفتوى بطرق هجومية، فقال سامح عبد الحميد، الداعية السلفي، أن عيد الحب يُشجع على الفسق والفجور، ووسيلة للمنكرات، وعيد بدعة لا أساس له في الشريعة، ويدعو إلى اشتغال القلب بمثل هذه الأمور التافهة المخالفة لهدى السلف الصالح رضي الله عنهم.

وأضاف أنه عيد روماني جاهلي، ارتبط بالقس المعروف باسم فالنتاين، ويحتفل به الكفار ويشيعون فيه الفاحشة والمنكر، ويترتب عليه مفاسد كثيرة مثل الاختلاط المحرم بين الفتيان والفتيات، وتبادل أحاديث العشق والفسق».

أما السلفي محمد حسين يعقوب، فرأى أن الاحتفال بعيد الحب أساسه إحياء لرجل غير مسلم، ومن احتفل به فهو يتشبه بقومه، ومن تشبه بقوم فهو منهم، والاحتفال بعيد الحب وغيره من الأعياد المبتدعة، هو حرام شرعا، والاحتفال به أمر خطير جدا.

من جانبه، قال أبو إسحاق الحويني، إن عيد الحب ليس بعيد للمسلمين، وإنما هو عيد الكفار، ولا يجوز التشبه بالكفار في أي صفة من الصفات، قائلا: «لا يوجد أحمر من هذا اليوم».

 

ومن بين أبرز الفتاوى الأخرى التي تسببت في هجوم من السلفيين على الإفتاء، الفتاوى التالية:

ختان الإناث:


أكدت دار الإفتاء المصرية، أنه لم يرد نصا شرعيا يأمر المسلمين بأن يختنوا بناتهم، كما لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قام بختان بناته الكرام، موضحة أن بعض المتصدرين للفتوى يزعمون بدون علم أن منع الجهات الصحية المسئولة لعمليات «ختان الإناث» يعد مخالفة للشريعة الإسلامية.

وأشارت إلى أن أهل الذكر من الأطباء، أكدوا أن ختان الإناث له أضرار قد تصل إلى الموت، مشددة على أن شريعة الله جاءت لحفظ الأنفس، وكل عمل يهدد هذا المقصد فحكمه الحرمة.

وأضافت أن «ختان الإناث» ليست قضية دينية تعبدية، بل هي عادة انتشرت بين دول حوض النيل قديما، فكان المصريون القدماء يختنون الإناث، ولم تقف تلك العادة على دول حوض النيل بل انتقلت إلى بعض مناطق العرب.

 رد السلفيين


فقال الداعية السلفي سامح عبد الحميد، إن دار الإفتاء تمنع ختان الإناث، مع وجود فتوى شيخ الأزهر الأسبق الشيخ جاد الحق علي جاد الحق، يقول بعد أن عرض الأقوال في المسألة: «وخلاصة هذه الأقوال إن الفقهاء اتفقوا على أن الختان في حق الرجال والخفاض في حق الإناث مشروع».

وهاجم نجل الحويني الدار، قائلا: «هذا الحكم على إطلاقه بالحرمة لا يقوله إلا جاهل لم يقرأ كتابًا في الفقه؛ فختان النساء مشروع كختان الرجال، لكنه أكد في حق الرجال، وقد اتفق الأئمة على أنه مشروع، وإن اختلفوا في كونه واجباً أو مستحباً، لكنه مشروع يا دعاة الباطل!».

- الكريسماس:


وكان مفتي الديار الأسبق الدكتور نصر فريد واصل، قال خلال فتوى على موقع دار الإفتاء المصرية، إنه لا مانع شرعًا من تهنئة غير المسلمين في أعيادهم ومناسباتهم، وليس في ذلك خروج عن الدين كما يدَّعي بعض المتشددين غير العارفين بتكامل النصوص الشرعية ومراعاة سياقاتها وأنها كالجملة الواحدة.

وأضاف أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل الهدية من غير المسلمين، وزار مرضاهم، وعاملهم، واستعان بهم في سلمه وحربه حيث لم يرَ منهم كيدًا، كل ذلك في ضوء تسامح المسلمين مع مخالفيهم في الاعتقاد، ولم يفرق المولى عز وجل بين من المسلم وغير المسلم في المجاملة وإلقاء التحية وردها؛ قال تعالى: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾ [النساء: 86]، والتهنئة في الأعياد والمناسبات ما هي إلا نوع من التحية.

- رد السلفيين:


وأشار مؤشر الفتوى العالمي إلى مجموعة من الفتاوى المتطرفة مثل فتوى «حسين مطاوع» السلفي حيث قال: «إذا كنا نقول ببدعية الاحتفال بالمولد النبوي وننكر على مَن يحتفل به لمخالفة ذلك سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم وفعل صحابته والتابعين من بعده، فكيف بمن يشارك النصارى احتفالهم بميلاد ابن الرب؟!».

وفتوى السلفي سامح عبد الحميد: «يجوز تهنئة المسيحيين بمناسباتهم الدنيوية وليس الدينية، والكريسماس من جملة شعائرهم الدينية، والمشاركة فيه حرام ومنكر عظيم، ويحرُم الاشتراك فيه بأي شكل؛ فلا يجوز تقديم الهدايا، وتبادل التهاني».

وأفتت «الدعوة السلفية في مدينة صبراتة الليبية»، فقالت: «أن يرتكب المسلم جميع الكبائر مجتمعةً أهون عند الله من أن يُهنِّئ النصراني بعيده»، أما الإخواني وجدي غنيم، فقال: «إن المسيحيين كفار لا يجوز تهنئتهم بمناسباتهم الدينية».

- الاحتفال بالمولد النبوي الشريف


قالت دار الإفتاء، إن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف شاهدٌ على الحب والتعظيم لجناب سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم والفرح به، وشكرٌ لله تعالى على هذه النعمة، وهو أمرٌ مستحبٌّ مشروعٌ، ودرج عليه المسلمون عبر العصور، واتفق علماء الأمة على استحسانه.


وأضافت أن المراد من الاحتفال بذكرى المولد النبوي، أن يقصد به تجمع الناس على الذكر، والإنشاد في مدحه والثناء عليه صلى الله عليه وآله وسلم، وإطعام الطعام صدقة لله، والصيام والقيام؛ إعلانًا لمحبة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإعلانًا للفرح بيوم مجيئه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم إلى الدنيا.

 

- رد السلفيين:


ويرى السلفي ياسر برهامي، والفريق التابع لمنهجه من شيوخ السلفيين، أن الاحتفال بالمولد النبوي يعد بدعة منكرة، على أساس أن الصحابة كانوا يحبون النبي صلى الله عليه وسلم ورغم ذلك لم يحتفلوا بمولده.
وأفتي سامح عبد الحميد، بتحريم هذا الاحتفال، موضحا أن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يحتفل بيوم مولده.

واستند السلفيون إلى أن يوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم، محل خلاف، ولم يثبت بشكل قاطع أنه في الـ12 من ربيع الأول، إذ إن بعض كتب السيرة تشير إلى تواريخ أخرى مثل: 8 ربيع الأول، و10 ربيع الأول.

ومع اعتذار الحويني، وجد السلفيون أنفسهم في دائرة ضيقة، حيث لا يعرفون كيف يخرجون منها، لأنهم في كل مرة يؤكدون أنهم على حق ولا يخطئون أبدًا، كما اشتعل الموقف بشكل كبير على السوشيال ميديا بهجوم أكبر من الرافضين للفكر السلفي.